اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سعدون الدليمي ولعبة الكلمات المتقاطعة

سعدون الدليمي ولعبة الكلمات المتقاطعة

نشر في: 29 ديسمبر, 2013: 09:01 م

تأملوا معي الخبرين المنشورين في معظم وكالات الأنباء امس، حيث جاء في الأول منهما: " قال وزير الدفاع العراقى بالوكالة سعدون الدليمى فى مؤتمر صحفى مشترك عقده مع رئيس وعدد من أعضاء مجلس محافظة الأنبار، عقب اجتماعه بهم، إنه إذا تم رفع الخيام من ساحات الاعتصامات اليوم أو غدا فسيتم إطلاق سراح النائب العلوانى." انتهى الخبر الأول.. ولا أريد ان اذكر " جنابكم " بأن وسائل الإعلام اطلقت علينا خلال الـ 48 ساعة الماضية عشرات التصريحات التي اكد أصحابها ان العلواني تم إلقاء القبض عليه بالجرم المشهود وسيحال الى المحاكم المختصة، ولكن فقط أريد من جنابكم هنا ان تدققوا جيدا في هذه اللحظة "التأريخية" التي اختلطت فيها الأوراق، وانظروا الى وجه وزير الدفاع الذي يوحي بالرضى لأنه وجد حلاً لمشكلة العلواني.
الخبر الثاني يقول "ان رئيس التحالف الوطنيِّ إبراهيم الجعفريّ بحث في مكتبه ببغداد مع رئيس مجلس النواب أسامة النجيفيّ والشيخ أحمد أبو ريشة الدور الذي يُمكِن أن تلعبه العشائر في إنهاء التوتر بالمحافظة".. واعتقد إنني أتذكر وانتم أيضا تتذكرون ان القوات الأمنية أصدرت بيانا بتاريخ 9/3/2013 تتهم فيه احمد أبو ريشة بتنفيذ عمليات إرهابية في محافظة بابل. وجاء في البيان آنذاك ما نصه:" أن مديرية الاستخبارات العسكرية كشفت، عن اعتقال أمير وعناصر خلية "إرهابية" تحمل مسمى "كتيبة الفتح المبين" في محافظة الأنبار، وانهم اعترفوا خلال التحقيقات بتلقي الدعم المادي من زعيم صحوة العراق السابق احمد أبو ريشة بهدف تنفيذ عمليات إرهابية في المناطق الجنوبية وأكدت صدور مذكرة اعتقال بحق ابو ريشة "
تلك المذكرة التي لم تمض عليها تسعة اشهر، والصورة التي نشرت امس لأبي ريشة وهو يجلس في احد قصور المنطقة الخضراء، تكشف لنا بالدليل القاطع أننا نعيش عصر الساسة الذين حولوا الحق إلى ضلالة والحياة إلى جحيم يكتوي بناره معظم العراقيين، الصورة تخبرنا بوضوح أن ما بين معظم السياسيين من وشائج أكبر وأعمق من خلاف عابر على قضية تافهة اسمها "العبث بدماء العراقيين".
قبل يومين أعطتنا الأجهزة الأمنية رواية على لسان قائد القوات البرية لما جرى في عملية اعتقال العلواني.. وأعطانا ائتلاف دولة القانون اكثر من صورة للمصير المحتوم الذي ينتظر العلواني، مثلما اخبرونا من قبل ان على أبي ريشة ان يسلم نفسه للقضاء، رواية من هنا ورواية من هناك، وتركوا لكل منا أن يقوم بحل لعبة الكلمات المتقاطعة.. يرسمون مربعات ويتركون للعراقيين المساكين أن يملأوها، أفقيا وعموديا. وكلما اعتقدت الناس أنها استطاعت ان تعرف الكلمة الأفقية، يتبين لها في النهاية أنها لم تكن موفقة في الكلمة العمودية، ولهذا لابد من ان يستمر الضحك علينا كل يوم أفقياً وعمودياً.
عندما سقط تمثال "القائد الضرورة" في ساحة الفردوس اعتقد الناس ان أبواب الأمل والتفاؤل بالمستقبل قد فتحت، وان عصراً جديداً خالياً من الاستبداد آتٍ، وبالتالي فان النظام السياسي الجديد سيرسم معالم مستقبل جديد للبلاد، لكن لم تمض شهور حتى اخترعوا لنا اكثر من فزاعة، وبدأوا في السعي الى ترهيب الناس وإثارة فزعهم ليل نهار من ان أمنهم معرض للخطر، وان الأعداء يتربصون بهم وان المؤامرات تحاك ضدهم فادخلوا العراقيين حرب داحس والغبراء، ولم ينسوا ان يخترعوا لنا برلماناً هزيلاً وتركيبات حكومية فاشلة جرّت البلاد إلى سرداب الخيبات وأنفاق العتمة التي لا ضوء في نهايتها.
أعرف وكما يعرف ملايين العراقيين أن المصيبة فادحة، وأن ما جرى بحق هذه البلاد فوق الاحتمال، اليوم نتساءل هل نصدق وزير الدفاع سعدون الدليمي أم الاجهزة الامنية؟ أم سنكتشف ولو متأخرين أن ما جرى هي طبخات للاستخدام وملء فراغ أدمغة الناس الحائرة؟ وقبل الإجابة على هذه الأسئلة تبقى الحزورة الأهم في هذه الحكاية، وهي ماذا سيقول القائد العام للقوات المسلحة للعراقيين لو انه قرر اطلاق سراح احمد العلواني.. هل سيخبرنا أن العلواني لم تصدر بحقة مذكرة إلقاء قبض مثلما " بشرنا " قائد القوات البرية، أم سيقول ان القوات الأمنية ذهبت لمطاردة النائب صباح الساعدي وهو " يهرب " باتجاه شارع فلسطين، فإذا بها تعثر في طريقها على احمد العلواني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. الناصري

    ههههههههههههه........والله مهزله هذه التي نعيشها لا دوله ولا قانون ولاهم يحزنون ......والله والله وكأننا اصبحنا نعيش في زمن قبل الزمن وتاريخ قبل التاريخ الى اين يا عراق الحضاره الى اين ............

  2. ابو سجاد

    لايقولون هذا ولاذاك وصدقت رواية هذا اورواية غيره انهم يسخرون منا نحن الشعب كونهم لم يحترمونا ولا نحن نحترم انفسناوستبقى هذه المسخرة فهذا هو تاريخ العراق الذي لايحترم راى شعبه

  3. الثائر العراقي

    و بالنهاية ان من يعادي المالكي , او يعادي افكاره , فأن عبد الستار بيقدار و مدحت المحمود يلملمون اوراقهم لكتابة قضية جديدو ملفقة , الا نامت اعين الجبناء

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram