جابر شنيار كان يعمل موظفا في وزارة التصنيع العسكري المنحلة ، عرف عنه بانه صاحب أفكار غريبة وعجيبة ، تثير التساؤلات فهو يدعي ابتكاره نظرية في التعاطي مع الظواهر السياسية والاجتماعية والدينية ، ولطالما وصفه معارفه بانه "مسودن " وليس على كلامه حرج ، وهو بدوره تعامل مع الوصف بروح رياضية ، ولاسيما ان المعارف كانوا يرغبون في إنقاذه من المساءلة والاستجواب ، عندما ينزل شنيار على" الشارع الترابي " ويثير سخط رجال الأمن أثناء الحديث والإدلاء بآرائه و أفكاره لبيان نظريته.
سوادين ابن شنيار أبعدته من الانتماء الى التنظيمات السياسية في زمنه ، فعد نفسه قائدا مؤسسا لحزب ، هو زعيمه وقاعدته الجماهيرية ، ولم ينضم اليه حتى أفراد أسرته ، لانهم يرفضون مشاركة الرجل في سوادينه ، وخاصة عندما تكون ذات بعد سياسي ، تحمل في كثير من الأحيان أسباباً مباشرة "لهجمان البيوت" والتعرض للملاحقة بذريعة تهديد امن السلطة ، بنظرية ابن شنيار الفريدة من نوعها في العالم .
اعتمد الرجل على طرح الأسئلة منهجا لإثبات صحة نظريته ، ويروى عنه انه أثناء وجوده في مجلس عزاء سأل عن سبب موت المرحوم ، وعندما علم بان سبب الوفاة صعقة كهربائية ، القى على الحاضرين محاضرة طويلة ، تناول فيها مخاطر الكهرباء وسوء استخدامها ، وانها لعنة أفرزتها الحضارة ، فقبل استخدام الكهرباء لم يمت احد بصعقة كهربائية في زمن الفوانيس ، وإنارة أزقة بغداد بجهود "اللمبجية" ليقوم "الجرخجية" بأداء واجباتهم على اكمل وجه في ملاحقة اللصوص وفرض سلطة القانون ، في زمن الاحتلال العثماني .
وفي مجلس عزاء اخر طالب شنيار بالتخلي عن السيارات ووسائل النقل الحديثة، لأنها أصبحت سببا لخطف أرواح المئات من الابرياء ، ودعا الى التمسك بعادات السلف الصالح باعتماد الخيل والبعران والحمير في التنقل ، وترك المركبات الحديثة بدءا من الدوج ابو عليوي وانتهاء بمونيكا ذات الدفع الرباعي ، لأنها أصبحت أدوات للموت في الشوارع العامة .
نظرية ابن شنيار تشبه أغاني الفديو كليب لا احد يتذكر تفاصيلها ، فظلت محدودة التداول، في اطار ضيق لا يتعدى الحاضرين في مجالس العزاء ، لكنه في احد الأيام طرح آراء أثارت غضب من سمعها ،وكادت تكلفه ثمنا باهظا ، فهو عندما سأل عن سبب وفاة المرحوم وجاء الجواب بان الراحل فارق الحياة بموت الله ، استعرض قدراته التنظيرية وقال ان الموت في زمن الأصنام لم يكن معروفا، وتساءل هل سمعتم بأحد فارق حياته على يد هبل ؟ السؤال أثار الحاضرين ومنهم أصحاب العزاء فطلبوا منه مغادرة المكان على الفور ، والا سيتلقى اللكمات والجلاليق من الكبار والزعاطيط ، فخرج ابن شنيار تلاحقه اللعنات لدفاعه عن هبل ،لإثبات صحة نظرية واحد مسودن لا يعرف دينه من دنياه ، وهذه العبارة سمعها قبل ان يخطو الخطوة الاولى متوجها الى منزله .
ابن شنيار لم يتراجع عن نظريته وظل متمسكا ومدافعا عنها وفي زمن اضطراب وتدهور الأوضاع الأمنية وصل الى قناعة بان أفكاره صحيحة وأثبتتها الوقائع على الارض ، لكن المشكلة في سوء الفهم ، وإشكالية التعاطي مع أفكار الآخر، وخصوصا عندما يكون "مسودن زمانه" .
"مسودن "زمانه
[post-views]
نشر في: 6 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
الناصري
وين تريد بينا يا حادينا سؤال يطرح عندما يشعر المسافرون بقوافل الجمال انهم في الطريق الخطأ فيسألون الحادي وهو من يقوم بقيادة القافله وسؤال العراقيين اليوم وين تريد بينا يا حادينا بس المشكله اذا كان حادينا امسودن زمانه(مختار عصره) فلا يوجد.جواب سوى انني سار