أمضى القذافي سنواته في الحكم وهو يعلن للعالم نظرية جديدة خلاصتها "ان الديموقراطية لا تعني عدم التجديد ،الديموقراطية هي ان تجددوا مرة واثنتين وخمساً"، وفي أفريقيا نفسها سمعنا الرئيس جوليوس نيريري الذي قاد تنزانيا الى الاستقلال يخبر شعبه بانه لن يستمر في الحكم،: "فالديمقراطية من دون كرامة بشرية، رق سيئ، ووسادتي لم تعد تتحمل ثقل هذا الرأس المليء بالخذلان، ضميري مثقل وجسدي متعب".
أرجو ألا يظن أحد أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين حاكم مستبد، وآخر يرى في الحكم وسيلة لا غاية، لكنني أحاول القول إن لا شيء يحمي الدول من الخراب سوى سياسيين صادقين، في العمل وفي الاعتراف بالتقصير، في الصح وفي الخطأ.
منذ أيام يخط آلاف الهنود على ملابسهم عبارة "أنا إنسان عادي" وهي كلمات كان غاندي قد اطلقها في وجه تشرشل.. العبارة التي عادت بقوة الى الشارع الهندي يرفعها اليوم شباب وضعوا لهم هدفاً رئيسياً هو محاربة الفساد، المدهش في الأمر ان هؤلاء الشباب اتخذوا من المكنسة شعارا لحملتهم التي تهدف الى كنس المفسدين والسراق ونهازي الفرص.
لا أعتقد أن هناك من يمل من الحديث عن سيرة الرجل النحيف الذي قال لأعدائه ذات يوم:" لقد عرفت القانون وجربته فنجح اعظم نجاح، ذلكم هو المحبة وبها ستتحرر الهند "
الشهر الماضي، مرَّت ثمانون عاما على قرار غاندي البدء بالصيام احتجاجا على التمييز ضد المنبوذين الهنود ، كان غاندي يقول لمرافقيه إن هذا الصيام سيكون الخطوة الأولى في تحقيق الحلم بهند تنبذ العنف وتسعى للحرية...
اختصرها غاندي الذي كان يرفض أن يخدع الناس: "إني أوثر الانتظار أجيالا وأجيالا، على أن ألتمس حرية شعبي بالخطب الزائفة والزاعقة " يتكرر مشهد اصحاب الشعارات والبدلات البراقة على مر العصور دون أي تغيير ، مجرد إضافات جديدة ، ألم يخبرنا المالكي أننا الشعب الأول في مجال الحريات والاستقرار والازدهار والتنمية، ونسى ان يضيف الى قائمة الامتيازات ،القتل والفساد وسرقة مستقبل المواطن
تأملوهم جميعا. كل واحد يستخدم لغة "القائد المؤمن " بجمله وتعبيرات وجهه وعصبيته وابتسامته.. يقال إن موسوليني كان يرتدي قفازات سود يلوح بها قبل كل خطبة نارية.. كل ما نراه من على شاشات الفضائيات من انهيار لقيم الحياة، هو تلويح بالفشل بأيدي ساسة أميون ، كتبوا ويكتبون كل يوم أسو أ صفحات في تاريخ الإنسانية .
كم سنحتمل من استعراضات ساستنا "الأشاوس" الذين يريدون منا أن نتربى على خطبهم، وأن نرفع شعار السمع والطاعة؟ كم مرة سنتحمل سياسياً يريد منا أن نلغي كل إمكانية التفكير والبحث، من خلال استدرار عواطف البسطاء واستغفالهم؟!
. لقد أظهرت تجربة سنغافورة وقبلها ماليزيا كيف يمكن إقامة العمران والرفاهة والعدالة الاجتماعية،، من دون خطاب سياسي واحد. بل حتى من دون موارد طبيعية، في حين تشكل بلاد الرافدين أغنى مساحة عربية. لكنها تحولت بفضل صبيان السياسة الى اكبر ساحة للشعارات ، وصور محتار العصر.
الذين هزموا الظلم وكسروا جبروت الطغيان وأعلوا كرامة الانسان، لم يكونوا قادة معارك ولا اصحاب خطب وشعارات، كانوا رجالا يحبون شعوبهم لا اقاربهم وازواج بناتهم من شاكلة " ابو رحاب " حرر غاندي الهند من اضخم استعمار في العالم ، دون ان يطلق رصاصة واحدة ، وهزم البلد الذي اشتهر بكبار القادة العسكريين..
ما أحوجنا اليوم الى شباب يرفعون المكنسة شعاراً ويواصلون إرثاً ثقافياً بغدادياً بدأه قبل سبعة عقود شيخ الساخرين "ميخائيل تيسي " الذي أصدر أول صحيفة عراقية فكاهية أسماها " كناس الشوارع " أراد من خلالها انتقاد العادات والنواقص في الناس والمجتمع، فاختار لها المكنسة التي لم تجلب له في النهاية سوى المصائب بعد أن وجد نفسه ذات ليلة محاصراً بالعصي والسكاكين ليقرر على أثرها رمي المكنسة في نهر دجلة، عسى ان نرمي في دهاليز النسيان، ساسة يعتقدون ان كراسي السلطة إرث في الحياة والممات.
لا انتخابات من دون "المكنسة"
[post-views]
نشر في: 17 ديسمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 2
خليلو٠٠٠
أولئك هندوس ، وهم في نظر هؤلاء مشركون! وهؤلاء الذين يحكموننا اليوم مؤمنون بالله موحدون له لا يشركون به شيئا ٠ نبي الهندوس !،، تلحف بالخام ، وما سرق وما اكل السحت قط ولم يميز الهندوس عن المسلم الذي شاركه شظف العيش . صار لهم بريطانيا عبدا خضعت لهم
ابو هبة
حبذا اخي علي حسين ، هذه الجموع المتجه بالزيارة الحسينية ، ان ترفع لافتات ، و تغير اتجاهها نحو المنطقة الغبراء ، وتكنس هؤلاء الحثالة ، وتخلص الشعب العراقي ، من هكذا وجوه عنفه نتنة ، من محتار العصر ابو حمودي ، الى بقية اللصوص ، و صبيان السياسة العفنة التي