فقد العراقيون – وهذه نعمة لانقمة – حاسة الفضول، ليس من عراقي يسأل ويتساءل حتى في سره: كم هو عدد المسؤولين الذين يحفظون علاقاتهم مع الناس؟، كم نائباً يعرف قضايا مواطنيه وكيف يعيشون؟، كم مسؤولاً يباسط الناس ويصغي الى شكاواهم وآرائهم وانطباعاتهم؟
لا يتذكر المسؤول سوى نفسه ، يضرب حوله سياجاً دائرياً من الحرس والعيون ولايترك ثغرة في هذا الجدار العازل تدخل منها آراء الناس ومشاكلهم. منذ أيام السلاطين تعلم الحكام ان الشعب لايؤتمن وان الناس حمقى آرائهم وأهوائهم، والاهم حمقى اختياراتهم.
يكتب الفرنسي جلين بليك في كتابه "المجادلة مع الحمقى" : " ان للحمقى ايضا من يعجب بهم، وهم الأكثر حمقاً منهم "، وقديما خصص احد التقاة " ابن الجوزي" كتابا سرد فيه أخبار الحمقى والمغفلين وضع فيه وصفاً للحمق قال: "معنى الحمق والتغفيل هو الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب، ، فالأحمق، سلوكه للطريق فاسد ورؤيته في الوصول إلى الغرض غير صحيحة".
تمنيت ان يقرأ جميع الساسة العراقيين مذكرات اثنين ممن صنعوا تاريخ بلادهم، ونستون تشرشل وشارل ديغول فسوف يتبين لهم بوضوح معنى ان يصبح المرء سياسيا ، فقد كان لدى الرجلين الفهم الحقيقي لمعنى العمل السياسي والشعور الوطني .
ديغول فرنسا ، هذا الجنرال يختلف مع رئيس وزرائه جورج بومبيدو لأن الأخير قال في اجتماع الحكومة "الشعب الفرنسي فوضوي وغير منظم ، ويحسن بنا ان نقوده"، ليعترض الجنرال قائلا "إن كلمة قيادة غير لائقة، لا يمكن ان تقاد الشعوب على أهواء سياسييها" ، فيما تشرشل الضخم يسطر في مذكراته هذه الكلمات: الأحمق هو شخص لايريد ان يغير رأيه ، ولايريد أن يغير الموضوع.
لا يعترف السياسي "الأحمق " بالخطأ ويعتقد ان "الخطأ والصواب" لا علاقة لهما بالفشل.. حين حوّل مرسي، أكبر دولة عربية مثل مصر إلى بلد مفلس يخضع لحكم "الأهل والعشيرة "، فالأمور لا تتعدى "تجارب تخطئ وتصيب "، وحين يتقدم بلد مثل العراق سُلّم البلدان الأكثر قتلاً وتشريداً لمواطنيها ، فان الأمر يدخل أيضا في قائمة " تجارب الحمقى ".. فلا مشكلة ان يتدرب "الفاشلون " لإدارة المؤسسات الأمنية! وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس يعتقدون ان الانتكاسات الأمنية في البلاد لاترتقي الى مستوى الكارثة ، او الانهيار الأمني؟ أتمنى عليكم ان تقرأوا هذه العبارة ثانية ، فهي جزء مهم من حديث الأربعاء للقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي .
إليكم المشهد الثاني الذي لا سابقة له في العراق: نائب يعتبر ان الحديث عن فوضى الأمن ، وهروب السجناء من الصغائر، ولايليق بشخص مثل رئيس مجلس الوزراء ان يخرج على الناس فيقول لهم ماذا جرى. فليس المطلوب من المالكي ان يقدم جرد حساب يومي للخراب . فحسب نظرية النائب علي الشلاه فان :" التركيز على صغار العمليات الأمنية وكبارها في كل حين يفقد خطاب رئيس الوزراء وكلمته معناها ويحوله الى نشرة أخبار وليس المطلوب من رئيس الوزراء ان يقدم نشرة أخبار ، ومن هنا كانت كلمات المالكي مركزة على الأمور التي تعد هي الأهم في ذلك وأيضاً على الأمور التي ليست سلبية فقط والتي يريد البعض ان يغرق البلد بها".
والان دعونا نبحث في القضايا الصغيرة التي لايريد الشلاه ان ينشغل بها المالكي ، كمثل الذين يموتون كل يوم بالعشرات ، ومثل الذين يعرفون ويخافون ان يشيروا مجردة إشارة لمليشيات القتل والتهجير القسري ، ومثل الملايين الذين يحلمون بالأمان في بلاد لا يعتبر فيها العدل والحرية والتعليم والصحة والأمن قضايا كبرى ..
يعيش العراقي منذ زمن طويل وهو مدعو الى ساحات تلقى فيها الخطب والشعارات بالأسلوب الساذج .. احاديث مضحكة وعقيمة عن دولة القانون وعن الازدهار والقضايا الكبرى التي تشغل بال المسؤول ، هذا هو شعور المرحلة .. وكل مرحلة .
والان هل تريد ان تعرف : لماذا كثير علينا نحن أبناء هذا الوطن المنكوب، أن يخرج رئيس مجلس الوزراء على الناس ويُجيب على تساؤلاتهم ، عن الأمن والعدالة الغائبة ، والفساد الذي استوطن جسد مؤسسات الدولة .. اذا أردت الإجابة .. تذكر معي ما قاله الساخر برناردشو يوما ، لاحد أعضاء مجلس العموم البريطاني: "ياسيدي هل تريد ان تقنعني ان جميع من في هذا المبنى -يقصد البرلمان- ليسوا بحمقى؟".
نشرة أخبار علي الشلاه
[post-views]
نشر في: 15 ديسمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
اليس الشلاه من الحمقى ومتملق ومنافق الم يكن يخدم النظام السابق وكان متفانيا في خدمة الطاغية وابنه عدي وكان من البعثيين الحمقى واليوم تعتب على هذا المنافق الكذاب وتريد منه ان يقول قولا عادلا لو كان هناك مجالا لكتبت ماكان يقوله في صحف النضام البائد لكنللاسف