الوقوف مع القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في ظرف كهذا، كما دعا مجلس الوزراء في اجتماعه أمس الاول، واجب على كل فرد وهيئة اجتماعية ومؤسسة.. ودعم جهود هذه القوات والأجهزة لدحر الارهاب واجب أيضاً الآن وفي كل أوان.. وحشد كل جهود الحكومة لدعم قوات الجيش والاجهزة الأمنية لطرد الإرهابيين وفرض الأمن والاستقرار وحماية ارواح المدنيين من أولى واجبات الحكومة دائماً.. ومن واجباتها وواجبات المجتمع تقديم المستلزمات الانسانية وايصالها الى المدن والمناطق التي تعاني من وجود البؤر الارهابية ومن نقص في التموين.
ولكي يتحقق هذا على أكمل وجه وبالشكل الذي ترغب فيه الحكومة ونرغب فيه معها، على الحكومة واجب تمكين الاعلام من معرفة ما يجري كما يجري أولا بأول من دون تأخير أو تزويق أو تحريف، فمن حق الناس أن يعرفوا الحقيقة، ومن واجب الاعلام ان ينقل هذه الحقيقة الى الجمهور، ومن واجب الحكومة واجهزتها ومؤسساتها، وبخاصة العسكرية والأمنية، خدمة الاعلام على هذا الصعيد لكي يؤدي رسالته الاجتماعية.
النصر على الارهاب لا يتحقق بإخفاء الحقائق أو بترها ولا بمهرجانات الدبك والجوبي، بدليل ان النظام السابق الذي برع ايما براعة بهذا الاسلوب لم يفده ذلك في شيء، فلا هو انتصر في حربه ضد ايران ولا هو ظفر في احتلال الكويت، مع ان كلمة "النصر" كان اعلام النظام وكبار مسؤوليه يرددونها مئات المرات يومياً، وان العشرات من المغنين وشعراء الفصحى والعامية كانوا يتغنون بها أربعاً وعشرين ساعة في اليوم الواحد.
في عهد النظام السابق لم يكن الفضاء قد ازدحم، كما هو اليوم، بقنوات التلفزيون والإذاعة، ولم يكن العالم كله، بل الكون بأجمعه، قد تحوّل إلى دربونة صغيرة بفضل شبكة الأنترنت وما أتاحته من مواقع التواصل الاجتماعي، ومع ذلك لم تنجح سياسة الكذب واخفاء الحقائق الصحّافية (نسبة الى محمد سعيد الصحاف).
للاسف لم تزل حكومتنا تعمل بعقلية نظام صدام، فالاعلام محظور عليه الاقتراب من ميادين المواجهة الحالية، والاعلاميون غير مرحب بهم هناك، والناطقون الرسميون يصرّحون بمعلومات مختلفة ومتضاربة وناقصة، والنتيجة ان الشعب الذي تريد له الحكومة ان يقف مع قواته العسكرية وأجهزته الأمنية ويدعم جهودها لدحر الارهاب لا يعرف ما الذي يجري بالضبط من وسائل الاعلام المحلية، فيضطر الى متابعة الاوضاع عبر القنوات العربية والأجنبية والأنترنت.
اعلام الحكومة يتعين عليه أن يعالج عوره ليرى بعينين اثنتين وليس بواحدة، والاعلام غير الحكومي يتوجب ان تفتح القوات المسلحة أمامه الطرق المؤدية الى ميادين المواجهة في الأنبار لينقل ما يجري كما يجري.