TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > داعش ومعارك على كل الجبهات

داعش ومعارك على كل الجبهات

نشر في: 4 يناير, 2014: 09:01 م

من صحراء الأنبار ومدنها، إلى حلب وريفها، وإلى كل شمال سوريا تمتد معارك "داعش" ضد النظامين السوري والعراقي، وضد المواطنين في المناطق التي تتمكن من السيطرة عليها، وهي لاتُحصي خسائرها من "الشهداء" بحزن، بقدر ما تزفهم إلى الحوريات العين، المُنتظرات على أبواب الجنة، يتزاحمن لاستقبالهم بما هم موعودون به، لكنها تميز بين شهيد وآخر، فالأمير ليس كالغفير، ولذلك يوجعهم مقتل أمير التنظيم في الأنبار، أكثر من مقتل حوالي سبعين "مجاهداً" قضوا على يد أبناء العشائر، المتعاونين مع الجيش العراقي في ملاحقة فلول هذا التنظيم الإرهابي.
في أرياف حلب فتحت داعش معركة جديدة، لم تكن متوقعة مع قوات المعارضة السورية، واختارت بلدة الأتارب التي تشكل المعبر الستراتيجي، ورئة الإمداد في السلاح والمساعدات بين تركيا وحلب، ما دفع جبهة النصرة للوقوف ضدها، فيما بادرت الجبهة الاسلامية التي تضم أكبر التنظيمات الإسلامية العسكرية، الى محاصرة المقر العسكري العام لداعش في شمال غربي سوريا، حيث تسعى هناك لإخضاع جميع منظمات الإغاثة والمساعدات الإنسانية لرغباتها، ما ينبئ بمعركة ضخمة ستندلع بين جميع القوى من المعارضة وداعش في الاتارب، التي يعني النصر فيها السيطرة على الممر الأخير المتبقي للمعارضة، من معبر باب الهوا الحدودي مع تركيا.
المدهش هو توافق واشنطن وموسكو على أولوية محاربة إرهاب داعش، التي نبتت فجأةً كالفطر السام، وبقوة تدعو للتساؤل عن مصادر قوتها، بحيث تخوض معارك متكافئة ضد جيشي دولتين ومعارضي الحكومات فيهما، وهي المتمردة على قيادة تنظيم القاعدة، رغم أنها من رحمه، وكان لبروزها أثر سلبي على معارضي النظامين السوري والعراقي، حيث تتوجه أنظار العالم لمحاربة إرهابها، اعتماداً على البعث والدعوة، ما يبرر التساؤل عن مدى جدية اتهام النظامين، ومعهما طهران، بلعب ورقة الإرهاب والتكفيريين طوال السنوات الماضية، للوصول إلى هذا الواقع الذي يستدعي مكافأتها على حماية العالم من هذه الآفة.  
واضح أن داعش اعتبرت الأنبار عمقاً ستراتيجياً لمعركتها في سوريا، وفكرت بتحويلها إلى خزان بشري لمقاتليها في بلاد الشام، لكن عشائر المنطقة رفضوا ذلك، مع رفض تحويل مطالبهم، وبعضها محق، إلى عنصر قوة مضاف لإرهاب داعش، التي خططت لقتال الأسد حتى آخر قطرة من دماء أبنائهم، وشدد زعماء العشائر مؤخراً على عدم السماح برفع أية راية غير رايات العراق والعشائر، تحت مُسمّى الجهاد وأية مُسمّيات أخرى، ولعل التاريخ يعيد نفسه اليوم مع بعض التعديلات، فتكون نهاية تنظيم القاعدة في العراق، على يد عشائر الأنبار، وهي تستعيد صحوتها التي نجحت سابقاً في مهمة مماثلة، قبل أن تلقى الصد والإهمال من الحكومة المركزية في بغداد.
عراقياً، تخوض داعش معاركها ضد المالكي، الذي تعامل مع الإرهاب كقاطرة تقود إلى إنهاء الاعتصام دون تلبية مطالب المعتصمين، فأدخل البلاد في أزمة سياسية، رغم أن خصومه من أبناء العشائر ساندوه في حربه، باعتبارداعش خصماً لهم أيضاً، صحيح أن واشنطن ربطت دعمها له في ولاية ثالثة، بنجاحه في احتواء الإرهاب في العراق وسوريا، لكن الصحيح ايضا أن معظم شيعة العراق يريدون رحيله، والأكراد لا يحبذون بقاءه، وساحات الاعتصام السُنية سترحب بأي سياسي آخر يحل محله، ويبدو الشك منطقياً في نجاحه اعتماداً على تقاطع المصالح الأميركية الإيرانية عند استبقائه، رغم أن القاعدة عززت حظوظه، كما عززت حظوظ الأسد في ولاية ثالثة، يُنجزان فيها حرب العالم ضد الإرهاب.
 كل ما يحيط بنشأة داعش، وانتصاراتها وهزائمها وخارطة خصومها ومؤيديها ومموليها، مثير للشكوك، ولتساؤلات ننتظر انجلاء المعارك لنعرف أجوبتها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram