خير الأسماء "ما عبد و حمد " قول متداول بين العراقيين من الجيل السابق ، التزم به الآباء فاطلقوا على أبنائهم أسماء عبد الله ، والرحمن والقادر والستار والحافظ ، ومحمد ، واحمد وحماد وحمد وحمادي ، ومع مرور الزمن ، تغيرت الأسماء لتواكب التطور ، فاختفت أسماء زبالة وشلاكة ، وتعلاوة ، ومدهورة ، وغيرها ، لينفتح مزاج العراقي أمام أسماء جديدة ، للتعبير عن إعجابه بنجوم السينما المصرية والمطربين والمطربات .
السياسية هي الاخرى فرضت تأثيراتها على الآباء في اختيار أسماء أبنائهم ، ويوم كان الاعتزاز بالانتماء الحزبي يعبر عنه بربطة العنق الحمراء او الخضراء، وبشكل الشارب الهتلري والستاليني ، استخدمت الأسماء لهذا الغرض لإعطاء رسالة للآخرين ان أبا فلان حزبي مضبوط ، يعتنق آيدولوجيا تنظيمه السياسي بإيمان عميق ، وانه مستعد للدفاع عنها ببذل الغالي والنفيس ، مادام الحزب بخير ونهجه ثابت ، وقاعدته الجماهيرية تتسع ، وماهي الا خطوات قليلة حتى يحقق أهدافه ، ومثل هذه الآراء كانت تطرح في أجواء استقرار الأوضاع السياسية ، وعندما اضطربت وبرز الصراع على السلطة ، حصل تخلخل في القواعد الحزبية ، فهناك من ترك العمل السياسي ، وآخر تمسك بموقفه فتعرض للاعتقال ، فدفع ضريبة الانتماء الحزبي واقتنع في ما بعد بان خطوات تحقيق الأهداف تراجعت الى الوراء في طريق يمتد من القطب الشمالي الى الجنوبي .
المسؤولون السابقون والساسة ، حمل أسماءهم الكثير من العراقيين ، والمرحوم عودة مهاوش ، هاجر من الريف الى العاصمة ليعمل حارسا ليليا تأثر بأجواء المدينة ، واعتزازا منه بحكام بلده من ملوك ورؤساء اختار لابنه البكر اسم فيصل والثاني غازي ، وبعد إعلان النظام الجمهوري اختار لحفيده اسم زعيم لإيمانه بان عبد الكريم قاسم خير من انصف الفقراء من حكام العراق ، وبمرور الزمن انضم الحفيد زعيم فيصل عودة مهاوش يوم كان طالبا في الثانوية بعمر 17 عاما الى منظمة طلابية تابعة لاحد الأحزاب ، فطرأ متغير واضح على سلوك الشاب ، بقراءة الكتب السياسية والأدبية باستعارتها من أصدقائه والاستماع الى الموسيقى العالمية ، ونقل لأفراد أسرته إعجابه الكبير برائعة تشايكوفسكي بحيرة البجع ، ودعاهم لسماعها ، لكن دعوته جوبهت بالرفض والاستهجان ، لان الآخرين يفضلون الاستماع الى أغاني الهجع في أفراحهم وليس البجع .
العراق بوصفه بلد الاضطراب السياسي في سنوات تاريخه الحديث ، ترك تداعيات الاضطراب على أبنائه ، ولاسيما من تعرض منهم لملاحقة السلطة ، وكإجراء احترازي خشية التعرض للاعتقال حرقت الأمهات مكتبات الأبناء ، وأم زعيم اخفت كاسيت "بحيرة البجع " داخل وسادتها ، لاعتقادها بانه يمكن ان يكون دليلا لتوجيه تهمة لابنها عقوبتها الإعدام او السجن المؤبد .
اطلاق أسماء المسؤولين والشخصيات الدينية والسياسية على الأبناء ، ظاهرة عراقية بامتياز ، وهي حق شخصي غير قابل للرفض والاعتراض من الآخرين ، الا في حالة واحدة عندما يجرأ احدهم فيختار اسم "داعش" لابنه البكر.
بحيرة " الهجع"
[post-views]
نشر في: 13 يناير, 2014: 09:01 م