أحداث فريدة ، ومآسٍ لا حصر لها ، وتوّهج لن يخبو مع الزمن .. كل هذا وغيره تحمله ركلة الجزاء ، وعندما يقف لاعب بقامة رونالدو أو ميسي أو روني أو روبين، ينهمك الخبراء على المدرجات بإجراء العمليات الحسابية الأربع من أجل الوصول إلى السر الكامن وراء إهدار فرصة تكاد تكون حقيقية لإحراز هدف .. وليست تلك المرة الأولى التي ينشغل فيها خبراء الكرة بالبحث عن مسببات إهدار (الجزاء) أو تحويل الفرصة إلى هدف قد يحسم مباراة بأكملها ، فمنذ أن وضعت القوانين البدائية لكرة القدم وركلة الجزاء تمثل حدثاً مثيراً للجدل سواء في احتسابها ، أو في تنفيذها ، أو في إهدارها !
ولم تكن كلمة الخبراء مختلفة هذه المرة .. ثلاثة منهم (جون والاس وريان تومسون وبريك دونغ) أصدروا كتابا في لندن حمل عنواناً لافتاً (الجزاء .. مأزق الكبار) أوردوا فيه كل ما يخطر في البال عن الركلة المميتة.. جاءوا باستشهادات بعيدة وقريبة من مباريات مغمورة وأخرى شهيرة تورطت فيها قامات كروية كبرى من قبيل بوشكاش وبيليه وريفيلينو ومارادونا وبلاتيني وصولاً الى ميسي ورونادو وروني.
يقول الخبراء ، في جزئية من الكتاب ، إنه ومع نهاية الموسم الانكليزي الماضي ، أظهرت الأرقام والإحصاءات تبدلاً شديداً في أحوال الركلة التي كنا نعدّها ذات يوم هدفاً مؤكداً بنسبة تفوق التسعين بالمائة.. فمن بين 109 تم احتسابها خلال المراحل المقطوعة من الموسم سجل اللاعبون 89 هدفاً.. ما يشكل نسبة 75 بالمائة من النجاح ، وهذه أعلى نسبة تؤشرها ركلة الجزاء في تاريخ الكرة الانكليزية وبضمنه الدوري المحلي الذي بدأ عام 1888.
مجلة (ماتش أوف ذي داي) الأسبوعية الانكليزية المتخصصة في كرة القدم لم تكتف بالإشارة إلى الهبوط المريع في مردود اللاعبين المشاهير المنفذين لركلات الجزاء، وإنما قالت إن النسبة في نجاح التنفيذ تتنازل من موسم إلى آخر.. فعلى سبيل المثال كانت هذه النسبة 73 بالمائة في الموسم الماضي، وكانت 80 بالمائة في الموسم الذي سبقه !
ولكن ماذا عن الجانب الآخر من الظاهرة برمتها ، ماذا عن قدرة حراس المرمى على تحسين أدائهم لدى تلقيهم الكرات وقدرتهم على التعامل معها بحرفية عالية وبردود أفعال غير مسبوقة ؟
لابد هنا من الإشارة إلى أن توظيف العلوم الأخرى غير الكروية في كرة القدم، نقل حراس المرمى من حال إلى حال.. فقد دخلت الهندسة في تحديد الأبعاد والزوايا في معظم الحالات وليس كلها ، ولهذا بات الحارس في اغلب ركلات الترجيح يتجه من فوره إلى اليمين أو الشمال من دون أن ينتظر جزء الثانية الذي يتم فيه التنفيذ .. والمعنى إن التخمينات لدى الحراس صارت تستند إلى حقائق وأرقام تتعلق بالقدم التي يستخدمها اللاعب المنفذ أو درجة ميله يميناً أو يساراً.. وهكذا صار المدربون ينصحون حراس المرمى بالاستفادة من هذه المعطيات والوصول إلى تخمين سريع بدلاً من انتظار كرة قوية لا يمكنهم التصرف إزاءها بأي شكل من الأشكال !
وقائع جديدة ، وملامح أخرى لكرة القدم لم نكن نألفها قبلاً .. وبهذا كله ، وبغيره من التحولات تحفظ الكرة لنفسها مكان الصدارة في اهتمامات الناس ، ومن دون منازع.
(الجزاء).. مأزق الكبار!
نشر في: 15 ديسمبر, 2013: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)