TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مصلحة نقل "الإرهاب "

مصلحة نقل "الإرهاب "

نشر في: 27 ديسمبر, 2013: 09:01 م

الذاكرة العراقية تحتفظ بانطباعات حسنة جدا عن مصلحة نقل الركاب قبل ان تتحول الى منشأة وكانت لالتزامها بمواعيد سير خطوطها تنافس "الساعات المضبوطة" بأجزاء الدقيقة ، وبجهود رجال المصلحة من السواق والجباة والمفتشين ، اكتسبت السمعة الطيبة ، فقدمت خدمة كبيرة على مدى عشرات السنين ، قبل ان ينحسر عملها ، وينتهي بها المطاف كبقية مؤسسات القطاع العام ، تعاني الإهمال لأسباب إدارية وفنية وربما سياسية .
خطوط المصلحة كانت تعمل بانتظام والجيل السابق من البغداديين كان يحفظ أرقام الخطوط ووقت تحرك الحافلة ، وفي حالات الطوارئ وعادة ما تكون بعد حصول حادث سرقة في الحافلة يغلق السائق الأبواب ويتجه الى اقرب مركز للشرطة لإجراء تفتيش دقيق لمعرفة السارق ، وخلال هذا الوقت يكون المفتش قد امر بزج حافلة بديلة على الخط لكي تسير الأمور بشكلها الطبيعي ، احتراما لمشاعر الركاب ، ولإنقاذهم من معاناة الانتظار .نجاح مصلحة نقل الركاب باسمها القديم وغيرها من المؤسسات الرسمية ، والإشارة هنا الى الأداء السابق يعبر عن شعور منتسبيها بالمسؤولية وحرصهم على الارتقاء بخدماتها ، فاستحقوا احترام وتقدير البغداديين ، ومحاولات إحياء خدماتها في الوقت الحاضر تواجه جملة عقبات في مقدمتها انتشار السيطرات الرسمية وليس الوهمية في جميع الطرق والشوارع العامة ، وفي سماء المنطقة الخضراء ، والمنطاد الذي ارتفع مؤخرا بالقرب من المنطقة المحصنة ، لأغراض احترازية يعد من وجهة الخبراء الستراتيجيين سيطرة لا تختلف عن نظيرتها الأرضية مادامت تؤدي واجبها بملاحقة الإرهابيين بمراقبة تحركاتهم.
إحياء دور المصلحة في خدمة البغداديين يحتاج الى قرار امني وآخر سياسي ، والجمع بينهما في العراق يحتاج الى عقلية كبيرة ، او استيرادها من الخارج ، فعقل المسؤول اليوم مشغول بقضايا أخرى ، من ابرزها وضع الخطط لإحباط المؤامرات الخارجية ، والحفاظ على العملية السياسية ، وحرث الأرض العراقية من الشمال الى الجنوب ومن الغرب الى الشرق لزراعة بذور الديمقراطية على امل بعد موسمين انتخابيين تصبح أشجارا وارفة، تسهم في إنقاذ البيئة من التلوث السياسي نتيجة الخلافات الواسعة بين الشركاء والحلفاء ، وهذه المهمة من مسؤولية الأطراف المشاركة في الحكومة الحالية او المستقبلية بعد تجاوز محنة تشكيلها على بركة الله وتعالى وبجهود أصحاب الضمائر الحية أصحاب شعار " خدمة الشعب العراقي هدفنا الاسمى "
من المحتمل بعد ان يحصل أصحاب الشعارات الوطنية على أغلبية برلمانية ، وحينذاك سيلتفت صناع القرار الى ملف تحسين الأداء الحكومي ، ولا شك ان مصلحة نقل الركاب ستكون في جدول أولوياتهم ، وقد يصدرون قرارا بموجبه تتم الاستعانة بالسواق والجباة والمفتشين من الأحياء منهم لإعادتهم الى العمل ، فضلا عن إصدار قرار اخر سياسي _ امني يقضي برفع بعض السيطرات لتحقيق انسيابية مرورية في شوارع بغداد ، أما منطاد المنطقة الخضراء فسيبقى في السماء وستكون مهتمة بإجبار البغداديين على رؤية نجوم الظهر بوجود مصلحة نقل الإرهاب لصاحبها ابو الزيج الهدل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram