TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ذبح الشيعة والصمت السني

ذبح الشيعة والصمت السني

نشر في: 8 يناير, 2014: 09:01 م

الشيعة الذين تحمسوا للمالكي طوال ايام ازمة الانبار، كانوا يريدون التشبث بسيناريو لعله يتحول الى حقيقة. لقد حلموا بأن المالكي امتلك الحكمة والارادة الكافيتين، لضرب الارهاب، ولفرز المجرم عن البريء في الانبار. وحلم الشيعة ايضا ان الاخيار من الانباريين، سيتمكنون وبسهولة، من تصديق المالكي ومساعدته في المهمة، وأن الارهاب سينتهي الى حد كبير. لذلك فإن كل من تحدث بما يخالف هذا الحلم "المشروع" جرت ادانته بقسوة حتى لو كان شيعيا متضررا من الارهابيين.
الجمهور الشيعي مل كثيرا من فكرة انه يمتلك منصب رئيس الوزراء، وفي الوقت نفسه يتعرض الى ذبح يومي على مدار ١١ سنة. كما ان حجم سيول الدم وغبار المعارك وصراخ الجميع بوجه الجميع، لم يسمح لكثير من الشيعة ان ينتبهوا، الى ان المنظمات المسلحة التي تتبنى استهدافهم، هي نفسها التي قامت بتصفية العديد من رموز الاعتدال السني في الانبار ونينوى وفي قلب بغداد. وأن اهل العاصمة من كل الطوائف، تذوقوا مرارة الموت بطريقة تتشابه في قسوتها.
الجمهور الشيعي ايضا، مل من انتقاد قياداته. وبالمناسبة فان الشيعة هم ابرز طرف عراقي ينتقد قياداته بقسوة.
لقد عاد العنف منذ الربيع الماضي، مع كل استعراض القوة الذي نجحت به تنظيمات القاعدة، وتسببت بألم عراقي رهيب، وكان الاكثر تألماً هو الجمهور الشيعي، الذي شعر بفشل حكومي وسياسي بالغ يتحمله هو وممثلوه في السلطة بالدرجة الاساس. الجمهور هذا كان طيلة شهور، غارقا في مياه الامطار، يسخر من "حمودي" الاكثر شجاعة في المنطقة الخضراء، وعبعوب صاحب الصخرة الشهيرة، والكهرباء التي تحاط بالخدع بسبب "كذب الشهرستاني".. ويسخر كذلك من هروب ألف "داعشي" قيادي خطير، من سجن الوزير الشمري، وتصريحات عدنان الاسدي المسؤول عن وزارة الداخلية، والذي اختفى بشكل مريب وغريب هذه الايام... لكن سخرية الشيعة المتواصلة من قياداتهم، وأحزابهم التاريخية، تحولت الى ممارسة مملة، جعلت غالبية شيعة العراق وعلى ايقاع العمليات العسكرية للقاعدة، يبلغون درجة يأس لم يجربوها من قبل.
المالكي الذي نال في الشهور الاخيرة، قدرا من السخرية لم يجربه من قبل، لم يجد اي سبيل لوقف سيل التندر الذي يتعرض له، الا تقمص شخصية "الشاعر السيء" الذي يريد الثأر لقبيلته. وكان هذا بالضبط ما يحتاجه جمهور شيعي واسع يتملكه اليأس، دونما تفكير بأن اي خطأ في التعامل مع ملف الارهاب، سيزيد من خطورة الارهاب، وقد يؤدي الى ان يقدم الشيعة، سنة بلادهم كهدية الى داعش والقاعدة، عبر اشعار السنة بأنهم "عدو لدولة الشيعة".
واسوأ ما في الامر ان يحاول المالكي تقليد بشار الاسد، وان يحاول وضعنا في موقف حرج لنكون مطالبين بالاختيار بينه وبين داعش، وهو ما استخدمه المالكي بالتأكيد في مكالمته الاخيرة مع جوزيف بايدن، بعد ان شعر مطولاً بأن اميركا تتخلى عنه، وأن ايران تشكك في مدى قبول الجمهور الشيعي له، وحجم رفض القيادات العراقية لنهجه!
ان ما حصل في آخر اسبوعين، يضعنا امام خيارات مرعبة سيبدأ المالكي باعتمادها، مع خصومه ومع جمهور شيعي يائس مل من كثرة انتقاد الحكومة ومن كثرة التعرض للذبح.
وفي هذا الاطار لم يستفد المالكي من داعش فحسب، بل استفاد كذلك من صمت سني مؤلم. الشيعة في لحظة يأسهم كانوا ينتظرون مصارحات وحوارات سنية معهم. لكن الكثير من مراكز القوى السنية ظلت تتعامل مع الشيعة في احيان كثيرة بوصفهم "مجرد تابع لطهران" حتى ان بعض القادة السنة رجح ان يحاور سليماني، بدلا ان يخوض حوارا جادا مع الصدر على سبيل المثال.
خطأ كبير يرتكبه السنة، وآخر يرتكبه الشيعة، والمستفيد من ذلك بشكل عرضي او غير عرضي، داعش وأخواتها.. وأيضا وليس من باب المصادفة، فإن المالكي يتشاطر في الاستفادة من هذا كله. والتغيير يبدأ من كسر الصمت هذا وخلق مبادرة حوار من نوع مختلف، بدلا عن ان نجلس في "مناحة وطنية" وكل يصرخ انه الاكثر تعرضا الى الظلم، وأن الاخر المذهبي سبب في نحره

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 14

  1. علي البلداوي

    الكاتب العزيز هناك مواخذه على مقالك وهو ليس عدم حبك المالكي لان اغلب العراقيين يشاطروك هذا الشعور ولكن المواخذه هيه توصيفك للشارع العراقي على أساس شيعي وسني ناسيا انه في النهايه موحد باسم عراقي. لأنك كاتب لا يفترض بك تجزءت الشارع وان كان بالنسبه لك واقع ف

  2. حسين

    انته اتصفط موكاتب معه السف عليكم ياديول انه اعرفك حق المعرفه انته لوكي وتافه

  3. الخصيبي

    العزيز سرمد وانا اتابع كتاباتك في جريدة المدى ومن المؤسف ان يكون بعض اليسارين طائفين رغم خلافنا مع العملية السياسية بالمرة. وبالصدفة شاهدت المقابلة على الفضائية العراقية والحديث بينك وبين عبد الأمر علوان وهو شخص وطني ورافض الى الاحتلال وموقفك الباس من الم

  4. محمد اليوسف

    تحية لك با طائي التعبيرات ولكن متى يتحقق هذا الحوار من النوع المختلف والجسسد العراقي يتناثر اشلاءا في كل لحظة زمن تمضي

  5. صادق

    أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم. (المتنبي) (شواردها) هنا تعني كل سلبيات نوري المالكي: عيوبه، اخطاءه، دكتاتوريته، طائفيته، عنصريته، عناده، عجرفته، ، فساده، إقصاءه للآخرين ... اعتذر عن البقية! ارجو المداومة في الكتابة عن المالكي عسى

  6. حنا السكران

    ياحبذا لو تتأنى في اختيار عناوين مقالاتك لتكون بمستوى روعة المقاله .

  7. fayk

    -الغريب ان المالكي صرح ان الربيع العربي ادى بالمنطة الى الهاوية اوليس الربيع العربي بدأ بالعراق واتى بنا بالمالكي هل نسى نفسه؟. -اليوم البارازاني دعى الى الحوار مع اهلنا بالانبار هذه هي حكمة لو يفهم المالكي ومستشاريه لان الجل البارازاني عانو من الاحتراب و

  8. احمد

    هناك مثل فرنسي اردده دائما يقول( وضع التراب تحت السجادة لايعني ان الغرفة نظيفة)وهذا ينطبق ع سيرتك السابقة حين كنت في ايران معمما وحين رجعت للعراق بعد الفتح الاميركي لبست العالم بطروحاتك الغريبة واردت ان تكون لامعا واتخذت من حرب المالكي خطا لك لتنال رضى ال

  9. عماد البياتي

    كلامك صحيح سيدي الكريم لكن ما تصوره من غضب الجماهير الشيعية على المالكي ليس بالحجم الصحيح , فبمجرد بدىء الانتخابات سيعودون ويرشحونه مرة اخرى , والسب هو بساطة الشعب العراقي وضعف مخيلته بحيث لا يستطيع ان يميز الوضع الطبيعي الواجب توفره للمواطن , وهذا هو الس

  10. نصره اهالي حمص

    المالكي لايهتم للدم الشيعي او السني هو يريد اثاره العواطف الشيعيه كي يفوز بولايه ثالثه اما الاخ الذي يقول الشارع العراقي اخي انت كما يقال في المثل تغطي الشمس بغربال الان كل الدول العربيه تعاني من هذا التوصيف للاسف (شارع شيعي وشارع سني )والسبب الكراسي

  11. عادل الكردي

    كتاب اخر زمن... الجيش هو درع الوطن ولن نسمح بافساد فرحة العراقيين بانتصاراته العظيمة على الارهاب المصدر لنا من دول الشر وحواضنه المدفوعة الثمن. لا اعلم ما هذه الاصوات الشاذة التي تقف دوما ضد اي نصر للعراقيين!!!الجيش المصري يضرب بيد من حديد كل من يمس امن م

  12. نبيل

    يا حبيبي والله القصة ليس شيعي وسني القصة انتماء هل الانتماء كعرب ام فرس هل نريد للعراق عربية ام قريبة من الفارسية ويصير فيها مثل عربستان الهجوم على الانبار ليس ارهاب ولا داعش وناعش القصة ان المالكي يريد الحاق العراق بايران والانبار شوكة في حلقه ولذ

  13. عبدالغني

    من وين طلعتولننا بقصة الوهابية وانه كل من هو ليس من المذهب الجعفري وهابي هاي احسن دعاية للوهابية ويبدوا هذا ما يريده البعض ان يصبحوا معظم السنة وهابين لكي يعطوا لانفسهم الحق في الوجود كحركات طائفية اليست ال سعود هم من كانوا اعدء عبدالناصر اعداء عبدالك

  14. نبيل

    الى الاخ نصره لا يا سيدي هناك شارع عربي في فوضى وليس شارع سني وشيعي افتح الشبابيك افتح النوافذ على نفسك طول عمرنا عرب مسلمين بعدة طوائف ولم تتحول الى طوائف سياسية الا بعد دخول ايران على الخط وبعدها حاولت تقلدها تركيا مع الاخوان المسلمين

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram