TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قبل أن تجتاحنا "داعش"

قبل أن تجتاحنا "داعش"

نشر في: 3 يناير, 2014: 09:01 م

العملية العسكرية التي استهدفت المعتصمين في الرمادي كانت خاطئة جملةً وتفصيلاً، والدليل نتائجها الكارثية. فقد قيل لنا ان ساحة الاعتصام كانت وكراً لإرهابيي تنظيم "داعش"، وان الجيش أُرسل الى هناك لإخراج قادة القاعدة وعناصرها من وكرهم، لكن العملية برمتها تحولت الى مصيدة للجيش والشرطة وأهالي مدن الأنبار جميعاً!
النتائج كارثية لأن العملية لم تكن حصيلة قرار سياسي – عسكري مدروس. ولو كان رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، قبل أن يُرسل قواته الى هناك (الساحة ومدينة الرمادي)، قد تدارس الأمر في الأقل مع حلفائه في التحالف الوطني (الشيعي)، مادام مستنكفاً عن التواصل مع المعارضين، لسمع كلاماً يحذّر من عملية من هذا النوع، بهذا الشكل، وفي هذا التوقيت .. هل كان السيد نوري المالكي سيصيخ السمع الى التحذير؟ أغلب الظن انه ما كان سيسمع ، واذا سمع ما كان سيأخذ بما يسمع، فالسيدان عمار الحكيم ومقتدى الصدر ومساعدون لهما، فضلاً عن آخرين كثر، أطلقوا غير مرة تحذيرات علنية من التصرف على هذا النحو.
من النتائج الكارثية للقرار غير السليم ان إرهابيي داعش وتنظيمات مثيلة اخرى قد استباحوا مدن الأنبار، والآن هم يعيثون فيها فساداً .. دمروا المؤسسات الحكومية واستولوا على أسلحة وذخائر يستخدمونها حالياً في قتل مدنيينا وعسكريينا على السواء، وعطلوا الحياة الطبيعية.
والآن أيضاً يعاني مئات الآلاف من أهالي مدن الأنبار من وضع حياتي صعب، فالأسواق مغلقة وكذا المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية، والخدمات العامة الأساسية مُعطلة.. هذا الوضع يشكل بيئة مناسبة لداعش والقاعدة وسواهما من التنظيمات الإرهابية، وعليه يتعيّن على الحكومة أن تركّز جهودها لاستعادة مدن الأنبار من الإرهابيين، وبالتعاون مع الأهالي، وتوفير احتياجات السكان الحياتية.
وقبل هذا ومعه وبعده، يتعيّن أن يقرّ رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، في الأقل بينه وبين نفسه، بانه لم يفكر على نحو صحيح بخصوص أزمة الاعتصامات منذ البداية، وانه لم يعمل على نحو صحيح لحل هذه الأزمة، وانه يلزمه الآن أن يضع عناده وعنجهيته جانباً، وأن يتواضع لينظر الى الأمور بواقعية ويتصرف كما يتصرف رجال الدولة والسياسة المحنكون الذين "لا يركبون رؤوسهم" ولا تأخذهم العزة بالإثم .. الآن يتوجب عليه المبادرة الى الدعوة لعقد اجتماع أو مؤتمر سياسي يضم الحلفاء والمعارضين، وحتى الخصوم إن أمكن، بحثاً عن حلّ قبل ان تتفاقم المشكلة بدرجة أكبر وتصبح النتائج أكثر كارثية، فنصحو ذات صباح مثلاً لنجد ان إرهابيي داعش وسواهم قد بلغوا قلب بغداد أو تمترسوا في بعض أطرافٍها.
القضية الآن قضية وطنية ولا يحق للسيد المالكي أو سواه أن يحتكر التفكير بها والعمل لإيجاد مخرج منها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. الناصري

    ما راح نحصل من المالكي غير (تغابينا.....!!!!). و(خدعنا ....!)وكان على (الشهرستاني يكلي هذه المحطات مه تشتغل عل غاز ) ومن هل المال حمل جمال .......ونحن في عام.2014 ونحجي كالت العشائر وحجت الطوائف ..........الله يرحمك علي الوردي

  2. فياض موزان

    تحليل سليم لواقع نعيشه الان وتقديم حل لابروق للمالكي اوحتى يسمعه واصبت عندما نعته بالعناد والعنجهية وهذا سبب فشله المتواصل وما يجره علينا من ويلات, سلمت يدك وهي تكتب لنا.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram