اختار النائب عن كتلة "متحدون" محمد اقبال ثلاث جهات ليرفع في وجهها سيف نقده، لأنها تستهدف مجلس النواب وتسعى للتأثير على دوره التشريعي، بحسب ما صرح به أمس (شفق نيوز).
السيد اقبال صوّر المؤسسة التي يشتغل فيها (البرلمان) بانها تتعرض "الى حصار من ثلاث جهات، أولها بعض المؤسسات الاعلامية التي دُفعت لها أموال ومبالغ كبيرة لاستهداف مجلس النواب بشكل يومي، إضافة الى مجلس الوزراء الذي يسعى الى السيطرة على صلاحيات الجهاز التشريعي". وأضاف ان "الجهاز القضائي يتدخل في تشريع بعض القوانين رغم محاولة مجلس النواب تشريع قانون يحدّ من تدخل القضاء".
لن أتعصب للاعلام لأدافع عنه حقاً وباطلاً، فالنائب اقبال على حق في قوله ان بعض المؤسسات الاعلامية دُفعت لها مبالغ مالية كبيرة لاستهداف البرلمان. هذه حقيقة نعرفها. وأزيد السيد النائب من الشعر بيتاً بان هذه المبالغ منهوبة من المال العام في الغالب، وان الاستهداف لا يقتصر على البرلمان وانما يتسع نطاقه ليشمل كل ما هو خيّر ووطني ونزيه في هذا البلد.. وبودي أن اشير الى مثال واحد فقط من الأمثلة الفاقعة، هو مثال قضية البنك المركزي، فكل الاجراءات التي اتخذت قبل أكثر من سنة ضد البنك وقيادته باطلة لتعارضها تعارضاً صارخاً مع أحكام الدستور ومع قانون البنك المركزي والنظام الداخلي لمجلس النواب. وهذا التعارض مارسه وأصرّ عليه، الى جانب رئيس السلطة التنفيذية، رئيس مجلس النواب ونائبه الاول والسلطة القضائية وهيئة النزاهة. ومع هذا فان المؤسسات الاعلامية قابضة المبالغ الكبيرة من المال العام المنهوب لعبت في هذه القضية دور محامي الشيطان.
لا خلاف مع النائب اقبال في ان الحكومة والسلطة القضائية كانتا في طليعة مستهدفي مجلس النواب بوصفه سلطة التشريع وسلطة المراقبة والمحاسبة في دولتنا. لكن من المسؤول عن هذا؟
ليس في وسع المؤسسة التي يعمل فيها النائب اقبال ان تتنصل عن مسؤوليتها.. مجلس النواب الذي جعل منه الدستور السلطة الأعلى في البلد رضي بملء ارادته بان يكون خانعاً وخاضعاً وتابعاً للسلطة التنفيذية التي تحوّلت بمساعدة السلطة القضائية الى بلدوزر عملاق يكتسح كل ما يقف في طريقه.
مجلس النواب لم يحرّك ساكناً ليوقف بلدوزر الحكومة المسعور عند حده، ولم يفعل شيئاً ليواجه السلطة القضائية بحقيقة انحرافها عن استقلالها وحيادها ونزاهتها، وانحيازها الى جانب السلطة التنفيذية بسبب تعرّض رئاسة السلطة القضائية والمحكمة الاتحادية للابتزاز والتهديد بفتح ملفات المساءلة والعدالة في وجهها إن لم تُذعن إلى ما تريده الحكومة.
مجلس النواب كان في وسعه فعل الكثير لوقف طغيان السلطة التنفيذية، من توجيه المذكرات الى عقد المؤتمرات الصحفية والجلسات الخاصة العلنية.. بل حتى الى دعوة الناخبين للتظاهر والاحتجاج على تغوّل الحكومة بالتواطؤ مع القضاء على السلطة التي انتخبها الشعب.
السيد إقبال.. مؤسستك حنثت باليمين الدستورية وخانت الامانة، فلُمها لأنها هي الطرف الاول المسؤول الأول عن استهداف نفسها.
البرلمان والبلدوزر المسعور
[post-views]
نشر في: 15 ديسمبر, 2013: 09:01 م