ربما يرى البعض أن ما ذهب إليه مدرب المنتخب الأولمبي هادي مطنش في تبريره المسبق القريب من الاعتذار إلى الجمهور في حال لم يتمكن المنتخب من تحقيق النجاح المُرضي في بطولة غرب آسيا التي ستنطلق في العاصمة القطرية الدوحة يوم الأربعاء المقبل أمرا بديهيا استناداً الى فقر برنامج التحضير لهذه البطولة بعد ان ترك اتحاد الكرة المنحل المدرب وحيداً يواجه مصيره بيـده وعقله ، لكن واقع الحال يشير الى إمكانية التنافس على بطاقة الدور نصف النهائي ، بل وحتى الشروع بحلم خطف اللقب الذي فلت من قبضتنا في النسخة السابعة التي جرت في الكويت 2012.
وإذا كان عِلم كرة القدم يؤكد على العوامل الرئيسة لتحقيق هدف أي منتخب في العالم بتوفر المدرب الجيد واللاعبين المنتجين وخطة الاستعداد المبكر، فإن هناك عاملاً آخر يكاد تنفرد به الكرة العراقية وهو تطويع الظروف الصعبة والاستدلال على مفاتيح الفوز بدافع تعويض النقص مع تغليب سمة التحدي التي أهدت منتخباتنا ألقاباً مستحيلة بفضل تكاتف أفراد بعثة المنتخب والأرتقاء إلى مصلحة العراق والتركيز على المهمة بتفاصيلها الفنية بعيداً عن أية مشاغل أخرى وصلت حدّ قلق اللاعب على مصير أسرته أيام الاحتقان الطائفي المقيت فكان صادقاً مع نفسه وبلده ونذر نفسه في المستطيل الأخضر وأهدى شعبه أغلى الكؤوس القارية عام 2007 لم تزل الأكاديميات الرياضية العالمية تبحث عن أسرارها وغدت مضرب الأمثال على لسان بعض خبراء الكرة الأوروبيين كلما دنا الحديث من خصائص الفكر العربي في مجابهة تحديات كرة القدم.
ومن هذا المنطلق ، أجد أن التوليفة التي اختارها المدرب الكفء هادي مطنش قادرة على ترجمة تطلعاته وبلوغه مرحلة متقدمة من المنافسة الآسيوية في غربها ، فالمنتخبات المشاركة مضت في خطوة التجريب هي الأخرى لوجود استحقاقات كثيرة لها في العام المقبل ، وجاءت بطولة غرب آسيا في توقيت جيد لاختبار العناصر الرديفة والمؤهلة لتمثيل المنتخب الأول إذا ما استلزمت الحاجة ، ولهذا لا توجد مصاعب في مواجهة منتخبنا لشقيقيه البحريني والعُماني في المجموعة الثانية خاصة إن جلّ لاعبي الأولمبي سبق لهم إن واجهوا لاعبي البحرين في دورة الخليج 21 وتفوقوا عليهم ناهيك عن معاناة مدرب المنتخب الانكليزي أنطوني هادسون من عدم قدرته على إيجاد مفاتيح التنوع في أسلوب اللعب إذا ما حوصر لاعبوه في منطقتهم كما حصل في مباراة التأهل إلى نهائيات أمم آسيا الشهر الماضي أمام ماليزيا، وكذا الحال لزميله الفرنسي فيليب بورل مدرب منتخب عُمان حيث لم تتضح معالم الانسجام بين افراد المنتخب بدلالة عدم رضاه عن أدائهم امام اليمن في اللقاء الودي الذي أسفر عن هدف مبكر في الدقيقة 4 وبقي اللعب سجالاً حتى نهاية المباراة.
هناك رغبة أكيدة لدى هادي مطنش في إثبات قدرته على تخطي حواجز كثيرة واجهها في طريق استعداده لخوض بطولة غرب آسيا تأهباً للدخول في المعارك الكروية الأشرس أمام منتخبات كبيرة في تاريخها وامكانياتها (أوزبكستان والصين والسعودية) ضمن منافسات بطولة كأس أمم آسيا تحت 22 عاماً الشهر المقبل ، لذلك ينبغي ان ينتبه مطنش الى ضرورة تحديد شخصية المنتخب في الدوحة وعدم الإسراف في تبريرات التشكي لوسائل الإعلام لاسيما إن هناك من يتحيّن الفرص لإيقاد شرارة أزمة إعلامية تستهدف النيل من معنويات المدرب واللاعبين ما لم يتم التصدي لها بقوة وفرض ستراتيجية محددة للأولمبي منذ لحظة دخوله البطولة حتى نهاية المشوار.
الآمال الوطنية تبقى حية ولن يجففها اليأس طالما أن هناك أحد عشر لاعباً خبرنا غيرتهم وصبرهم وعشقهم للتحدي إكراماً لوطن نذروا له الحياة أباءً وأجداداً ليظلّ كبيراً بين الأمم ، فآن الأوان للأبناء أن يحفظوا الوصية : كرة العراق .. قلب الشعب إياكم إن تحزنوه.
وصية لأبناء مطنش
[post-views]
نشر في: 18 ديسمبر, 2013: 09:01 م