عن : شاثام هاوسترجمة عبدالخالق عليكان تأثير نيلسون مانديلا على أفريقيا و العالم كبيرا جدا . لم يحظَ أي زعيم أفريقي أبداً بهذا الشموخ و هذا التبجيل. لننظر الى الإصدارات الصحفية الخاصة في العالم اليوم ، لقد توقف العالم ليعكس خسارة الإنسانية .في الحاد
عن : شاثام هاوس
ترجمة عبدالخالق علي
كان تأثير نيلسون مانديلا على أفريقيا و العالم كبيرا جدا . لم يحظَ أي زعيم أفريقي أبداً بهذا الشموخ و هذا التبجيل. لننظر الى الإصدارات الصحفية الخاصة في العالم اليوم ، لقد توقف العالم ليعكس خسارة الإنسانية .
في الحادي عشر من شباط 1990 ، أطلق سراح نيلسون مانديلا من السجن بعد اكثر من 27 عاما، و انتخب كأول رئيس أسود لجمهورية جنوب أفريقيا في أول انتخابات علنية في تاريخ البلاد في نيسان 1994 و تنصيبه رئيسا في العاشر من مايس .
لم يكن مانديلا يشبه أي رئيس أفريقي آخر؛ كان ودوداً ، يمتلك روح الدعابة ، يحمل إحساسا قويا بالغاية و بالعدالة الاجتماعية . طارت سمعته و غطت على كل زعماء أفريقيا. في قارة يرغب زعماؤها بالبقاء في مناصبهم لأطول فترة ممكنة، أصر مانديلا على أن يعمل لولاية واحدة من خمس سنوات ثم تنحى عنها في حزيران 1999 . خلال رئاسته، كان رمزا للمصالحة اكثر مما كان رئيسا سياسيا، حيث فوّض الكثير من الواجبات اليومية لنائبه ثابو مبيكي الذي خلّفه في نهاية المطاف .
كرئيس للبلاد، أكد مانديلا على ان حقوق الإنسان هي التي تقود السياسة، و على ضرورة معاملة دول الإقليم بحساسية و احترام. شعر ملنديلا بصدمة لعدم مبالاة منظمة الوحدة الأفريقية في ت2 1995 تجاه احتجاجه على إعدام كين سارو ويوا و رفاقه في نيجيريا . في عام 1998 انتهت عملية توغل عسكرية في ليسوتو بما يشبه الكارثة، حيث وجدت جنوب أفريقيا ان رؤيتها لحقوق الإنسان تناقض جيرانها الذين كانوا يفضلون السلطة القضائية المحلية . التضامن مع أصدقاء النضال ضد الفصل العنصري مثل ليبيا و كوبا و الجزائر، قلص المخاوف من انتهاكات حقوق الأنسان – المتمثلة بمبيعات الأسلحة ، رغم ان مانديلا و خليفته مبيكا كانا يفضلان الوسائل الناعمة للوساطة و المساعي الحميدة و غيرها من أشكال حل الصراعات على أسلوب القوة الصلبة . لا يزال نهج جنوب أفريقيا تجاه زيمبابوي مستمرا على هذا المسار حيث ان تضامن التحرير ينسخ حقوق الإنسان .
بعد تنحيه عن الرئاسة استمر مانديلا لبضع سنين بالانخراط في السياسة الخارجية خاصة في الشرق الأوسط ، حيث انتقد موقف الرئيس جورج دبليو بوش بشأن العراق قائلا بان بوش لا يمتلك بعد النظر و يفتقر للتفكير السليم . حقق مانديلا نجاحات بارزة، فلقد ساعدت قيادته في التوصل الى معاهدة اوتاوا للألغام الأرضية عام 1997 حيث قاومت جنوب أفريقيا ضغط الرئيس الأميركي حينها بيل كلينتون ضد المعاهدة. كما تلقت مفاوضات معاهدة حظر الانتشار النووي دفعا كبيرا من خلال قرار نظام جنوب أفريقيا في تبني موقف واضح على عكس الموقف النووي الغامض لسلفه النظام العنصري، حيث كان نظام جنوب أفريقيا العنصري يمتلك برنامج أسلحة نووية منذ 1974 لغاية 1990 . منذ تفكيك برنامجها للأسلحة النووية، أصبحت جنوب أفريقيا بطلا لجهود حظر الانتشار النووي. في 11 نيسان 1996 وقعت جنوب أفريقيا مع 42 دولة أفريقية أخرى معاهدة المنطقة الأفريقية الخالية من الأسلحة النووية ( معاهدة بليندابا ) ؛ هذه المعاهدة دخلت حيز التنفيذ في حزيران 1996 ، و تم قبول جنوب أفريقيا في مؤتمر الأمم المتحدة حول التفكيك في جنيف ، و في ايلول وقعت جنوب افريقيا معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية .
كان تحقيق التسوية الدستورية لعام 1994 التي أنهت أخيرا الفصل العنصري، من اعظم إنجازات مانديلا و لايزال الجنوب أفريقيون يؤمنون بانها يمكن ان تكون نموذجا للتحولات في أي مكان آخر من العالم . أذن أين ترك موت مانديلا جنوب أفريقيا ؟ قادة جنوب أفريقيا اليوم يفتقرون للقوة المعنوية لمانديلا ؛ الرئيس جاكوب زوما يحرص على إعادة انتخابه لولاية ثانية، و الاقتصاد ضعيف و دون المطلوب.
لقد ذهبت أيام عهد مانديلا العنيدة 1994 – 1999 لكن إرثه لازال باقيا، و تبقى جنوب أفريقيا بلدا حيويا متنوعا ؛ المؤتمر الوطني الأفريقي يقدم أفضل الخيارات للتنمية و لتقليص الفقر الا ان قيادته تبتعد تدريجيا عن الفقراء و المحتاجين، كما ان أحزاب المعارضة تزداد قوة .
لكن ما أوضحه مانديلا هو ان القيادة الديناميكية لحزب المؤتمر الوطني يمكن تحقيقها . ينبغي لقيادة جنوب أفريقيا اليوم ان تعكس ذلك في الوقت الذي تعلن حدادها على وفاة مانديلا . اذا ما أرادت جنوب أفريقيا ان تحقق طموحها في ان تكون قوة تقدمية في مكافحة عدم المساواة في العالم ، فعليها القيام بما هو أفضل في الداخل . لقد انتهى شهر العسل و لكن تبقى إنجازات نيلسون مانديلا رائعة و مصدرا للإلهام .