TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إرث عراقي.. اطفال يوثقون طفولتهم

إرث عراقي.. اطفال يوثقون طفولتهم

نشر في: 18 ديسمبر, 2013: 09:01 م

موضوعات الافلام الست التي عرضت في إطار برنامج (إرث عراقي) ضمن منهاج مهرجان دبي السينمائي الاخير، كانت عن الطفولة وعالمها، وجل ابطالها من الاطفال ،بل ان بعض الافلام اتخذت من الطفولة عنوانا (اطفال الله)، (اطفال الحرب).. الطفولة المستلبة، التي تحملت وطأة آثام الكبار، النتاج الطبيعي للحالة الكارثية التي يمر بها الوطن، وايضا الشريحة التي تدفع ثمن المأساة.
الامر هنا لا يتعلق بمصادفة ما.. فشباب السينما الذين تصدوا لمهمة بلورة انطلاقة جديدة للسينما العراقية في السنوات العشر الاخيرة.. هم من اكتوى بنار الحروب واثارها المدمرة، فكان من الطبيعي ان يستعيدوا في موضوعات افلامهم طفولتهم غير المكتملة، الطفولة بوصفها ضحية لهمجية الكبار، الطفولة عندما نغادرها مبكرا مرغمين.
المخرجون الشباب هؤلاء استعادوا اذن طفولتهم، باشكال مختلفة يعكس كل منها جانبا من مأساتها –اي الطفولة-.
يحيي العلاق بعد (آني اسمي محمد) و(كولا) يستمر في موضوعته هذه الموضوع نفسه- في فيلمه –خزان الحرب- حيث حلم الطفل في حياة طبيعية.. طفل اصم يجبر على سرقة خزان زيت يدرأ عنه وعائلته طائلة الحاجة والبرد، لكنه في رحلة العودة بالخزان يصادفه ما يجعل هذه السرقة غير ذي جدوى، وكأني به مثل بطل الفيلم السوفيتي (الشجيرات).
لكن نجوى علي وبامكانية لافتة تختار موضوعاً مكتظاً بالدلالات.. طفلة تجبرها والدتها على التخلص من حمامات والدها المتوفي، وخلال صراعها اللامجدي للحفاظ عليها، يفاجئها النضوج الذي يضعها على اعتاب عالم مجهول تتراكم فيه معاناتها واحزانها.
لؤي فاضل وبعد تجربة مميزة في فيلم "قطن" نقف معه في فيلم (احمر شفاه) عند موضوعة الكبت والحرمان ومن خلال سيناريو محبك، عند فتية في مدرسة ثانوية يحلقون بخيالاتهم في درس الثقافة الجنسية، مع نموذج مدرستهم التي تغذي بهم مثل هذه الاحاسيس.. لكن "علي" من بينهم يشغله عن هذا الاحساس، رغبة في امتلاك، حذاء ماركة (نايك)... ولا يجد البديل الا في (احمر الشفاه) الذي يسقط من حقيبة المدرسة متدحرجا عند قدمي علي الذي يستخدمه في رسم العلامة التجارية لـ(نايك) على حذائه.. وهو هنا يتلبسه الاحساس نفسه ولكن بطريقة آخرى يكتمل بها الحرمان، ما يختلف عنه لؤي فاضل به عن ابناء جيله من المخرجين انه يلجأ الى تعقيد فكرته، لكنه في الوقت نفسه يجعلها سلسلة قريبة من المتلقي من خلال معالجة ذكية يتميز بها هذا المخرج الشاب.
الجميل في فيلم مهند حيال هو انه لم يعتمد التقريرية والمباشرة في توثيق حدث كارثي صار يعرف بـ(الاربعاء الدامي)، حيث لجأ الى استعراض اثر هذا الحدث المأساوي بحكاية تلخص هول الحدث، طفل في معية امه لزيارة قبر الوالد الشهيد، وبينما تنشغل الام امام القبر في (التطهير) من الحزن والالم، فان الطفل يجد الألفة في عالم الاموات هذا، متنقلا بين القبور يستقر فوق احدها وهو لطفلة من عمره، ليتشاركا اللعب هي في ابتسامتها الجميلة المؤطرة في صورة مقدمة القبر وهو بلعبته... يطلق صيحات قوية على طريقة "تارزان" وكأنه يفرغ طاقة ربما تلوث براءة عالمه.
حيال في هذا الفلم قارب الموت الذي لخصه مكان الحدث "المقبرة" من تحد الطفولة له باللعب وممارسة الألفة معه بوصفه قدراً.
في فيلم ميدو علي "اطفال الحرب" طفل يتيم يرسم بقلم الرصاص ما تختزن ذاكرته الغضة من احداث، فينقلها لنا خطوطا واصوات متناثرة، تعكس فوضى ما يحدث لتنعكس بدورها على ملامحه وهو منهمك برسم عالم ناله منه الاسى والحزن، والاهم اليتم.
احمد ياسين في فيلم "اطفال الله" يضعنا عند فكرة جميلة عالجتها كامرته بدراية وحرفة.. اطفال الله ويهم يشيخون مبكراً لترسم المأساة على وجوههم واجسادهم اهوالها. توق الطفل المعاق للتعليم والحياة السوية، وايضا لمشاعر انسانية طبيعية، وهو يعتلي جدار مدرسة لمراقبة مباراة للكرة بين طلابها اناثا وذكور.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram