يدخل مؤيد البدري عامه الثمانين، وهو متعب ومغترب، لا يطل على الذين يحبوه ويعشقوه، يأتي بمئات الحكايات عن الرياضة وهمومها، ويطلق آهات الحزن والأسى لما آلت إليه حال العراق. لم تعرف الشاشة الصغيرة العراقية مثله، ليس لأنه كان صاحب ضربة البداية، بل لأنه كان صاحب الشخصية الطاغية الحضور، والعراقي الذي لايختلف على محبته اثنان.
من هم اليوم الذين يستكثرون على مؤيد البدري ان يعالج على نفقة الوطن وليس على نفقة المالكي؟ من منا يتذكر أسماء السياسيين الذين يتقاضون الملايين بحجة انهم جاهدوا في سبيل هذا الوطن؟ غريبة هذه الظاهرة، يراد لمؤيد البدري ان يظل محروما من رعاية العراقيين واهتمامهم لأنه عمل في زمن النظام السابق، متناسين جميعا انه سيبقى الأعلى لأنه قامة من الوطنية والذكاء والمشاعر تفوق بزمن مشاعر نُواب " الصدفة " وسياسيي " ما ننطيها ".. أحيانا أتفحص وجوه الساسة من على شاشات التلفزيون، وأتلفت لأتذكر أسماءهم فلا أجد احداً ، ويقفز دائما اسم مؤيد البدري، ضاحكا وطيبا.. ولهذا سأظل أروي دائما حكاية المكالمة الهاتفية التي فاجأني بها الأستاذ البدري قبل أيام، لأن لاحكاية أخرى لدي أرويها اهم منها، قبل أيام لأول مرة عرفت عن قرب معنى ان تكون كاتبا لك جمهور يتابعك ويقرأ ما تكتبه، عندما رن جرس الهاتف النقال ، لأسمع على الجانب الآخر صوت هادئ يقول لي: كنت أريد ان اتصل بك منذ مدة لكنني لا اعرف رقم هاتفك،، انا مؤيد البدري أردت ان أقول لك كلمة واحدة: شكرا.. فانا كل يوم أقرأ ما تكتبه ليلا قبل ان آوي الى الفراش وكلماتك تجعلني أؤمن بان لا احد يمكن ان يسرق هذا الوطن من أبنائه. لم اصدق ان الرجل الذي يحدثني على الجانب الآخر من الهاتف، هو مؤيد البدري الأبرع كما سماه العراقيون.
منذ ان ترك مؤيد البدري التلفزيون عام 1993، لم يعد أي برنامج رياضي يثير اهتمام العراقيين. باستثناء برامج الردح السياسي التي انتشرت في الآونة الأخيرة.. اليوم غاب صوت البدري الذي جمع العراقيين حوله اكثر من نصف قرن ، لنسمع صراخ وسياسيين يطالبون بامتيازات الجهاد متوهمين انهم حرروا العراق من سلطة الدكتاتورية، نواب وسياسيون منفعلون منذ سنوات.. في كل يوم نراهم أكثر عصبية.. يرفعون إصبعهم بوجه كل من يتحدث عن الخراب والانتهازية والقتل على الهوية ، قواتهم الدفاعية على أهبة الاستعداد لملاحقة ومحاصرة كل من تسول له نفسه الحديث عن أخطاء الحكومة وخيباتها.. يريدون من العراقيين جميعا ألا يغادروا عصر السمع والطاعة.. يقولون لك إن منصب رئيس مجلس الوزراء لا يمس ولا يجوز الاقتراب منه.
سيقول البعض إنه من العبث أن تتوقع من هؤلاء الملتصقين بكراسي الحكم، أن يؤسسوا دولتهم على العدالة الاجتماعية والتسامح، لانهم يبنون "سلطاتهم" على تغييب القانون وامتهانه واحتقار عقول الناس من خلال الصراخ بأعلى صوت " ما ننطيها أنا وعائلتي وعشيرتي، لو نذبح في الشوارع فلن ننطيها " ، كما أخبرتنا الزعيمة حنان الفتلاوي التي استحضرت كل خبراتها و"فصاحتها" للدفاع عن حكومة فاشلة يريد لها البعض أن تبقى جاثمة على أنفاس الناس، فالنائبة التي ظهرت في واحد من برامج التوك شو امس تصرخ في وجوه الجميع " ماننطيها " " وكأن لسانها قد وضع على جهاز تسجيل، يردد جملة فقيرة واحدة: إنهم لا يريدون أن يحكم العراق "شيعي" وهذه خدعة أخرى أرادت النائبة من خلالها أن توهم الناس أن المطالبة بالتداول السلمي للسلطة، هي محاولة لاستهداف مكون طائفي بأكمله.. إنها حروب الطائفية.... ليس مهماً أن تُدمَّر الدولة.. أو تتحول مؤسساتها إلى خرائب وإقطاعيات.. "ما ننطيها " الفتلاوي تعتقد أن السياسة فن القحط وانحدار الخطاب وغياب المسؤولية ،
أدمن ساستنا أخبار الدماء ومشاهد رمي الجثث في الطرقات. وأدمنوا مشاهد الصراخ والحرائق والكذب والخديعة. واعتادوا ان ينظروا إلى الى العراقيين ويهتفون: كلكم متآمرون ومن أزلام النظام السابق، كل هذا من اجل ان يستمر نوري المالكي في تثبيت " دولة القانون"، وتهديم " دولة المواطن " .
مؤيد البدري و"توك شو" حنان الفتلاوي
[post-views]
نشر في: 18 ديسمبر, 2013: 09:01 م
جميع التعليقات 13
أأبو سعد
كم جميل ان يتذكر الوطن أبنائه ولاجمل ان نثني على من اشعل في عقول وقلوب العراقيين الوحده فيما بينهم من خلال نقله لوقائع مباريت المنتخب العراقي واكاد أتذكر اغلب المبارات التي علق على نقلها الاستاذمؤيد البدري وكنا نفرح مرتين الاولى مشاهدة المبارات والثانيه ت
الناصري
يا لها من جيفة نتنه تلك الشعارات التي ينادون بها اولئك الطائفيون الذين ملئو بلادنا الجميله ...عفونه ونتانة يرددون شعارات قد اكل عليها الدهر.وشرب لا لشيئ الا لكي يبقى فلان جالسا على الكرسي وتستمر المهزله ...وآخر مشهد من مهزلة «ماننطيها»عندما ظهر رئيس الوزر
خليلو...
يا علي حسين، اذا كان مؤيد البدري من قرائك المحبين لك فاعلم ان العدد الذي ذكرته ممن لا يختلفون في محبتهم له سيكون حافزا لك للاستمرار على نهجك هذالان هذه المحبة تؤول اليك والى زملائك اصحاب المقالات كلهم . يا على حسين وددت لو قدرت ان أهمس في إذنك ، و
صلاح
ليس السياسيون اليوم أقل سوءاً من البدري. ولكنه ليس طيباً للدرجة التي تصفها. بما أن علينا أن نكون موضوعيين، البدري هذا متحيز لنادي الطلبة رغماً عن القانون، وهو الذي منحهم بطولة الدوري بكرة القدم/1981 زوراً. وهو الذي احتكر التعليق مع إثنين قرابة 30 عاماً. و
محمد فرحان المالكي
سيأتي اليوم الذي تكون فيه غير المحتشمة والمتبرجة بلسانها حنان الفتلاوي وولي نعمتها نوري المالكي في مزابل تاريخ العراقيين الواعيين أليس الصبح بقريب
فراس فاضل
كنت ياست الخير من العراق والعراقين ولكنى عندما اقراء لك اخى على حسين اكتشف خطاى --لايزال هناك بقية امل وخير فى العراق --لك تحياتى
فلاح
لااريد مديحك فانت كاتب تعبر عن الهموم الحقيقية للناس انت واصحابك اود ان اشد على تتك البروحية الرائعة انك تظاهرة واحتجاج واعتصام من اجل الصحة والصحيح اخاف عليكم من الظوارى
ابو سجاد
قد عرفنا السيد مؤيد البدري من خلال برنامجه الناجح وكان متاءلقاولكن للاسف ياساذ علي الرجل كانت اطلالته في زمن النضام البعثي الملعون ومدة ليست بالقصيرة وكانت الناس تذبح في الشوارع والسجون والمعتقلات ولكونه شخصية معروفة ولها وزنها المفروض منه ان يتخذ موقفا م
عبد ليث
لا يختلف اثنان من العراقيين عن الاستاذ مؤيد البدري وانشداد محبي الرياضة لبرنامجة ولسنوات عديدة. ولكن ان يتمادى كاتب المقالة أعلاه وإطلاق الأكاذيب عن الدكتورة حنان الفتلاوي فانه امر مستهجن ولا يليق باي كاتب مهني. الفتلاوي لم تقل ما ننطيها بل قالت الانتخابا
حسين
والله.. لم اجد تفاهة أكثر من هذا.. علي حسين اصبح أضحوكة سمجة ، لقد مات سريريا وغابت مقومات المقال عنده تماماً.. انه كمن يحمل زر بيده ويطرق الأبواب يستجدي معطفا يناسبه..
عبدالسلام الحسني
الأستاذعلي حسين رمز للوطنية و العراقة الأصيلة و كأنه أنا بتفكيري و كأني هو بتفكيره. طابت أنفاسك و أفكارك الطيبة كأصل والديك الكريمين ...لذا قررت ومن اليوم هذا ان اتابع الشرفاء من امثالك لأداوي جراحات قلبي المفجوع في بلدي الجريح. دمت يا حبيبي يا أستاذ علي
محمد ابو يونس
اخواني اخواتي ليش كل ما نرجع ايامنا الجميلهوايام بغداد الحلوه يطلعنه جم تعبان لوماجور حاقد على لمة العراقيين وقالت الشيعه وحجت السنه تره عيب والله عيب
العراقي الاصيل
شكرا للسيد علي حسين على الكتابة بكل موضوعية ولاكن اتعجب على بعض العقول التي تعاتب السيد البدري على انة كان يقدم البرنامج في وقت حسب ادعاء البعض الظلم والسجن وانة لم يعارض . اخواني ليش هو منو اكبر راس بأخوانا الشيعة عارض من السيد الخوئي الى السيد ىالسستاني