من عادة الأشقاء المصريين ، المعروف عنهم خفة الدم واطلاق النكتة للتعبير عن السخرية والاستياء من المواقف السياسية ، استخدامهم مفردات تخطت الحدود المصرية ووصلت الى دول المنطقة الخاضعة لأنظمة تخشى النكات من العيار الثقيل ، بحسابات أجهزة المخابرات والإعلام الرسمي ، لأنها من وجهة نظر السلطة ، تهدد الأمن القومي ، وتكاد تكون خطوة باتجاه تنفيذ انقلاب عسكري وإعلان البيان رقم واحد . وللخروج من هذه الهواجس ولتفادي التفسير الخاطئ للنكتة في زمن الأزمات والاضطرابات الأمنية والسياسية ، ولمنع اتهام المصريين بتصدير الإطاحة بالإخوان الى الدول الإقليمية ، لابد من الإشارة الى قولهم " حلاوة ياشربات " عندما يعلنون دعمهم لمواقف دولتهم لتحافظ مصر على لقبها "ام الدنيا " دولة مؤسسات وقانون لامجال للمغامرين فيها لجعلها تابعة لإمارة او مشيخة او منظمة تحيط بها الشبهات .
في العراق بالإمكان القول "حلاوة ياشربات" لأي جهد رسمي او شعبي او سياسي لمكافحة الإرهاب ، والقضاء نهائيا على المجاميع المسلحة على اختلاف اسمائها ومرجعياتها ، والدول الداعمة لها سواء من دول الجوار او من المريخ ، والقوى السياسية العراقية سواء المشاركة في الحكومة الحالية ام خارجها أعلنت أهمية اعتماد صيغ جديدة في إدارة الملف الأمني تمهيدا لبلورة موقف وطني موحد في التعامل مع الملف الشائك والمعقد ، الذي يعد واحداً من أسباب اضطراب الأوضاع في العراق .
الجيل القديم من أهالي منطقة الكاظمية كانوا مطلع عقد الستينات يصحون صباحا على صوت "داود أبو العسلية" مناديا باعلى صوته لدعوة أطفال أحياء المنطقة، لشراء بضاعته وهي أقراص صغيرة من السكر ملونة بالوان الأزبري وتوضع في صينية طحين ، وداود كان ينادي "عسلية حمرة ياولد اليوم حمرة ياولد " ويحرص داود على تكرار مفردة "حمرة " لاعتقاده بان الإشارة الى اللون الأحمر قد تشجع الآباء على دفع سعر العسلية لأبنائهم فيقبلون على شراء محتويات الصينية.
اعتماد بائع العسلية لونا معينا يفضله الآباء ، ينطلق من رغبته في التعاطف مع أشخاص ينتمون لتنظيم سياسي اتخذوا من اللون الأحمر شعارا له ، وداود الذي فارق الحياة نهاية التسعينات كان يردد في منطقة الأعظمية "عسلية خضرة ياولد " للتعاطف مع أشخاص ينتمون الى حزب اخر، وطريقة الراحل داود تكاد تقترب من القول المصري "حلاوة ياشربات" على الرغم من حرصه على تحقيق مكاسبه الشخصية ، ولكنه ومن دون ان يعلم عكس صورة شكل التنافس السياسي في ذلك الوقت قبل ان يتحول الى صراع للوصول الى السلطة ، ومنذ ذلك الوقت وعلى مدى عشرات السنين لم يذق معظم العراقيين "الحلاوة والشربات" بمعانيها الواردة في القول المصري الشائع.
التعامل مع الظواهر والأحداث بطريقة الشعارات قد تنفع من يعتمد هذا الأسلوب في تحقيق مكاسب سياسية ، وهناك اطراف وجهات تعد شعاراتها هي السبيل الوحيد لضمان استقرار الأوضاع السياسية والأمنية ، فيما يتطلب الواقع اجراءات عملية تشارك في صياغة قراراتها الأطراف المشاركة في الحكومة ، بعيدا عن المزايدات ، لتحقيق تمنيات العراقيين في ان تكون سنة 2014 " حلاوة ياشربات ".
حلاوة ياشربات
[post-views]
نشر في: 30 ديسمبر, 2013: 09:01 م