الملتفون حول سياسات المالكي لا يطلبون منا الصمت وحسب، عن المغامرة بسمعة قواتنا المسلحة وزجها في مواجهات غير مفهومة، تستفز السكان وتخلط اوراق الارهاب بمطالب المعارضة السياسية، بل هم يهاجمون حتى المبادرات التي تحاول تخفيف الاحتقان، وإعادة الاعتبار لمجتمع محلي يمكن ان يعود كما كان، شوكة في عين تنظيم القاعدة، بمجرد ان ينتعش الحوار الوطني الهادئ، وتتوقف مذكرات الاعتقال سيئة الصيت، وتكف المزايدات.
لقد سبق وان قام انصار المالكي بالسخرية من كل تلك المواقف المتعقلة التي بلورها مقتدى الصدر، في مراجعاته العميقة لسياسات المالكي، ونصائحه لفريق السلطة. كما سخروا اليوم من مبادرة عمار الحكيم التي زخرت بمنطق يخفف الاحتقان ويعيد بناء الثقة، وسيسخرون بالتأكيد من الاعلان المسؤول لرئاسة اقليم كردستان، حول اعتزام اربيل طرح مبادرة في هذا الاطار.
كل الضجة التي صنعها انصار السياسات ناقصة الحكمة، كانت تهدف الى اسكات الاصوات المتعقلة، وإبقائها مكتوفة الايدي امام مشهد مليء بالفوضى، يعبث فيه انصاف الاميين، بمصير البلاد، ويقدموا بكل حماقة، طائفة كاملة هدية الى الداعشيين، الذين يتبادلون الخدمات بشكل مقرف وغامض، مع "المالكيين". ولذلك يصاب انصار السلطان بالجنون، حين يبادر العقلاء، الى اقتراح تسوية.
يحاول العقلاء في البلاد، ان يصنعوا جبهة وطنية متماسكة، يشعر في داخلها كل عراقي، بأنه مشترك مع بني جلدته في مصالح كبرى، وأن داعش جسم غريب ينبغي استئصاله. اما انصار فريق السلطان، فقد عجزوا عن الامساك بالقاتل، كجزء من فشل حكومي رهيب، ويحاولون اليوم تلبيس التهمة لطائفة كاملة، او لكل سني او انباري، يرفض ان يكون ذيلا لسياسات المالكي. وهم بذلك يقومون بتقسيم الجبهة الوطنية وتمزيقها، ويقدمون خدمة مجزية لكل الاشكال الداعشية.
وانصار السلطان لا يتوقفون عند هذا، بل سيعمدون الى تشويه كل تحرك يعلي من شأن صوت الحكمة، ويدعو الى حوار وتسويات، ويحذر من الرهان على المدافع والهليكوبترات التي يحبها انصار السلطان بنوع من "الطفولية".
عقلاء البلاد يحاولون دعوة المالكي الى اعادة فهم السياسة، كحرفة محترمة، اجترحها البشر للاستعاضة عن الشغب والعراك. وانصار المالكي يولولون بصوت عال ليثبتوا للمرة الالف، انهم يحكمون بلا سياسة، بلداً لا يمكن ان يدار الا بسياسة حاذقة.
ان الصراخ الذي يحاول السخرية من مبادرة الحكيم بشأن الانبار، ليس مجرد "تلاعن سياسي" بقدر ما هو انكشاف لنوعين من الامزجة التي تتحكم برقعة الشطرنج العراقية، لتهدئها تارة، او تحاول قلب الطاولة تارة اخرى. المزاج الشعبوي الذي يريد تخزين الصراخ لصناعة موقف مليء بالخداع ومتشبث بالخطأ ومعتز بالإثم. والمزاج الاخر الذي يحاول مراجعة المواقف وفهم الحساسيات العميقة التي تحيط بأزمة "العقل السياسي" في معالجته لمأزق الانبار.
والامر يدفعنا الى التذكير ثانية، بالخطأ الكبير الذي تنطوي عليه عبارة استسهالية رهيبة تقول "لا فرق بين المالكي وخصومه، وكلهم في الهوا سوا..". اذ بعد عشرات المواقف الحزينة، اتضح لنا حجم الهوة الواسعة بين سياسات المالكي الارتجالية، التي تضيع الحق بالباطل، وتشتري الاخضر بسعر اليابس، ولا تنصت او تستشير او تتأنى، كما تجد ان نجاتها دائما تكمن في صناعة ضوضاء وصياح وعويل يحاول اعماء البصر. وبين خصوم المالكي الذين نجحوا مرارا في تخفيف الاحتقانات، وقدموا مبادرات مهمة تحرك المياه الراكدة، وترسم ممكنات جديدة في وسعها تخليصنا من السجن الذي وضعنا فيه المالكي وجها لوجه امام خيارات مرة.
ولتقوية المبادرة التي اطلقها المجلس الاعلى، يتطلب الامر تفاهما عاجلا، ليس مع الصدر وبارزاني فقط، بل مع باقي مراكز القوى العراقية المتعقلة علمانية ودينية، ليقدموا للجمهور العراقي "سياسة" في زمن الصياح الذي لا يفقه التدبير وصناعة التسويات الكبرى.
ازدراء عمار الحكيم
[post-views]
نشر في: 11 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 8
عبدالكريم
فك الاحتقان عن ماذا هناك معركه بين الحكومه واهالي الانبار من جهة والمنظمات الارهابيه من جهه امااصحاب المبادرات فاما هدفهم فك الضغط عن المنظمات الارهابيه اومحاولة التقليل من الشعبيه التي كسبتها الحكومه اي مبادرتهم انتخابيه لاننا في الايام الماضيه لم نشاه
علي اللامي
المشكلة يا استاذ سرمد الطائي ان المالكي لا يجيد غير المساومات والكذب على الناس والناس في مجتمعنا اكثرهم جهلة وانفعاليين وعاطفيين والمالكي اه قدرة على الاستعراض امامهم قبل الانتخابات لينتخبوه مجددا
صادق
(مواقف متعقلة ومراجعات عميقةونصائح سياسية)الله، الله، الله! وإذا أتتك مديحتي من سرمـد فهي الشهادة لي بأني كامل! نيالك با مقتدى!
ابو سجاد
الم يكن في جيش المختار قادة وجنودا من المجلس الاعلى ومن التيار الصدري يقاتلون في الرمادي والفلوجة وخصوصا من اصحاب الدمج للمجلس الاعلى اي مبادرة هذه يااستاذ سرمد كل هذه التي تسميها بمبادرات ماهي الا دعايات انتخابية حقيرة تامر الكل فيها والكل شارك في جميع ج
هيمو
دامت اناملك
عهد الوارثين
مغامرات لن تاتى ورقة المصالحة ويكون الجميع رابحين صوت المنطق يقول ان الخارطة سوف تتغير واذ كان يعتقد المالكى بانها ضربة انتخابية فهو واهم سينتهى الامر ببعض المفخخات تضرب مناطق الشيعة وتتصاعد الاصوات داعش تخشى من شى اسمها سياسة لايخشون منطق الصواريخ
فارس الواسطي
المالكي ماعنده بس التسقيط السياسي والحكومه عباره عن عصابه خاتله بالخضراء
قاسم الجيزاني
سرمد راح يموت ناقص عمر بسبب المالكي .. ما اعرف لماذا هذا الحقد على المالكي ؟