ينطوي مشروع منحة طلاب الجامعات على إشكاليات عــدة تتأرجح بين الأمنيات الحالمة وبين الوقائع الأرضية المزروعة بالتعثرات وكثرة الاجتهادات، فالفكرة التي بُني من اجلها المشروع كانت مبتكرة ومسعفة لشريحة عريضة تعــد الركيزة الاساس في نهضة البلاد ولكن هذا المشروع تعرض لفترة طويلة الى عمليات شــد وارتخاء ومزايدات ومزاجيات ، كما دخلت فيه الالعاب السياسية والدعايات الأمر الذي تسبب في إحباط عام وبالأخص للمستفيدين من هذا المشروع.
لاشك ان منحة طلاب الجامعة تكتسب اهميتها من جملة ظروف تحيط بالطالب الجامعي وإن تكلمنا عن اصحاب الدخل المحدود او المتوسط فان هذه المنحة تكون بمثابة نجدة سماوية على قدر كبير من الرحمة.

 

الضائقة المالية وتداعياتها

اذا ما وضعنا في البال قضية طلاب المحافظات والاقسام الداخلية فان هذه المنحة تكون المعين الكبير على التواصل مع الدراسة والاجتهاد، ثمة مزايا كبيرة لهذا المشروع ولكن تعقيداته وتأخر تنفيذه وتعدد تفسيراته أسهمت في خلق حالة من التيـه والإحباط سواء للمستفيدين او المشرعين وبالتالي انعكس هذا على الهمة والنشاط وحتى على المصداقية المفترضة بين المواطن والدولة .

(المدى) تسلـِّط الضوء على هذا الموضوع المهم وليكون للمعنيين والمختصين رأيهم فيه.

الدكتور ليث بدر يوسف أستاذ في كلية الإعلام في جامعة بغداد يشير( للمدى) الى ان منحة الطلبة شيء جيد حيث تعين الطلبة على متطلبات الحياة الجامعية ولو بشيء بسيط لكنها افضل من لا شيء، فالطالب الذي يذهب يوميا الى كليته او معهده للدراسة يحتاج الى مبالغ مالية تعينه على اكمال دراسته.وفكرة المنحة الشهرية تعد مبادرة مميزة من وزارة التعليم العالي التي جاءت بموافقة الأغلبية في مجلس النواب وانا ومن خلال مهنتي التي تجعلني على مقربة من الطلبة بمعرفة كبيرة لعدد من الطلاب يمرون بضائقة مالية تجعل البعض منهم يتلكأ بالدوام والبعض الآخر يؤجل الدراسة والبعض القليل منهم يأتي الى الجامعة بملابس صيفية في عـز الشتاء وهذا يدل على عدم قدرة ذوي الطلبة على توفير المبالغ اللازمة لأبنائهم وهناك عوائل لديها اكثر من ثلاثة ابناء في الجامعات ويحتاجون الى مبالغ اضافية لإكمال دراستهم.

معين مهم للطلبة

الدكتور بدر يشير الى ان المنحة جاءت متأخرة ولكنه يقول: أن تصل متأخرة خير من عدم وصولها وهي جاءت لتعين الطلبة وتعـد خطوة وجهودا حثيثة من قبل وزارة التعليم ويا حبذا ان تستمر هذه المنحة بشكل منظم ولا يحدث فيها اي تلكؤ لان الطلبة ستكون انظارهم بعد الدراسة الى هذه المبالغ البسيطة التي تعيل جزءاً من متطلباتهم الدراسية.

واضاف ايضا أدعو وزارة التعليم العالي الى اتخاذ خطوات اخرى لتقليل التكاليف على الطلبة من خلال توفير خطوط مواصلات في مناطق رئيسة في بغداد كالاطراف منها وغيرها من الاماكن التي تستغرق مسافة طويلة ما بين المنطقة والجامعة اضافة الى دعوة الكليات بطبع الكتب والمناهج الدراسية مجاناً ليكون هدفنا ان نقول للطالب ان نفقاتك الدراسية وتهيئة المواصلات لك وكذلك تزويدك بالكتب والمناهج الدرسية مجانا وتبقى مسؤولية الطالب هي الدراسة والاجتهاد ليكون عنصراً فاعلاً في بناء المجتمع.

350 ألف دينار شهرياً مصروف الطالب

إيلاف محمد من سكنة السريدات شمال شرق بغداد طالبة في المرحلة الثانية طب أسنان في جامعة بغداد تشير لـ(المدى) حلمي ان اكون احدى العاملات في مجال الطب وهذا الحلم بدأ يتحقق بالتدريج والآن اعيش وادرس بجدية تامة في مجال التخصص بطب الاسنان. والدي متقاعد وليست لدينا اية ايرادات مالية تذكر، محمد تشير الى أن مصاريفي الشهرية تتجاوز 350 الف دينار ما بين نقل واستنساخ محاضرات وشراء المستلزمات الاخرى وهذا عبء كبير للعائلة لكن طموحنا وحلم والدي ووالدتي يقلل من الأعباء النفسية في المعاناة المادية.

وتوضح ايلاف : استبشرنا خيرا في قانون منح الطالب الجامعي المنحة الشهرية وهذا سيسهم في تقليل النفقات التي ذكرتها ، لكن الوعود اصبحت موضوع قلق وهذا ما يقلقنا وادعو من خلال (المدى) المعنيين في هذا المجال الى ان يكون توزيع المبالغ بشكل شهري ومنذ بداية العام الدراسي بغية تهيئة جميع الاحتياجات الضرورية للفصل الاول الدراسي، كما ارجو من المعنيين في رئاسة الجامعة الى توفير اجهزة الاستنساخ في الكليات بغية استنساخ المحاضرات لا سيما ان الدولة قد وفرت للعملية التربوية في عموم البلاد ميزانية عالية جدا مع ضرورة تهيئة الملاك الاداري الذي يُ سيهم كثيرا في توفير هذه الاحتياجات.

تاثيرات نفسية

عباس الكرعاوي طالب كلية التربية الأساسية في الجامعة المستنصرية يُشير لـ( المدى ) فى اتصال هاتفي أن قانون منحة الطلبة تم النقاش فيه منذ أكثر من عامين واستبشرنا خيراً في إعلان وزارة التعليم المباشرة بالتوزيع لكن فوجئنا بقرار جديد ُيلزم الطالب بجلب كتاب يؤيد مقدار الراتب الشهري لرب الاسرة وان يكون اقل من 400 الف دينار وهذا الأمر أقلقنا كثيراً في حين القرار واضح وهو شمول جميع طلبة الدراسات الصباحية ، عباس اشار الى أن هذا الموضوع وتعليماته وغيره من الأمور المتغيرة أصبحت لها تأثيرات نفسية وأنا بالفعل أُفكر الآن بالمنحة أكثر من الدراسة!

444 مليار دينار

للجامعات كافـة 

المتحدث الرسمي باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قاسم محمد جبار اشار لـ( المدى ) في اتصال هاتفي أن الوزارة باشرت يتوزيع مبالغ المنحة للجامعات التي اخذت بدورها تنظيم القوائم لعموم طلبتها وان هناك تأخيرا قد حصل بسبب العطل الرسمية لكن المبالغ المخصصة تم تسليمها الى الجامعات وان بعض الطلبة قد استلموا مبالغ هذة المنحة والتي ستشمل طلبة الدراسات الصباحية حصراً وأن المبلغ الإجمالي للمنحة للسنة الدراسية الحالية قد بلغ 444 مليار و192 مليون دينار.و بأثر رجعي من بداية العام الدراسي 2013- 2014 . جبار اشار الى أن عدد الطلبة الجامعيين المشمولين بقانون المنحة الشهرية يصل إلى نحو نصف مليون طالب، موزعين على مختلف الجامعات والهيئات العلمية في العراق وأن التوزيع سيستمر حتى نهاية حزيران من كل عام دراسي.

وعن أوضاع الاقسام الداخلية اوضح جبار ان الوزارة لها صورة واضحة عن أوضاع الاقسام الداخلية المستاجرة او ألابنية غير الصالحة وهناك خطة متكاملة لتنفيذ مشاريع كبيرة من خلال إنشاء مجمعات سكنية داخل الاراضي التابعة للجامعة اصلاً فيما يتم حالياً تجهيز الحالات الاساسية والضرورية للطلبة الساكنين فى الاقسام الداخلية.

القلـق من الروتين 

حيدر حسين الساعدي طالب مرحلة ثالثة من محافظة ديالى في جامعة بغداد يشير لـ(المدى) ان المنحة المخصصة للطلبة التي تم الاعلان عنها اكثر من مرة لم يتم استلام اية مبالغ منها حتى يوم 9/1 من هذا الشهر لم يستلم اي طالب من جامعة بغداد المنحة المقررة. وعن سؤالنا عن الاسباب: تجيب عمادة الكلية بان هناك اجراءات ادارية لا يزال العمل جاريا بها من خلال تنظيم القوائم المالية وغيرها من الاجراءات في رئاسة الجامعة وهذه الاجابة اصبحت (سالفة كل يوم) على حد قول حيدر!حيدر طالب عبــر (المدى) ان تكون هناك امور اكثر وضوحا في آلية توزيع المنح اي من خلال اعلام مواعيد الاستلام والتوزيع وان تكون الامور اكثر شفافية لا سيما نحن كطلاب نسكن الاقسام الداخلية ولنا مصاريف كثيرة اي تعادل مصاريف عائلة وان الاخلال او تأجيل المواعيد سيخلق ارباكا لنا ولعوائلنا مما يتطلب منا التفكير في استلام المنح اكثر من التفكير في الدراسة والتركيز على الاجتهاد لاسيما نحن من نسكن الاقسام الداخلية لنا ظرفنا الخاص والضرورى لتوززيع المنح بشكل عاجل .

ضوابط صارمة لآلية الصرف 

عادل عبد الرزاق ثامر مدير اعدادية الرسالة للبنين التابعة لتربية الرصافة الأولى فى بغداد يشير لـ( المدى ) أن المبادرة التي اقرت حول منحة الطلبة جيدة وستساعد الطلبة المحتاجين فعلاً على الاستفادة . مطالباً أن تكون هناك العديد من الضوابط والتعليمات الكفيلة باعطاء تلك المبالغ على مستحقيها ومن اهمها الالتزام بالدوام والاجتهاد والظهور يالمظهر اللائق والجيد وان يكون حسن المظهر.

عبد الرزاق أوضح أن إعطاء المبالغ للطلبة من دون ان تُصرف على الطلاب ومن دون اي قيد او شرط لا يعطي أية قيمة حقيقية لجهد الدولة فى دعم العملية التربوية ومن الأجدر ان يتدارس القائمون فى العملية التربوية لإيجاد خطوات أخرى، عبد الرزاق اشار الى وجود العديد من الطلبة فى عموم مدارس وجامعات البلاد غير المنضبطين بالاضافة الى غياباتهم المتكررة والى تدنى مستوياتهم الدراسية فى جميع الفصول فى حين نرى طلبة مشاكسين وهذه هي قضية أخرى لا بــدَّ أن تؤخذ بنظر الحسبان.