حين اندلعت المعارك في صحراء الأنبار العراقية، ضد المُتطرفين من داعش، لم يكن أمام أي عراقي، أو عربي يُحب العراق، غير الدعاء بالنصر للجيش العراقي، في معركته ضد إرهابيين تكفيريين، لم يُفرّقوا يوماً في عملياتهم بين العراقيين، فالكل مستهدف على طريق بناء الدولة الظلامية، المُرتبطة بفكر القاعدة، غير أن تحوّل المعركة إلى حرب ضروس، تستهدف خيام المعتصمين في الرمادي، بزعم أنها باتت وكراً لقيادات القاعدة، يطرح الكثير من الأسئلة، عن الهدف الحقيقي وراء ما أثار نزعات طائفية كانت كامنة، أو لنقل إنها كانت ناراً تحت الرماد، حتى جاء رئيس الوزراء ليعلن أن الحرب تدور بين أنصار الحسين وأنصار يزيد، وكأن الدولة الأموية انبثقت في الفلوجة، وأن الرمادي عاصمتها.
يربط كثيرون معركة ثأر القائد بتطورات الأحداث في سوريا، على خلفية دعم بغداد للرئيس الأسد بتوجيهات إيرانية، ويرى آخرون أن أهل الأنبار يدفعون ثمن تنافس القادة السياسيين الشيعة، عشية الانتخابات النيابية، التي توقع كثيرون أن يفقد المالكي فيها فرصته في ولاية ثالثة، فأراد تحويل الأنظار إلى الخطر "السني" المتنامي في ساحات الاعتصام، مُفتشاً عن أصوات البسطاء من الشيعة، لقطع الطرق على قادة سياسيين، كانوا حلفاء له قبل أن ينفضوا عنه بسبب سياساته، التي يقولون إنها مسيئة للطائفة الشيعية أكثر من بقية الطوائف، وأن أقصى ما قدمه خلال ثماني سنوات من الحكم، لم يتجاوز محاولة تنظيم الزيارات الحسينية، التي باتت رمزاً ساذجاً لحكم الطائفة، دون الاعتبار مطلقاً بسيرة الإمام الحسين، وأهداف ثورته الحقيقية.
كنا نتمنى لو كان الهدف الحقيقي وراء معارك صحراء الأنبار، هو حماية العراقيين كافة، وليس طائفة معينة من إرهاب القاعدة وداعش، وأن لا تكون نتائج المعركة مُجيّرة للنظام السوري، وليس عملاً مُشرّفاً أن تسيل دماء أبناء الجيش العراقي، ليحتفظ مختار العصر بموقعه، ضارباً عرض الحائط بالوحدة الوطنية، التي باتت محل شكوك عميقة نتيجة سياساته، وربما كان مُجديا التذكير بأن من هوجم في خيام اعتصامهم في الرمادي، هم رجال الصحوات الذين طردوا القاعدة من مناطقهم، قبل أن يتنكر السيد المالكي لهم، ويتلاعب بأرزاقهم ويتركهم لمصائرهم، ما دفع قلة منهم للانكفاء طائفياً أو النأي بأنفسهم عن أي مشروع للقضاء على القاعدة، لقناعتهم بأن هدف ذلك هو التمكين الأبدي للمالكي في حكم العراق، بعقلية طائفية لا تخفى على أحد.
تمنينا لو جرى فض اعتصام الرمادي بالحوار السياسي، وكان يبدو أن ذلك ممكن، بدل تكرار ما جرى في الحويجة، واستحضار كل ذكريات القمع التي مارسها نظام صدام، وأفضت إلى إطاحته بمساعدة خارجية، وتمنينا لو استمع ساكن المنطقة الخضراء لأصوات العقلاء من قادة طائفته، بدل أن يصنفهم في خانة أعدائه، وأن يضع نصب عينيه مصلحة البلاد، بدل أن يحولها مزرعة للمنتمين إلى حزبه، دون النظر إلى كفاءتهم، والاكتفاء بولائهم الشخصي لقيادته، كنا نتمنى لو تصدى الجيش العراقي لفلول القاعدة، قبل أن تقوى شوكتها بفرار قادتها من سجونهم، في عملية مشبوهة من الألف إلى الياء، وأن يكون الهدف حماية العراقيين من شرورها، بدل التعاطي معها كذريعة لمنازلة الخصوم السياسيين، وإطاحة العملية السياسية برمتها.
بعد عشر سنوات من سقوط حكم البعث والقائد الضرورة، كنا نأمل أن يكون العراق في حال أفضل، وليس تكرار التجربة البعثية مع حزب الدعوة، أو الصدّامية مع المالكي، وها نحن نصل لنتمنى لو عاد العراق إلى خمسينات القرن الماضي، حيث كان هدف السياسيين أن يخدموا لا أن يحكموا.
جميع التعليقات 1
نبيل العربي
والله يا مبيضين تكتب عن المالكي وكأنه رجل سياسي هذا طائفي مثلة مثل داعش والسلفية لا امل منه ومن امثاله الا الاطاحة بهيك عقلية ومحاربتها ليس رجل دولة سيء بل هو طائفي قائد مليشيا