TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شيطان في الأنبار

شيطان في الأنبار

نشر في: 1 يناير, 2014: 09:01 م

العمليات العسكرية في محافظة الأنبار، منعت وصول العديد من البضائع الى العراق ، ومنها شحنة من الكتب لصالح احدى دور النشر ، لأدباء وكتاب عراقيين ، طبعت في دمشق وعمان ، ومن الكتب العالقة " تحت سماء الشيطان " للكاتب والإعلامي قيس حسن ، وعلى حد تعليق مقربين منه ، فان كتابه سيصل الى بغداد بعد انتهاء العمليات العسكرية ، وفتح الطريق أمام "الشيطان" ليحل في دار النشر في شارع المتنبي .
المصادفة وحدها جعلت " شيطان قيس حسن" عالقا في الأنبار ، فوصوله الى الحدود اي الكتاب وليس الشيطان تزامن مع تنفيذ العملية العسكرية ، لكي يبتعد أصحاب التأويلات عن إخضاع الموضوع الى تفسيرات شتى على طريقة المحللين السياسيين من أصحاب الإطلالة اليومية عبر شاشات الفضائيات العراقية ، وقد يندفع احد المحللين فيشير الى مسالة في غاية الخطورة عندما يتهم الكاتب بمسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية في العراق عندما ينبه صانع القرار بوجود شيطان في الأنبار .
كتاب "تحت سماء الشيطان" وبحسب المطلعين على مسودته مفكرة شخصية للكاتب تناول فيها جانبا من التداعيات الاجتماعية للحرب العراقية الإيرانية بسرد قصص وشهادات شخصيات عراقية تروي وتسرد حكايات وتفاصيل معاناة مريرة ، مازالت مخلفاتها راسخة في الأذهان ، وتحتاج الى عشرات السنين لإزالة تراكماتها المتكلسة في النفوس وارض والواقع ، ولعل خير دليل على امتداد فصول المأساة ، تطلع العراقيين الى يوم خال من أحداث أمنية لا يسمعون فيه انفجارات عبوات ناسفة وسيارات مفخخة ، يوم تقف فيه ماكنة الموت ، وينتقل عزرائيل الى مكان اخر خارج الكرة الأرضية ليخطف أرواح كائنات أخرى ، قد تكون مسؤولة عن تحريك الطغاة للعبث بالأرض " تحت سماء الشيطان " بإثارة الحروب وإشاعة القتل ، في سبيل البقاء او الوصول الى السلطة .
الشيطان الرجيم وفي ضوء ما شهده العراقيون على مدى عشرات السنين الماضية ربما يكون من وجهة نظرهم رحيما مقارنة بممارسات وسلوك وسياسية حكامه ، لان هؤلاء تركوا في قلب العراقي غصة ترافق حياته من المهد الى اللحد ، وينتظره حساب اخر يجهل نتائجه ، يوم لا ينفع مال ولابنون في "عالم اخر" لا علاقة له من قريب او بعيد بعمود الكاتب سرمد الطائي في جريدة المدى يحمل العنوان نفسه.
من عاش " تحت سماء الشيطان " في الوقت السابق ربما غادر الحياة نحو عالم اخر لكنه ترك غصته أمانة برقاب أبنائه وأحفاده ، ليسجل امتيازا للعراقيين بوصفهم يتوارثون النكد والحزن، وقدرهم حتم عليهم حمل أعباء هموهم الثقيلة على خلاف شعوب العالم التي تعيش في بلدان لاوجود للشياطين في سماواتها ، وقد تكون رحيمة في بعض الأحيان ، لان سلوك البشر وكما يعتقد البعض لا يثير نزعاتها ونزواتها فتكتفي بمراقبة ما يثيرها من مشاهد لا تتضمن القتل والنشاطات الإرهابية ، كا تفعل غيرها من الشيطان حينما تحل في نينوى او ذي قار او الأنبار. .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram