علامة استفهام بحجم الفيل ترتسم في مخيلة كل عراقي ، تنتابه المخاوف والقلق على مصير بلاده ، واحتمال انحداره الى منزلق خطير ، معظم العراقيين وربما جميعهم ، يسألون ماذا بعد ؟ السؤال قديم مطروح أمام أصحاب القرار في الماضي والحاضر ، بهدف البحث عن سبل تضمن استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في بقعة ارض يقال عنها ، انها غنية بثرواتها وخيراتها ، لكن سكانها يعيشون في ظروف العصور الحجرية في ظل استمرار اضطراب امني وسياسي متوارث ذي جذور عميقة في الساحة العراقية ، وليس في الأفق ما يشير الى تجاوز هذه المحنة التي أصبحت هوية عراقية بامتياز.
ماذا بعد ؟ سؤال تراه السلطة مصدرا لإثارة الغبار ، فيما تتجاهله القوى السياسية المشاركة في الحكومة المنتخبة ، لان حساباتها "المكوناتية" تمنعها من الإجابة حفاظا على أصوات قواعدها الشعبية سيما ان العد التنازلي لموعد إجراء الانتخابات التشريعية بدأ ، ووقف الجميع على خط شروع سباق ماراثون التنافس ، فمن يتولى السلطة ومن يشاركه فيها من قوى وأحزاب لها مواقعها ومناصبها في الحكومة ، تبنت هي الأخرى المنهج القديم ذاته في التعامل مع سؤال وماذا بعد ، يوم طرح وربما بصوت غير مسموع حول أحداث جرت في العراق قبل وبعد الغزو الأميركي ، ومازال دخان تداعياتها يشغل الحيز الأكبر من الفضاء العراقي بانتظار إجراءات تبديد الدخان والحصول على سماء زرقاء صافية لا اثر فيها لنجوم الظهر .
ماذا بعد ؟ سؤال بحاجة الى جواب ممن يزعم ان وطنيته ألغت مذهبيته وطائفيته ، وجعلته في موقع المسؤولية للدفاع عن مصلحة وشعبه ، سواء كان صاحب منصب في الدولة او سياسيا يحرص على منع المغامرين من حفر خنادق لدفن ضحايا اندلاع مواجهات مسلحة بين العراقيين يسعى اليها البعض إرضاء لنزوات الوصول الى السلطة باي ثمن ، في زمن التداول السلمي لها استنادا لما ورد في الدستور العراقي ، الذي اصبح ذليلا كعتبة الدار بسبب الاختراق المتعمد او نتيجة التفسير الخاطئ لمواده ، ماذا بعد؟ ومتى وكيف ، يلتفت القادة السياسيون والمسؤولون ، الى الشعور بمخاطر المرحلة ، وما تفرزه الأحداث الإقليمية من تداعيات على الساحة المحلية تحمل بوادر خطيرة ، تهدد مستقبل البلاد وقد ينتهي به المطاف مشلولا في دار العجزة بفعل الأداء السياسي والحكومي طيلة السنوات العشر الماضية ، وماذا بعد ؟ الدخول الى الجحيم الأرضي بجهود من أفرزتهم العملية السياسية و دعاة التجربة الديمقراطية بنسختها العراقية .
يوم كان الأشقاء المصريون المقيمون في العراق يشاركون في قواطع الجيش الشعبي للقتال في الحرب العراقية الإيرانية ينقلون عبر رسائلهم أنباء سارة عن أحوالهم تبدد قلق ومخاوف ذويهم البعيدين ، ويتجاهلون ذكر القول الشهير المتداول بينهم "الجبهة ولعت " اي اشتعلت ، وماذا بعد ؟ الجواب عند الفيل بحجم علامة الاستفهام العراقية .
وماذا بعد؟؟
[post-views]
نشر في: 3 يناير, 2014: 09:01 م