هي ربّما المرّة الأولى التي تجمع فيها جلسة شعريّة، قصائد شعراء عراقيّين وسوريّين في بغداد، بمنزلة تحيّة موجهة إلى الشام وأهلها، بعدما تعرّضت إلى ما تعرّضت إليه، وسط حضور كبير اكتظ به، مؤخّراً، مسرح "سامي عبدالحميد" في المركز الثقافيّ البغدادي بشارع ا
هي ربّما المرّة الأولى التي تجمع فيها جلسة شعريّة، قصائد شعراء عراقيّين وسوريّين في بغداد، بمنزلة تحيّة موجهة إلى الشام وأهلها، بعدما تعرّضت إلى ما تعرّضت إليه، وسط حضور كبير اكتظ به، مؤخّراً، مسرح "سامي عبدالحميد" في المركز الثقافيّ البغدادي بشارع المتنبي. التحيّة جاءت بعنوان "أغانٍ إلى باب توما"، لتكون ختاماً للمنهاج الثقافيّ لبيت الشعر العراقي في العام 2013، عبر قراءات لقصائد الشعراء: عبدالوهاب البياتي، محمد الماغوط، نزيه أبو عفش، زاهر الجيزاني، محمد مظلوم، علي سفر، رشا عمران، أدّاها بالنيابة عنهم الفنّانون: آلاء نجم، رائد محسن، فاضل عباس آل يحيى، بمشاركة المطرب جواد محسن، والعازف علي عبدالشهيد.
لتبدأ الأصبوحة بصوت الفنّانة آلاء نجم، مع مقطع من قصيدة الشاعر محمد مظلوم "دمشق"، ومنها :" دِمَشْقُ يَا دِمَشْقُ/يَا هِبَةَ الشَّمْسِ لِلْعَارِفِيْنَ/وَمِكْحَلَةَ الأَعْمَى!/يَا نِصْفَ الأَبَدِيَّةِ التَّائِهَ.."، ومن ثم بمقطع آخر قرأه الفنّان رائد محسن للشاعر نفسه :" يَا شَامُ،/ يَا شَامَةً عَلَى خَدِّ اللهِ الأيْسَرِ،/ وَقُبْلَةً عَلَى الأَيْمَنِ،/ وَدَمْعَةً عَلَى نَحْرِ نَبِيٍّ مَخْذُوْلٍ..".
وليدخل هنا صوت المطرب جواد محسن، وهو يغني مقطعاً آخر من قصيدة مظلوم:" يَا طِفْلَةً عَلَوِيَّةً/يَا ضِحْكَةً أُمَوِيَّةً./ يَا قَاسِيُونَ الَّذِي يَشْرَبُ قَهْوَتَهُ/ بِبُطْءٍ/كَجِنِرالٍ مُتَقَاعِد..".
ومع صوت الفنّان فاضل عباس آل يحيى، نكون قد وصلنا إلى مقطع من قصيدة الشاعر محمد الماغوط "أغنية لباب توما":" حلوة عيونُ النساءِ في باب توما/ حلوة حلوه،/وهي ترنو حزينةً إلى الليل والخبز والسكارى..".
ويتبادل الفنّانون الثلاثة، ومعهم المطرب جواد محسن، قراءة مقاطع من قصائد الشعراء السبعة، وهنا مع مقطع من قصيدة الشاعر زاهر الجيزاني"باب توما":" حجر على حجر وتعلو قوسه/ ويكون ضوءاً أزرقا ويكون ضوءاً أحمرا..".
وفي مشهد تبدو فيه القراءات الممسرحة كأنّها تجوال بين الأحياء الدمشقيّة والسوريّة، فبعد "الروضة و"الغوطة"، نصل إلى مقطع من قصيدة الشاعر الراحل عبدالوهاب البياتي "عين الشمس أو تحوّلات محيي الدين بن عربي": "أحمل قاسيون/ تفاحة أقضمها/ وصورة أضمّها/ تحت قميص الصوف/ أكلم العصفور/ وبردى المسحور/ وكلّ دار في الضحى أندبه، فدارها أعني/ توحّد الواحد في الكلّ/ والظلّ في الظلّ..".
ثمّ يتوقّف هذا التجوال الشعريّ بين الأمكنة الدمشقيّة، لمواجهة الراهن في مقطع من قصيدة للشاعرة رشا عمران:"وكنت قد تركت الباب مفتوحاً/ ونمت/ قلت:ربّما يأتون فجأة/ ليدخلوا في نومي/ الموتى/ الموتى الذين لم يعد لهم مكان/ في ذاك التراب..".
وما أن يتلمّس الجمهور هذه المأساة التي عبّرت عنها "عمران"، يُهدينا الشاعر السوري علي سفر إلى حقيقة يواجهها السوريين في أيّامهم هذه، وكيف إنّ يومهم يطول ويطول في قصيدته " روزنامة" التي قرأت مقطعاً منها الفنّانة آلاء نجم:"النهار الطويل ينتهي بغمضة عين..وحده اليوم السوريّ يبقى طويلاً.. في النهار وفي الليل..بانتظار عودة الغائبين..".
بعدها يعلو ثانية صوت المطرب جواد محسن، وهو يغنّي مقطعاً من قصيدة للشاعر السوري نزيه أبو عفش، لعلّها تصلح لأن تكون لسان حال سوريا، حينما يقول فيها:" ثمة، دائماً، لوركا يموتْ. لكنْ، أبداً:لا وجودَ لقاتلْ..... ..آهٍ لوركا! آه لوركانا !/قَتَلكَ الجميعْ/ولم يقتلكَ أحدْ ..".
لتنتهي الأصبوحة بسؤال من قصيدة الشاعر عبدالوهاب البياتي:" من يوقف النزيف؟/وكلّ ما نحبّه يرحل أو يموت.."، وليتكرّر السؤال بأصوات الفنّانين الذين صفّق لهم الجمهور طويلاً في ختام الفعاليّة.