سبعة من رجال الاتحاد الكروي العراقي كانوا يتنقلون مع منتخبنا الشبابي خلال نهائيات كأس العالم للشباب في تركيا الصيف الماضي .. رأيتهم يحزمون حقائب السفر ويتنقلون من انطاليا الى قيصري فطرابزون ثم التوجه الى اسطنبول حيث انتهت المغامرة العراقية في تلك البطولة!
أتذكر جيدا أنني وجهت إليهم جميعا وفي وقت واحد سؤالاً عمّن تركوه في مقر الاتحاد في بغداد لتسيير النشاط ، وجاء الرد باهتاً ، إذ لم يتجرأ أحد منهم على تفسير هذا التهافت غير المسبوق على السفر على أي نحو .. وقد عشنا خلال سنتين ونصف من عمر الاتحاد الكروي المنحل فصولا مماثلة من السفر الجمعي ، لم يألفها تاريخ أي اتحاد كروي على وجه الأرض ، فأنا أعرف صديقا لي مهتماً بهذه الناحية ، وقد أورد لي سجلا كاملا بسفريات أعضاء الاتحاد خلال الفترة (غير القانونية) من عملهم .. السجل باليوم ووجهة السفر ومدة الايفاد ، وإذا نشرنا هذه الاحصائية الكاملة الوثيقة ، فسنجد الولدان وقد شابت رؤوسهم من فرط هذه الهجمة الشرسة على الأموال العامة وعلى ما يجب أن نسميه التمثيل المشرف للبلد الذي تحول في عهد هذا الاتحاد المنحل الى وسيلة لكسب الرضا أو التأييد أو لإسكات أصوات بعينها .. وقد أثبتت تجاربنا مع هذا الاتحاد أنه يقيس علاقاته بمن يحيط به من مدربين وإداريين وحتى اعلاميين تحت بند أن لكل منهم ثمناً ، فهنالك من يكتفي الاتحاد بترضيته و(تسفيره) إلى دولة مجاورة ، وهناك من يمد له المسافة ويمنحه تذكرة الذهاب الى بلد بعيد ، مثلما يتضاءل الامر إلى مستوى غير محدود في نظر البعض ليقول إن ثمن البعض هزيل ومتهالك ولا يزيد على غدوة أو عشوة في مطعم على قارعة الطريق!
سبعة من نصاب الاتحاد رأيتهم يتنقلون معي على الطائرة ذاتها في حدث كروي خارجي واحد ، واليوم نتلفت ذات اليمن وذات الشمال ولا نجد مثل هذا التهافت المعيب اللا أخلاقي .. ولا غرابة ، فالانتخابات على الابواب ولابد أن يبقى الجميع داخل الوطن بالجسد والروح والهلع من المجهول الآتي بعد الثامن عشر من الشهر الحالي موعد الانتخابات .. نرى رئيس الاتحاد يترجّـل عن صهوة الايفادات المتواصلة المزمنة بكل مغانمها ، ونجد معه النصاب الًكامل للاتحاد وهم يزهدون فجأة في الذهاب مع المنتخب إلى بطولة غربي آسيا ، ليدفع الرئيس بشخص من خارج الاتحاد ومن خارج الهيئة العامة ليقود الوفد الذاهب الى قطر في تحوِّل غريب في ظاهره ، لكن من يعرف الطريقة التي يفكر فيها الرئيس يدرك تماما أنه في زاوية ضيقة الآن ، وهو في حاجة الى أي صوت يبدد الوحشة التي تحيط به وهو يُقبل على انتخابات لا يعلم إلا الله كيف ستنتهي ، وماذا ستجر وراءها من ملفات وقضايا وخبايا ستظهر إلى العلن في موعد وشيك؟!
في عهد هذا الاتحاد المنحل تم تفريغ عبارة (المهمة الوطنية) من محتواها تماما ، فأصبحت المهمة هبة أو منحة أو تعبيرا عن الرد على تحية ترد من هذا الطرف أو ذاك .. والأكثر من هذا ، صرنا نسمع في الأيام الماضية عن اتصالات فجائية يجريها كبار الاتحاد برؤساء الاتحادات الفرعية والشخصية النافذة في الهيئة العامة ، يتم خلالها السؤال الطويل والملح عن الصحة والعافية وماذا ينقصهم وما هي أحلامهم التي ترقى إلى مستوى الأوامر على الاتحاد وعلى قيادة الاتحاد ، وما الذي يرونه مائلا أو معوجاً أو شاذاً في قرارات الرئيس أو مجمل عمل الاتحاد .. لكن ما لا تفهمه العقلية التي أصرت على أنها لم ترتكب الخطأ ، ولم تعرف الزلل ، أن الثامن عشر من كانون الثاني 2014 غير الثامن عشر من حزيران 2011 .. لقد تقلبت أحوال ، وتغيرت موازين ، ولم تعد دقائق معدودة من الاتصال عند انتصاف الليل تكفي لردم ثغرات وحفر ومطبات وضعها الاتحاد لنفسه خلال سنتين ونصف من المكابرة والعناد !
مهمة وطنية.. للبيع!
نشر في: 29 ديسمبر, 2013: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)