اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > داعش من ورائكم.. وامراء الطوائف من امامكم

داعش من ورائكم.. وامراء الطوائف من امامكم

نشر في: 11 يناير, 2014: 09:01 م

وانا اقرأ الحوار المثير الذي أجرته صحيفة الحياة اللندنية مع احد الناجين من سجون "داعش".. انتابتني حالة من اليأس والحزن..يقول سيف الإدلبي، وهو طالب في جامعة حلب "شاركت في تظاهرة ضد النظام (السوري)، وتم اعتقالي. وبعد خروجي من المعتقل بعد شهر، بدأت في الحراك السلمي. وخططت مع شباب لتحريك التظاهرات في الجامعة". ويضيف: "بقيت مطلوباً على حواجز النظام وطردت من الجامعة. كما أن والدي، وهو مهندس يعمل في معمل أسمنت، انشق عن النظام. وواصلت نشاطي الإعلامي في حلب وتنقلت مع والدي على الجبهات". ولم يدربخلد هذا الشاب أن ثورته ستسرق من قبل متطرفين تحولوا في لحظات إلى وكلاء باسم الله يمتحنون أناسا مساكين بعقيدتهم، سيقول البعض إن عمليات القتل والذبح هي طبيعية للصمت الخبيث إزاء ما يحدث من مجازر للشعب السوري الذي قـُتل منه حتى هذه اللحظة أكثر من 120 ألف إنسان.
منذ نصف قرن وفي لحظة إعلان "الجمهوريات العربية المناضلة" وشعوب هذه المنطقة تحولت إلى آلات حاسبة تعد كل يوم عدد القتلى والمغيبين.. ومنذ نصف قرن أيضاً وقادة هذه المنطقة أدمنوا أخبار الدماء ورائحة الجثث في الطرقات.. وأدمنوا معها مشاهد التعذيب وتعليق الخصوم في سجون المخابرات.. الجميع ينظر إلى شعبه على أنه جرذان وفقاعات!
حكاية الشاب الادلبي "ربما كانت جوابا على سؤال ظلت الناس تردده: إلى أين قادتنا جمهوريات الخوف؟ يكتب ألبير كامو منددا بوحشية المنتصرين: "يجب ألا نخلط بين آمال الحرية، والأمل النهائي في الانتصار على الظلم والكراهية والعنف.. فالحرية ليست القتل.. وأيضا ليست السلام الذي يفرض ثمنا دمويا".
كل ما نراه من على شاشات الفضائيات من انهيار لقيم الحياة، هو صناعة حكومية خالصة. فبأيدي قادتنا الأشاوس كتبنا أسوأ صفحات في تاريخ الإنسانية، كلهم حفظوا عن ظهر قلب خطبة موسوليني الشهيرة "لا مكان للعظام العفنة بعد اليوم"..، كلهم ظلوا مشغولين بابتكار وسائل جديدة للقتل، لكن لغة الوحوش واحدة: لا مكان لأنفاس الناس.. هناك طريقان لبناء الجمهوريات الحديثة، إما القبر أو السجن. ليضيف لها دعاة تكفير المجتمع طريقة ثالثة وهي قطع الرؤوس وتعليقها. سيف في حواره مع الحياة يقول "وضعوا رأساً مقطوعاً في وسط الغرفة، وطلبوا من كل واحد منا حمله من أذنيه وتقدير وزنه. أما السياف المصري، فوضع سيفه على رقبة السجين الأرمني، وقال: إنها طرية ولن تعذبني كثيراً" طريقة نادرة من الهمجية تخصص بها القدر السياسي في بلاد العرب والمسلمين، حيث أخرجنا للبشرية خير أمة في فنون القتل والتنكيل وإنشاء مزارع لتربية هذه النوعية من الوحوش المنقرضة.. وربما لا يدري الادلبي ان سجانيه ارادوا احياء تقاليد تراثية حاول المؤرخ البغدادي عبود الشالجي ان يجمع بعضا منها في موسوعة العذاب، حيث نقرأ كيف رمى هشام بن عبد الملك، زيد بن علي في حِجر والدته؟ ورمى رأس مروان بن محمد، آخر خلفاء بني أمية، في حِجر ابنته، ورمى أبو جعفر المنصور رأس إبراهيم أخي محمد النفس الزكية في حجر والده عبد الله بن الحسن، ورمى رأس المعتز بالله في حِجر جاريته، ورمى رأس ابن الفرات في حِجر والده
تنمو القسوة وتزدهر في الظلمة، واليوم الظلمة هي الصمت الذي أصبحت فيه مشاهد قطع الرؤوس، واستخدام المنشار والدريل في تجميل أجساد البشر أمرا عاديا، و"كلبيات" الدماء التي تتفنن في بثها قناة الجزيرة واخواتها.
تكتب هيفاء البيطار في السفير وصفا لجمهورية الخوف في عهد بشار الأسد:"ككل سكان اللاذقية لا نتحدث في سهراتنا إلا عن انتهاكات المسؤولين الذين لا يحاسبهم أحد والذين جمعوا ثروات طائلة، وكنا نراقب فجور السلطة التي تدفع بأحد هؤلاء أن يأمر مواطناً يمشي في الشارع أن يتكوم في صندوق سيارته ويغلقه تماماً ثم يقود سيارته الهامر أو المرسيدس المُجنحة بأقصى سرعة ويعود إلى النقطة ذاتها ليخرج المواطن من القفص وهو يقهقه متأملاً وجوه الناس الذاهلة وشفاههم التي ألصقها صمغ الخوف".
انظمة القمع وجماعات جز الرؤوس، لا تعمل إلا في ظل مجتمع الطوائف، أو صراع المظلوميات على اعتبار أن الإسلام غريب في هذه البلاد، وأن المسلمين مظلومون.. يتعرضون للمؤامرات.. ذلك التفسير المزيف للأزمات الذي لا يرى الواقع، لكنه يحوله إلى مبرر للحشد خلف حكومات طائفية، او جماعات إرهابية ترى في قطع رؤوس معارضيها انتصارا للدين والطائفة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. داخل السومري

    وكنتم خير امة اخرجت للنس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر.انا لست مفسرا للقرآن الكريم ولاكنني كأنسان ينظر للواقع كما هو وكما عاشه ويعيشه المجتمع تحت ظل الاسلام.ولنترك جانبا الدماء التي سالت من بني البشر بحد السيف من الطرفين لان كل طرف يريد فرض رايه بحد ال

  2. صادق

    إي، هذا مقال جبد جدا! فيه مشاعر إنسانية وتعاطف مع البشر ورفض لأساليب القتل الوحشي وروح الشر التي تتلبس الإرهابيين وتنديد بالحكومات الدكتاتورية المتسلطة..... اكتبوا هكذا مواضيع جديدة تهم الناس ومشاكلهم ومعاناتهم. لا تشخصنون مقالاتكم: كال فلان سياسي وحجه ف

  3. Abu Hiba

    اخي علي حسين المحترم هذه المعلومات توكد دور ايران والمالكي لكذبة داعش ومن هي القاعدة ؟؟؟ اذا لم تنظروا إضافي احتفظوا بها وسوف تروا الحقيقة بالأيام القادمات ؟؟ والله يحفظ العراق و شعبه اللهم امين . وردتنا معلومات مؤكده من مصدر من داخل معسكر ايراني في

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram