TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خيار المالكي المُهمل

خيار المالكي المُهمل

نشر في: 28 ديسمبر, 2013: 09:01 م

الأمور بخواتيمها كما قيل منذ أقدم الأزمان. والحملة العسكرية التي تعد لها رئاسة الحكومة لاجتياح ساحة الاعتصام في الانبار تبررها هذه الرئاسة بتحول ساحة الاعتصام الى قاعدة رئيسة لتنظيم القاعدة الإرهابي (المعطيات الرسمية أعطت الرقم 30 لعدد قياديي القاعدة الموجودين في الساحة). من دون التشكيك في هذه صحة هذه المعطيات أو في اهداف الحملة العسكرية، فان ما يهمنا النتائج. فهل ستكون للحملة النتائج الموعودون بها؟
التجارب السابقة لا تجعلنا نثق بما يقال حكومياً. الحملة العسكرية ضد ساحة الاعتصام في الحويجة لم تسفر عن اعتقال أو مقتل قادة من القاعدة أو سواها من التنظيمات الارهابية، وهي لم تؤد الى تحسن في الاوضاع الامنية هناك، بل ان الاوضاع هناك وفي كل مكان في البلاد أسوأ مما كانت عليه قبل استخدام القوة المسلحة لفضّ اعتصام الحويجة.
وعلى جبهة طوزخرماتو التي حشد فيها الجيش قوات جرارة وُضعت في مواجهة ما هو جزء من القوات المسلحة الوطنية (البيشمركة)، فان تلك القوات، بعد طول مرابطة، عادت الى قواعدها وكأنك يا بو زيد ما غزيت. والواضح ان الحال الآن في طوزخرماتو وحواليها، كما في كركوك وحواليها وفي سائر أرجاء الوطن، اسوأ مما كانت عليه قبل الحشد على هذه الجبهة.
قد تكون لدى القائد العام للقوات المسلحة مبررات يراها قوية لاستخدام القوة المسلحة لمن اجل حل مشكلة الاعتصامات في الانبار، لكنّ رجل الدولة الحكيم والحصيف والمسؤول غالباً ما يفكّر بدل المرة عشر مرات وأكثر قبل أن يتخذ قرارات صعبة، وبخاصة تلك التي يتم اللجوء فيها الى القوة. ولقد تمنى الامام علي ان تكون له رقبة كرقبة البعير حتى يمضغ الكلام قبل ان يطلقه وحتى يفكر في الامر ملياً قبل اتخاذ قرار بشأنه.
أظن ان السيد نوري المالكي كان بوسعه في غير ما مناسبة أن يلجأ الى خيارات أخرى غير استخدام السلاح أو التهديد به. ولم يزل في إمكانه ان يفعل هذا. كيف؟ للمالكي شركاء قريبون في العملية السياسية، بينهم التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي. هذان الشريكان أعلنا صراحة انهما يعارضان استخدام القوة المسلحة ضد معتصمي الانبار، ولو كنت مكانه لألقيت بالكرة في مرمى هذين الشريكين، ولقلت لهما: لقد أعيتني الحيلة في التوصل الى تسوية مع معتصمي الانبار، واستقر رأيي ومن حولي من المساعدين والمستشارين على اللجوء الى القوة.. اذا كنتم ترون ان ثمة خياراً آخر يحق فآتوني به.. توسطوا بيني وبين المعتصمين لحل المشكلة سلمياً.
ما كان المالكي سيخسر شيئاً لو فعل هذا. كان يمكنه أن يمنح التيار الصدري والمجلس الاعلى مدة اسبوع أو اسبوعين أو شهر لاختبار خيارهما، فاذا نجحا فيه ربح الجميع وإن فشلا كسب المالكي سنداَ قوياً لعمليته العسكرية ضد معتصمي الانبار.
أظن ان هذا الخيار متاح أمام المالكي الآن وفي كل الاوقات وانه أفضل الخيارات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    انا لااعرف بالضبط هل القاعدة في الانبار وحدها او في جميع انحاء البلاد الا تزال تقتل بنا في بغداد وباقي المحافضات واين هذه القاعدة التي عظموها واعطوها اكثر من حجمها بكثير الم نلاحظ بياناتهم البعثية قتل ثلاثة من قوات داعش ومرة قتل لربعة ومرة قتل اثنان واكبر

  2. حنا السكران

    كيف لاعتصام يستمر لمدة عام دون ان يحقق نتائج او تحقيق مطالب ، الطريقة التي كان يحتج بها والاشخاص اللذين كانوا يتصدرون الواجهة ليسوا بالنماذج التي تستحق التعاطف ... هل العلواني الذي صرف 9 ملايين دينار من جيوب الشعب يستحق ان يكون قدوة سنية كلهم اعطوا صك برا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram