الذاكرة العراقية تحتفظ بانطباعات حسنة جدا عن مصلحة نقل الركاب قبل ان تتحول الى منشأة وكانت لالتزامها بمواعيد سير خطوطها تنافس "الساعات المضبوطة" بأجزاء الدقيقة ، وبجهود رجال المصلحة من السواق والجباة والمفتشين ، اكتسبت السمعة الطيبة ، فقدمت خدمة كبيرة على مدى عشرات السنين ، قبل ان ينحسر عملها ، وينتهي بها المطاف كبقية مؤسسات القطاع العام ، تعاني الإهمال لأسباب إدارية وفنية وربما سياسية .
خطوط المصلحة كانت تعمل بانتظام والجيل السابق من البغداديين كان يحفظ أرقام الخطوط ووقت تحرك الحافلة ، وفي حالات الطوارئ وعادة ما تكون بعد حصول حادث سرقة في الحافلة يغلق السائق الأبواب ويتجه الى اقرب مركز للشرطة لإجراء تفتيش دقيق لمعرفة السارق ، وخلال هذا الوقت يكون المفتش قد امر بزج حافلة بديلة على الخط لكي تسير الأمور بشكلها الطبيعي ، احتراما لمشاعر الركاب ، ولإنقاذهم من معاناة الانتظار .نجاح مصلحة نقل الركاب باسمها القديم وغيرها من المؤسسات الرسمية ، والإشارة هنا الى الأداء السابق يعبر عن شعور منتسبيها بالمسؤولية وحرصهم على الارتقاء بخدماتها ، فاستحقوا احترام وتقدير البغداديين ، ومحاولات إحياء خدماتها في الوقت الحاضر تواجه جملة عقبات في مقدمتها انتشار السيطرات الرسمية وليس الوهمية في جميع الطرق والشوارع العامة ، وفي سماء المنطقة الخضراء ، والمنطاد الذي ارتفع مؤخرا بالقرب من المنطقة المحصنة ، لأغراض احترازية يعد من وجهة الخبراء الستراتيجيين سيطرة لا تختلف عن نظيرتها الأرضية مادامت تؤدي واجبها بملاحقة الإرهابيين بمراقبة تحركاتهم.
إحياء دور المصلحة في خدمة البغداديين يحتاج الى قرار امني وآخر سياسي ، والجمع بينهما في العراق يحتاج الى عقلية كبيرة ، او استيرادها من الخارج ، فعقل المسؤول اليوم مشغول بقضايا أخرى ، من ابرزها وضع الخطط لإحباط المؤامرات الخارجية ، والحفاظ على العملية السياسية ، وحرث الأرض العراقية من الشمال الى الجنوب ومن الغرب الى الشرق لزراعة بذور الديمقراطية على امل بعد موسمين انتخابيين تصبح أشجارا وارفة، تسهم في إنقاذ البيئة من التلوث السياسي نتيجة الخلافات الواسعة بين الشركاء والحلفاء ، وهذه المهمة من مسؤولية الأطراف المشاركة في الحكومة الحالية او المستقبلية بعد تجاوز محنة تشكيلها على بركة الله وتعالى وبجهود أصحاب الضمائر الحية أصحاب شعار " خدمة الشعب العراقي هدفنا الاسمى "
من المحتمل بعد ان يحصل أصحاب الشعارات الوطنية على أغلبية برلمانية ، وحينذاك سيلتفت صناع القرار الى ملف تحسين الأداء الحكومي ، ولا شك ان مصلحة نقل الركاب ستكون في جدول أولوياتهم ، وقد يصدرون قرارا بموجبه تتم الاستعانة بالسواق والجباة والمفتشين من الأحياء منهم لإعادتهم الى العمل ، فضلا عن إصدار قرار اخر سياسي _ امني يقضي برفع بعض السيطرات لتحقيق انسيابية مرورية في شوارع بغداد ، أما منطاد المنطقة الخضراء فسيبقى في السماء وستكون مهتمة بإجبار البغداديين على رؤية نجوم الظهر بوجود مصلحة نقل الإرهاب لصاحبها ابو الزيج الهدل .
مصلحة نقل "الإرهاب "
[post-views]
نشر في: 27 ديسمبر, 2013: 09:01 م