اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > متعة البحث عن وفرة المعنى.. عاصم عبد الأمير.. تأثيث الذاكرة

متعة البحث عن وفرة المعنى.. عاصم عبد الأمير.. تأثيث الذاكرة

نشر في: 10 يناير, 2014: 09:01 م

تزخر اهتمامات الفنان والناقد التشكيلي والباحث الجمالي(عاصم عبد الأمير)بكل ما يوصم مديات وعيه وتنويعات تجربته،متمثلة بجدية وذكاء وثراء وفرة المعنى الذي يتناوب ما بين بحث وبحث أثرى وأعمق(رسما- ونقدا) وصولا إلى مايشبه وثوب مناورات مستمرة قادرة على خلق ذ

تزخر اهتمامات الفنان والناقد التشكيلي والباحث الجمالي(عاصم عبد الأمير)بكل ما يوصم مديات وعيه وتنويعات تجربته،متمثلة بجدية وذكاء وثراء وفرة المعنى الذي يتناوب ما بين بحث وبحث أثرى وأعمق(رسما- ونقدا) وصولا إلى مايشبه وثوب مناورات مستمرة قادرة على خلق ذروة متعة ذلك التجاوب الضمني،والتناغي الروحي في مجمل تصورات طرية... مدهشة... نقية وماتعة في فضح هواجسها وانتقاء أحلامها في توريد وجودها اليومي على نحو ما تفعله مهارة الاختيار واستثارات القطع والشد الداخلي(مونتاج)في نسيج لوحاته-عموما-بحكم نسب الذكاء العالية التي تذكي ملكات هذا الفنان-الباحث لتحولها إلى استجابات لونية وخطوط واستمالات فراغ بمشاهد وعلاقات حميمة متداخلة في تثمين دور(الذكاء)على اعتباره،هو من يأمر أو يقرر بالإبقاء على ما هو جوهري من خلال قطع الأغصان وتشذيب الزوائد من تلك التي ليس بحاجة إليها لوحات (عاصم)بوافر إيمانه الراسخ إزاء ضرورات توافر ثوالث قيم ومفاهيم الجمال نعني؛(الحدس... والمخيلة... والانفعال) في ضمان تحديث خطاباته البصرية على نحو ما تمليه عليه هواجسه وأحلامه وتراكمات خبرته.

من هنا...من نوافذ هذه القناعات تتوالى مسارب الدخول- طوعا- إلى محصلات ما توصلت إليه تجربة(عاصم عبد الأمير- تولد/1954 محافظة الديوانية)،وفي أن نسعى لنستعين بتقييم عام لمجمل مساعيه وطبيعة مناوراته(الحرة والمقيدة) في أتون تلك الانشغالات والتحريضات الحاصلة في مناخات ونواتج تحولاته الوجدانية وصدق بلاغة عمق مشاعره في تقليب صفحات أوراق دفاتر ذاكرته وذكرياته بنوع من حذر مشوب بخشوع ودعة حائرة وخوف مبرر،حتى وهو يعمد إلى تشفير جوانب كثيرة من استذكاراته الحانية وتحليلاته اللاحقة،ساعة لحظات تنفيذ أعماله،لكي يعيد صياغتها على منوال ذكائه الخاص وتوافدات متع البحث عما يعيد ويشكل مكونات استحقاقات تعبيد سبل الوصول إلى ما يوافق و يلائم مشيئة متواليات وعيه الجمالي وتفردات حسه وحدسه النقدي بكل ما تدرع به وتحصن من أدوات مراس صعب ومهيب،ساهم في قطف خلاصات تجربة(نوعية) باصرة لدواعي وجودها ومتممات أثرها.
ثمة إشكالية مرحة تسكن عوالم(عاصم) تتجسد بعض ملامحها بسحر تلك اللمحة الواقعية التي تنتقي حروف وكلمات مفرداتها،هي بنفسها لكي تلوذ بتتبع وصياغة جوهر فكرة تتنامى وتفصح عن مكامن أسباب تزايد مشاعر(الخوف من فقدان الشيء ... بعد امتلاكه) لتزيد من تمرير الكثير من التبريرات التي تحيط بمجمل ما يحيط بالإنسان من أشياء وموجودات يخشى فقدانها في أية لحظة، كتلك التي ما أن يكاد المرء يدركها ويلتقط أنفاس أهوائها حتى تكون ضمن دائرة ممتلكاته واحتازاته الشعورية واللاشعورية على حد سواء،لمن يتفق ويؤمن بأصل فكرة أن يكون الخوف أحد أهم الدوافع والمحفزات للكثير من جوانب فهم دواخل وأعماق النفس البشرية،وما تمهيدات(عاصم) في مسببات ميوله للرسم وما نتج عن خبرة كل تلك السنوات إلا تحولات متناغمة مع أنساق تحديث مستمر وحفر في أديم إرث ذاكرته وتكميلاتها النظرية والعملية وهي تعيد وتؤثث- بالتالي- لذاكرة عراقية اكتوت بنار البحث و استدفأت بجمرات المعرفة وارتهان الثقافة،كمديات ومداليل سارات بمحاذاة التعبير والتفكير بالرسم لديه حتى في أخلص حالات تشفعه واقترابه المدهش والمتعمد من رسوم الأطفال من دون أن تقع أو تسقط في فخ، بل، فخاخ تقليد ما يفعله الأطفال على سجيتهم- وتلك سمة فلسفية-جمالية-حدسية-عاطفية نادرة وفريدة في معابر فهمها لما توصلت إليه خصائص الرسم الحديث، التي من أبرز سماته هي الحذف وليس الإضافة،لذا تسعى أعمال (عاصم)-في الغالب- إلى تتويج بطولة الأشياء على حساب البطولات الكاذبة (الدون- كيشوتية)،كما يحتمي في رسوماته بموجزات تأريخ الطفولة، بكل ما يعزز من خلاصات فكره وأصداء معرفته إلى جانب قيمة الاعتماد على اللعب الحر والحي في فضاءات لوحاته الرحبة والمهيأة-دوما- للقبول بأي شيء يديم صدق صلته بواقعه المتصور الخالي من الزوائد والعيوب،وبكل ما يعين و يؤازر سلامة الانحياز الأبدي لجدوى ذاكرته الشاخصة/الحاضرة بجميع محتوياتها وتأثيثاتها المعرفية،كونها مبتدآت للطرق التي يحاول هذا الفنان سلكها واتباع سبل الدفاع عن موجوداته ومقتربات حياته القابعة في قيعان تلك الذاكرة الحيوية والحية والقلقة في ذات مناسيب وجودها المختصر والمحفور على سطح لوحاته الواثقة من مهاراتها الأدائية وتفرعات مقاييس الفهم الأمثل والجدي لمعنى عمق قيم الفن ولمعنى أهمية الجمال في إذكاء نار الحياة ووهجها بأبعاد إضافية ومكملات ما يسعى إليه ذلك الرهط المبدع والمتجدد من أمثال أولئك الذين يسبقون أحلامهم،ويتطوعون بالوقوف والصمود من أجل تحقيق تلك الأحلام مهما طال الزمن وتعثر الخطوات و تأجلت المساعي لأي سبب كان. 
فكرة ما تصاحب زحف معادلات تقيمية لكي تساند وتعمق من تحديد مسارات عاصم (الرسام) وتحيي من لوازم ومساند عاصم(الناقد) تلك التي غمرت عموم تجربته بمسحوق ذلك الحذر المتأني والانفتاح نحو كل ما يجدد حياته الفنية بمتعة البحث وخلاصات جدية ذلك الجهد المعرفي الرصين الفاحص،لكافة التجارب الحداثوية والثورية،بما فيها الاتجاهات والنزاعات(الرديكالية)المتطرفة هيجانا وتباريا دون أدنى مقومات تتيح لهم فهم وهضم مقومات التحديث والمعاصرة الملازمة لفعل التجريب ونوايا تطلعات التجديد،مع واجب الاحتفاظ بروح المحلية وتجليات أثر وفعل الحضارة الرافدينية،عبر دواعي إتمام وإحياء وإدامة تلك الأنساغ والأنساق التي أحيا جذورها وامتداداتها في خارطة التشكيل العراقي الفنان الكبير(جواد سليم) ومن ثم تواليات الرهط التالي ممن سار على نهج تفهمات الدور التحديثي والرؤيوي،من طراز الفنان الكبير(شاكر حسن آل سعيد)،وصولا إلى مرافئ الحداثة وتكثيفاتها الحالية،من قبل من سعى ووعى الدور وأهمية التنظير في حياة التشكيل الثقافي في العراق،وما دواعي ما قدم(د.عاصم عبدالأمير) من دراسات واستهدافات نقدية مهمة- بارعة في تحديد وترسيم مراميها عبر العديد من الإصدارات إلا تأكيد جوهري لمجمل ما كان يعتمل في دواخله من تأطير وتنظير برع في اختيار ما يستحق منه للدراسة والفحص والتقييم ،ولعل أبرزها دراسته الأثيرة حول تخطيطات النحات الكبير محمد غني حكمت المعنونة (حداثة نسب لا حداثة حائرة) وكتابه(الرسم العراقي... حداثة تكثيف) فضلا عن الإسهام مع كل من الناقد والمترجم الكبير جبرا إبراهيم جبرا)والباحث كنعان مكية في كتاب حمل عنوان ( أولى اللغات في العالم ... التشكيل العراقي) و كتاب( المحرم والمباح) وغيرها من بحوث ومقالات حفلت بها العديد من الصحف والمجلات العربية والعراقية المتخصصة في مجال النقد التشكيلي والبحوث الجمالية، لتشكل هذه الإصدارات ونزعة تلك الاهتمامات مثابات إضافية في تعميد تجربة(عاصم عبد الأمير)،إلى جانب الإشراف ومناقشة العديد من رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه- استنارات وتدفقات وفواصل توقفات إجبارية،منها ما أكل من جرف تلك التجربة الثمانينية الخصبة،منذ نبوغ تواجدها وألق تفاعلها في تأسيس (جماعة الريعة... مع الراحل محمد صبري/ فاخر محمد/ وحسن عبود) للفترة من 1982-1990عبرمعارضها الستة،وحصرها بالاكتفاء في معرض شخصي واحد أقامه على قاعة(أثر للفنون) ببغداد/1997 على الرغم من الحضور الدائم والفاعل من خلال المشاركة في المهرجانات والملتقيات والمعارض المشتركة وجماعية(داخل وخارج العراق) مما أهله لنيل عدد من الجوائز ،نذكر منها(جائزة اتحاد التشكيليين العرب/1995 وجائزة التحكيم الخاصة في المعرض الدولي لمنظمة الصليب الأحمر الدولي -بغداد/1997وجائزة الإبداع الخاصة بوزارة الثقافة والإعلام العراقية للعام/1997 ،وقبها حاز على جائزة تقديرية في معرض الفن العراقي المعاصر في الشارقة/1991 ومنها ما أسهم في تبني التأمل وغنى التفكير وسعة المسعى لصالح الإمساك بطرفي معادلة بناء تجربته بـ(الرسم) من جهة وبـ(النقد الجمالي الرصين) من جهة ثانية،في محاولة متوازية-إلى حد ما- نظنها الأندر في تاريخ التشكيل العراقي من حيث جدارة(العمق)- نقدا- وبراعة(الاندفاع)-رسما- الذي سمت به أعمال هذا الفنان والأكاديمي في فضاءات التجديد والتجريب،وشروع حذر السير على حبال طريقين في آن واحد،فيما لم ينته - بعد- لدى عاصم تحديات قطع أشواطه،بثقة الزاهد،الواعد،والواعي لمكملات تطلعاته،حتى هذه اللحظة التي يشارك فيها ملاك معرض حمل عنوان(مدونات رافدينية) ستحتضنه قاعة (الأرجوان) في بيروت منتصف العام/2014 مع الفنانين(فاخر محمد/ومحمود شبر).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram