آلان رينيه (1922- ....) مخرج فرنسي تمتد صنعته السينمائية لأكثـر من ستة عقود بدأها بأفلام وثائقية مثل "الليل والضباب-1955" وفي أواخر الخمسينات بدأ بصناعة أفلام طويلة رسخت مكانته مثل "هيروشيما حبيبتي-1959" و"العام الماضي في مارينباد-1963" التي ار
آلان رينيه (1922- ....) مخرج فرنسي تمتد صنعته السينمائية لأكثـر من ستة عقود بدأها بأفلام وثائقية مثل "الليل والضباب-1955" وفي أواخر الخمسينات بدأ بصناعة أفلام طويلة رسخت مكانته مثل "هيروشيما حبيبتي-1959" و"العام الماضي في مارينباد-1963" التي ارتبطت بالموجة الجديدة في السينما الفرنسية. في أفلامه اللاحقة تخلى عن الأفلام التي تتناول الموضوعة السياسية واهتمّ بالتفاعل ما بين السينما والأشكال الثقافية الأخرى، مثل المسرح والموسيقى والكتب المصورة "الكوميكس". ونتج عن ذلك إعدادات تصويرية بارعة لمسرحيات مؤلفين مثل آلان أكبورم وهنري برنشتاين وجان أنوي.
في هذا اللقاء يتحدث رينيه عن فيلمه الأخير"إنك لم تعد تعرف شيئاً بعد" المعد عن دمج مسرحيتين لجان أنوي.
* متى قررت معالجة وإعداد مسرحية "جان أنوي"؟
-حينما اقترح منتجي الخاص" جان لوي ليفي" وزميلاه "جولي سلفادور" و"كرستوفر جيوفروي" أن أصنع فيلماً جديداً معهما بعد فيلم "العشب البرّي" بدأ في البحث عن مسرحية يمكن تحويلها بسرعة إلى نصَ (سيناريو) لنا. في أفلامي كنتُ أبحث دائماً عن لغة شبيهة بالمسرح والحوار والموسيقى الذي يدعو الممثلين للابتعاد عن واقعية الحياة اليومية ويقتربون من الأداء الأكثر غرابة. قرأت وأعدت قراءة مسرحيات مختلفة قبل أن أستقرّ على مسرحية "جان أنوي". ومنذ نهاية الثلاثينات كنت منهمكاً في إنتاج حوالي عشرين من مسرحياته. حينما ظهرتُ في إنتاج لمسرحية "يوريدس" في مسرحي "تياتر دو لا تليه" قبل سبعين سنة كنتُ في غاية الانفعال ،إذ أني درتُ بالدراجة حول "باريس" ورأيت المسرحية مرة أخرى الأسبوع التالي. وكما فعلتُ في فيلم "العشب البرّي" سألتُ صديقي "لوران هربيه" للنظر في إعداد عملين كمخرج. وبعد يومين أو ثلاثة، اقترح لوران أن نمزج مسرحيتي "يوريدس" مع "عزيزي إنطوان" وهي إحدى مسرحيات أنوي الأخرى التي طلبت منه أن يقرأها. لهذا ومن أجل أغراضنا أصبحت "يوريدس" مسرحية كتبها الدرامي "أنطوان دنتاك" وهو رجل شكاك دوماً يفتقد الثقة بالنفس ويشعر بأنه غير محبوب. إن أنطوان وأصدقاءه الذين كانوا في العرض الأول للمسرحية أو ظهروا بعد 10 أو 20 أو 30 سنة يجتمعون معاً ليشاهدوا تسجيلاً لفرقة مسرحية من الشباب الذين يجرون التجارب على المسرح وخلال العرض ينجذب أصدقاء لذكرياتهم عن المسرحية التي يبدأون في تمثيلها بأنفسهم على الرغم من أنّ أعمارهم لم تعد مناسبة لأدوارهم المختلفة.
ما زلت أشعر بعاطفة خاصة جداً حين أرى مشهداً تم تمثيله من قبل ممثل اتخذ أدواراً سابقة له. إن تحدّي الفيلم يكمن في المحافظة على الدراما وهي بدت لي أيضاً طريقاً لتعزيز العاطفة حين يعاد لقاء يوردس" و"أروفيوس" تلكما الشخصيتان الأسطوريتان اللتان تخلدان بقوة الخيال الشعبي ووعيهما الباطني.
* لماذا أعطيت العديد من الأدوار إلى ممثلين سابقين في أفلامك الحديثة أو القديمة منذ الستينات إضافة إلى اختيار أربعة ممثلين جدد هم :دنس بودلد، آندريه سويرن، هيبولت جيراردو وميشيل روبين.
- بقدر ما أحلم بالعمل مرة أخرى مع العديد من الممثلين كذلك أحبّ العمل لأول مرة مع الآخرين. لقد سحرني نطق "دنيس بادلايد" للعبارة في أفلام "برونو بادلايد" و"آرنو دسبلشن" وبمقاربته الشبيهة بالحرباء حين يقرأ الكتب في الإذاعة. أحبُّ "هيبولت جيراردو" في فيلمي "ملوك وملكة" و"حكاية عيد ميلاد" لدسبلشن وفي "الليدي تشاترلي" لباسكال فيران. وكان "آندريه سورن" استثنائياً في مسرحية "دون جوان" لموليير وشاهدتُ كذلك "ميشيل روبان" على المسرح وفي أجنحة لا أعلم كم من المرات منذ أن بدأ التمثيل مع "روجر بلانشون" في نهاية الخمسينات. كذلك أنا سعيد بالعمل مرة أخرى مع أحد عشر ممثلاً آخرين- كل منهم تعاونت معه وأولئك الذين لم أرهم لمدة طويلة، لكن صنعتهم لم أتابعها دائماً مع ذلك.
* لماذا طلبت من "برونو بوداليد" أن يخرج المسرحية المصورة لفرقة "كومباني دو لا كولومب"؟
-إنها تجربة ونوع من اللعبة. إذا ما ظهرت بمقاربة لإخراج الشباب على المسرح في 2012 فإني شعرت وكأن الأمر احتيال. ولن يبدو فيه صدق. فسيكون الأمر في غاية الإثارة إن تطلب مساعدة في الإخراج من صديق هو أكثر تماسكاً في ذلك الجيل. ويُظهر السيناريو أي الأجزاء من مسرحية "يوريدس" التي يمكن تصويرها، لكن بغض النظر عن ذلك، لم أعطِ "برونو" أية توجيهات أخرى. فله حق بالتصرف في توزيع الأدوار والطاقم والأسلوب. طلب مني النصيحة لكني جزء من الفيلم كلما كان أكثر اختلافاً عما أصوّره لنفسي كان أفضل ومناسباً لروح ما نحاول أن نعمله. وكانت المقامرة التي كنت أتسلى بها أني انتظرتُ حتى رحلة المونتاج قبل أن أرى كيف أن فيلمه وفيلمي قد تناسبا معاً.