TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صورة الجندي في الضمير العراقي

صورة الجندي في الضمير العراقي

نشر في: 4 يناير, 2014: 09:01 م

بعد أحداث العام 1991 وخلال ثورة ابناء الجنوب والوسط التي لم تدم أكثر من اسبوعين او ثلاثة كان الجيش العراقي ومع الاسف العصا التي لقّن بها النظام معارضيه من الجنود الفارين والملايين الجائعة التي خرجت تسلب وتنهب لتسد حاجاتها من المال والطعام والماء والوقود، أستعيد الصورة تلك لأتذكر لحظة صادمة لا نريد لها ان تتكرر لحظة اعتلاء أحد البعثيين العاملين في الاجهزة الأمنية من أبناء طائفة ما ظهر الدبابة مع ما ظل من الجنود الذين آمنوا بصدام حسين ، وبحماس غير منضبط راح يطوف سكك وطرقات القرية بحثاً عن الذين خرجوا ضد النظام فجمع الضباط والجنود الكثير من الرجال والصبيان، حيث أعدم البعض منهم وسُجن آخرون.
هناك من يستعيد الصورة المشوهة تلك التي رسمها الجندي العراقي في الوسط والجنوب قبل أكثر من ربع قرن ليلصقها الآن على شوارع وسكك مدينة أخرى من العراق، ترى هل من مصور جديد يعيد تنظيم الكاميرا الكبيرة لأشرف مؤسسة عراقية ويعيد لنا ما ضاع من تاريخنا ؟ ذلك لأن الصور الحالية تنقلنا إلى العقود الأخيرة من حياة الجيش العراقي الذي فقد الكثير من بريق وطنيته واستقلاليته التي عرف بها على مدار سنوات من تأسيسه، وما فعله به صدام حسين لا يقل ضررا عن ما فعلته حكومات ما بعد 2003 من سلب وتحقير لمعاني الوطنية والسيادة تلك.
ولعل الصور الصادمة والمؤسفة التي كنا نشاهدها عبر اليوتيوب قبل احداث داعش والقاعدة الأخيرة من رقص ولطم وشعارات وانحياز لصالح طائفة حاكمة معروفة ما يحيلنا إلى صورته قبل ربع قرن من الزمان حيث تحول من مؤسسة عسكرية صارمة، خالصة الوطنية إلى قطعات شبه نظامية، مرتبطة بشكل مباشر بشخصية الحاكم القائد العام الذي سلّط وأمّرَ المقربين والموالين إليه على كبار قادة الفيالق والفرق والألوية مشوّها بذلك صورة الجندي العراقي والضابط بخاصة. الصورة التي كانت لا تماثلها أية صورة أخرى في النبل والكرامة وعزة النفس والإخلاص للوطن والولاء للشعب في الدفاع والتضحية من أجله.
ولقد أحسن التعبير الشيخ أبو ريشه بقوله الذي برر فيه انسحاب الجيش خارج مدينة الرمادي مؤخرا والاكتفاء به رافداً بالأسلحة والاعتدة، بأننا: (لا نريد أن يفقد الجيش هيبته) وهو تعبير بليغ يشترك به غالبية العراقيين الذين يفكرون بجعل الجيش مؤسسه مهنية وطنية خالصة، لا تأتمر بإمرة حزب أو طائفة، الأمر الذي لم تعمل عليه السياسة العراقية منذ أكثر من ربع قرن. وتأتي جملة الشيخ هذه في ظرف استثنائي هناك، حيث تغلغل محاربو داعش والقاعدة وبقايا البعثيين ربما في المدينة، ولعل المعركة ستكون اسهل بوجود الجيش معهم، لكن ذلك لم يحصل فقد تمكن رجال القبائل وأبناؤهم الذين خبروا التصدي لهؤلاء من استعادة غالبية المواقع التي فقدت، وبحرب لا أقدس منها قلبوا ظهر مجن ساحة الاعتصام التي ظلت تنقل الينا صورة مشوهة عن الناس هناك، حيث اتسعت قاعدة الاعتقاد بان الذين يقفون هناك إنما هم جميعهم من الطائفيين. لكن الوقوف المسلح والتصدي الحازم لرجال الرمادي اليوم انتج صورة عراقية جديدة، نتطلع لتكون الأخيرة إن احسنت الحكومة التعامل معها.
وفي فهم مرتجل سريع لجوهر ما يجري هناك، جاءت ردة فعل الحكومة العراقية مضحكة وساذجة جداً في محاولة لاستعادة توازنها مع حجم الحدث النبيل من خلال ما أعلن عنه الناطق بلسان الجيش بإلقاء القبض على زعيم جيش المختار واثق البطاط وإحالة تاجر أجهزة فحص المتفجرات(السونار) إلى المحاكم. لا سيادة الحكومة ما بهذه تستقيم الصورة وتتوازن الأفعال وتستعاد الهيبات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المنافذ تحقق أكثر من 2.2 تريليون دينار إيرادات جمركية في 2025

التشكيلة الرسمية لمنتخبنا الأولمبي لمواجهة عُمان ببطولة كأس الخليج

الأمم المتحدة: 316 مليون متعاطٍ للمخدرات عالمياً

القضائية تستبعد نجم الجبوري من مقاعد نينوى الانتخابية

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram