تطلعات فرج لعيبي ليكون فنانا شاملا ، بوصفه يجيد الغناء والتمثيل والعزف على الربابة ، أحبطت لفشله في تجاوز مرحلة الدراسة المتوسطة ، ولم يتحقق حلمه في التقديم الى معهد الفنون الجميلة ، وقبل ان يساق الى الخدمة العسكرية ، قرر التطوع بتشجيع من الأهل والأقارب ، لعله يستطيع ان يوظف مواهبه في وحدته العسكرية فينال إعجاب الآمرين والقادة العسكريين وبوساطاتهم وتاثيرهم، ينقل الى دائرة التوجيه السياسي في بغداد .
انهى فرج لعيبي دورة في صنف النقل والتموين ، فحصل على رتبة عريف ونسب الى وحدة عسكرية ليكون عريف فصيلها الآلي ، اي المسؤول الثاني بعد الضابط ، عن متابعة ومحاسبة سواق عجلات وآليات وحدته العسكربة ، ومن بينها سيارة "الواز"الروسية المخصصة للآمر ، وهذه خضعت لإشراف العريف المباشر ، وفي بعض الأحيان يتولى قيادتها ، وبعد موافقة الأمر يضع مسجلا فيها ، ليستمع الى" بكرات " سعدي الحلي وغيره من المطربين ، عندما يقود العجلة بغياب امر الوحدة .
في أول حفلة أقامتها الوحدة لمناسبة عيد الجيش ، اخذ العريف فرج على عاتقه مهمة استكمال الاستعدادات الفنية واللوجستية بتشجيع من الآمر حتى يبيض وجهه أمام الضيوف وخاصة قائد الفرقة ، وأمراء الألوية ، وفي اليوم المخصص لإقامة الاحتفال ، ارتدى فرج قيافة جديدة واصبح عريف الحفل ومطربه ، وغنى بيت ابوذية أنهاه بقفلة "جيش ثوري وغيرة يعربية " فنال إعجاب الحضور ، فحصل على قدم أهَّله لحمل الخيط الرابع ، وكانت سعادته كبيرة عندما اطلق عليه ضباط وحدته وجنودها لقب "مطرب القوات المسلحة".
بعد شهر من اندلاع الحرب العراقية الإيرانية حمل فرج لعيبي رتبة نائب ضابط درجة ثامنة ، وكان بعيدا عن جبهات القتل ، في "الخلفيات " حيث يقع جزء من وحدته ، فتفرغ للقراءة لتطوير أدواته الإبداعية في كتابة الشعر الشعبي والفصيح ، وتأليف النصوص المسرحية ، لغرض تسخيرها في رفع المعنويات ، ونشرت له جريدة محلية في زاوية بريد القراء ، سطرين من مجموعة ما كان يدعي انها قصائد شعرية ، فاحتفظ بنسخ كثيرة من الجريدة ، وحرص على ان يطلع عليها امر وضباط وحدته ، فارسل لهم نسخهم الخاصة مع إشارة باللون الأحمر الى" السطرين " واسم كاتبها ووحدته العسكرية ، واثر ذلك طلب منه الحضور الى الخطوط شبه الأمامية لتقديم فعالياته عندما تكون الجبهة هادئة.
في يوم العرض استعرض مطرب القوات المسلحة مواهبه الشعرية والغنائية ، والأمور كانت تسير على مايرام ، واثناء تقديم المشهد الاول من المسرحية ، انزعج آمر الوحدة ، لان الحوار تضمن مفردات سوقية تخدش الحياء ، ووسط ضحك المشاهدين ارتفع صوت الآمر وطلب من نائب الضابط ترك المكان مع جماعته "القشامر" ومعاقبتهم بـ (زيان صفر) ، فاعترض بطل العرض ورد على الآمر بالقول " من هذا ما يتطور الفن بالعراق " فتضاعفت عليه العقوبة بتأخير إجازته الدورية لمدة أسبوعين .
فرج لعيبي انتهى به المطاف "حملدار" لزوار المراقد الدينية في ايران ، ومعارفه في منطقة البياع ، دعوه مؤخرا ليجدد نشاطه السابق فاستغفر ربه ، ورفض الاستجابة للدعوة لأنه لا يرغب في منافسة الجيل الجديد من مطربي القوات المسلحة الصومالية .