TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سحق الرؤوس بالأحذية

سحق الرؤوس بالأحذية

نشر في: 1 يناير, 2014: 09:01 م

نظرا الى سوء الفهم الشديد هذه الأيام، اجدني مضطراً الى "ترديد القسم" والقول بأنني ادين البعث والصداميين وأجد نفسي عدوا للقاعدة، كما إنني من المعترفين بالدستور ونتائج الاقتراعات التشريعية، الى جانب اعتراضات عديدة (آخرها المقال قبل الاخير) اسجلها على الشعارات المتشددة التي اطلقها النائب العلواني من منصة اعتصام الأنبار. وأنا ممن كتبوا عن كل شعار متشدد قيل في الاحتجاجات، وما تركه من ضرر على اي مطلب مشروع طرحه المعتصمون. مع التذكير بما قاله شيعة معتدلون مرارا، من ان جزءاً من التشدد الذي لمحناه في الانبار وغيرها، كان بسبب سياسات الحكومة التي لم تراع كبرياء شرائح واسعة من شعبها. وأتذكر اننا وشباب شباط ٢٠١١، اصبحنا نشعر بالاستفزاز وتبنينا خطابا اكثر قسوة، بعد ان ضربتنا "سوات" في ساحة التحرير، ووصفنا فريق حنان الفتلاوي بأننا مندسون وبعثيون خرجنا "لنأخذ الحكم من الشيعة" في وقت كان ابرز المتظاهرين "شيعة" ينادون بالإصلاحات!
هناك تداول واسع، لفيديو سربه الضباط، يظهر فيه العلواني المعتقل وهو يتعرض لإهانة كبيرة، ويجلس معتقلا في سيارة الجيش، بينما يخضع لاستفزاز لفظي مهين على يد بعض عناصر الأمن او احد الجند. العلواني ينكس رأسه، وهناك من يقول له: ألا زلت تعتقد بأننا (الشيعة) أولاد زنى؟ وهو يكتفي بهز رأسه نافيا انه تفوه بذلك. فيكرر الشخص عليه السؤال ذاته، ثم ينتهي مقطع الفيديو. والمحنة تكمن في طريقة تداول هذا المقطع على شبكات التواصل الاجتماعي، من قبل "انصار الجيش" وأنصار المالكي. حيث يتحول مشهد مكافحة الإرهاب، المشروع والضروري، الى تعبئة طائفية تريد ان تجعل السُنّي، يشعر بأن المستهدف هم السُنّة، لا الإرهابيين. وبنحو يجعلني انا الشيعي الذي أتمنى دولة عادلة تحفظ كرامتي، اشعر بالخوف من المؤسسات الأمنية والقضائية، كما اشعر بالعار لان هناك من يريد ان يقول، انه يمثلني انا الشيعي، ويدافع عن حقي في "حكم البلاد" عبر سحق الرؤوس وإذلال الخصوم!
انها لحظة لا ينفع معها الصمت، اذ تختبر بكل حدة، معيارنا الأخلاقي والسياسي في تدبير الدول. ما معنى الدولة التي يحق للشيعة ان يتولوا حكمها؟ وما معنى الشرعية التي حلمنا بها في مشروع الدولة العادلة، التي جاءت لتخفف جراحات الحكم الدكتاتوري؟ وحتى لو وافقت بالمعيار الطائفي، على إذلال متشدد سُنّي على هذا النحو، فمن سيضمن لي بأنني انا الشيعي لن أتعرض الى هذا الإذلال؟ وماذا كان يمكن ان يحصل لو أتيح لجيشنا بقيادته التي سربت ذلك الفيديو، ان يدخل الى مدن كردستان، وماذا كان سيفعل بخصوم المالكي الأكراد لو وقعوا في يديه؟ وهل انسى ان إذلالا شبيها بهذا، قد حصل مع الشباب في ساحة التحرير (ومعظمهم شيعة مؤمنون بالعملية السياسية)؟ وهل انسى ان هادي المهدي ورفاقه الذين اعتقلوا عام ٢٠١١، قد تعرضوا لإذلال مشابه، يمكن ان يتكرر مع أي عراقي تحت لافتة "سحق رؤوس الأعداء" على إيقاع أناشيد عسكرية مبتذلة تبثها قناة العراقية؟
ستحل بعد ٤ شهور الذكرى الحادية عشرة لسقوط صدام، كدكتاتور نجح كثيرا في إذلال خصومه، وساق الى المشنقة رفاقه السُنّة، ثم اعدم الشيعة، وأحرق الأكراد بالكيمياوي، وعزفت له الأناشيد كمدافع عن بوابة العروبة، حتى انتهى مثل جرذ مسكين. وبعد سنوات على إعدامه، يأتي فريق السلطة ليشرعن سحق الرؤوس وإذلالها، وتهديد كل الخصوم بالإبادة، وتجاهل المعيار القانوني ، فيما يصفق كثيرون، ويصمت اكثر منهم.
ماذا سنقول اليوم لسُنّي يريد إنشاء إقليم ويرفض ان يدخل جيشنا لمدنه، ويطالب بإنشاء "جيشه الخاص؟". أليست "سياساتنا" هي التي تقول للسُنّة ولغيرهم، ان عليهم ان "ينفذوا بجلدهم" ويستقلوا عن "سلطتنا الغاشمة"؟ وماذا عنا نحن سكان "الإقليم الشيعي" الذي تحكمه أناشيد قناة العراقية؟ هل سننتظر ان يتم سحق رؤوسنا ايضا، دفاعا عن "الحكم الشيعي"؟
ان سنة ٢٠١٤ ستكون فرصة لمحاكمة أخلاقية وسياسية خطيرة، وسيكون للصمت، خوفا من الجمهور الانفعالي، ثمن بحجم المستقبل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 8

  1. yaser

    استاذ سرمد المالكي نجح في كسب ود الكثير من الشيعه بعد ان قام بالعمليه العسكريه في الرمادي وخصوصا بعد ان اعتقل العلواني والكثير منا يعرف من هو العلواني وكيف كان خطابه الطائفي على منصة الاعتصام فقد كان يسيء لشريحه كبيرة من المجتمع العراقي ويصفهم بانهم صفويي

  2. سامر . العراقي

    صح نشر هذا الفديو لا يجوز . واذا كنت تريد ان تقارن بين هذه القوات الامنية وقوات صدام . فبجرد بقاء العلواني حيا وهو الذي قتل ثلاثة جنود لحظة مداهمته يدل على مهنية هذه القوات والتزامها الكامل بحقوق الانسان . والدليل ان الجنود شاهدوا العلواني يقتل رفاقهم ومع

  3. احمد حسن

    لافض فوك فالعدل اساس الملك .. تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت .. فإن تولتْ فبالاشرار تنقادُ تحياتي من اشد معجبيك ..

  4. محمد البغدادي

    عزيزي االشجاع سرمد الطائي نعم هذا تاسيس للدوله السريه الفرق بين العهدين اجرام الامس مغلف واجرام اليوم فاضح عزيزي لاتابه بما يقول السفهاء القران ذكرها في الايه الكريمه واكثرهم للحق كارهون صدقني كل مايحدث هو الاستماته على الولايه الثالثه يااخي الرجل مقتنع ب

  5. محمد البغدادي

    الاستبداد يقلب الحقائق فى الأذهان، فيسوق الناس إلى اعتقاد أن طالب الحق فاجر، وتارك حقه مُطيع، والمُشتكي المُتظلم مُفسِد، والنبيه المُدقق مُلحد، والخامل المسكين صالح، ويُصبح -كذلك- النُّصْح فضولا، والغيرة عداوة، الشهامة عتوّا، والحميّة حماقة، والرحمة مرضا،

  6. ابو همس الأسدي

    نعم إستاذ سرمد ... العراقيون على دراية تامة وسابق معرفة بما وصل إليه العراق حينما سكتت فئة من الناس على ظلم غيرها ظنا منها أنها تشايع الظالم بسكوتها وتكسب وده وعطاياه ؟؟ ولكن تأريخ الطغاة معبد بالمطبلين والمزمرين والملمعين لإساءاته والتي لاتلبث أن تستدير

  7. ضياء الشكرجي

    أي وطن هذا الذي تسحق رؤوس المعارضين لنوري المالكي وحزب الدعوة وائتلاف دولة القانون؟ هل سيتبدلون النشيد الوطني بنشيد مطلعه «سنسحق رؤوس من يعارض نوري المالكي»؟ أم سيستبدلون شعار الدولة برأس مسحوق بجزمة مالكية دعوية إسلاموية شيعوية؟ وهل يبقى مواطن له إحساس ب

  8. ww

    لم ار من يعارض افكارك÷÷÷ هل هو كلام مبين اما ماذا ام المعارضين غاب عنهم لعق بقايا قدور المادبة ,ويريدون اللحاق بك وبهاقبل ان تنفض المادبة القندهارية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram