لا شك ان علينا قول ما يناسب في حضرة السيد بان كي مون، الامين العام لتلك الامم التي اتحدت قبل سبعة عقود، والذي يزور بلادنا اليوم، رغم علاقتنا المحفوفة بالمكاره مع قراراتها وعقوباتها. وأنا حريص على ان أمثل بأمانة، جيل "الناجين من ويلات الحروب" فأخاطب بكل لين وحذر، تلك الامم، لما عرفته من حزمها وبأسها، ولما دفعه جيلي من ثمن، نتيجة تهاوننا فيما مضى، بذلك الحزم والعزم وشدة البأس وامتناع اليأس.
اننا يا أمين الامم المتحدة، نشكر بعمق وصدق، دعمكم لجيشنا في مواجهة داعش واخواتها، ولا شك انكم كنتم تحثون الدول الكبرى على قبول تسليحنا، كما بذلتم جهدا لاقناع بلدان الاقليم بضرورة ذلك، كي لا نبقى عراة في حفلة الدم، او مثل الايتام على موائد اللئام.
ان من حق الامم التي اتحدت يا معالي الامين العام، وحقها علينا كبير وواجب، ان تقلق على مصالحها وأمنها، وما يتصل بذلك من ملفات تتقاطع في العراق وتتشابك. فقد شاءت السماء ان نجد انفسنا على خطوط التماس بين الحضارات القوية، وفي قلب العالم القديم، وشاء الحظ ان تعثروا تحت ارضنا على نفط كثير، وأن تحتاجوا موقعنا الاستراتيجي لترتيب ضمانات كثيرة، ذات صلة بمستقبل الترانزيت التجاري، والعلاقات الاممية، وأولويات عديدة لن اطيل على معاليكم بتسطيرها.
وأختصر الامر بأننا اذ نعظم ونقدر حقوق الامم في اعناقنا، ومستعدون للتعهد بأننا لن نعارض اجندتها، لاننا اساسا تعبنا من معارضة الدول العظمى، بل وحتى "الصغرى"، وقد تركنا حقوقنا بين يديكم، لتصونوها بأنفسكم، ثقة واعتزازاً بما عرف عنكم من "انصاف وعدل"... فإننا نتجرأ ونعرض التماساً اخيراً ورجاءً بسيطاً، وكلنا ثقة بأنه لن يكلفكم الكثير، بعد كل التنازلات العراقية، للقوى الوسطى والصغرى، منذ بدأت حماقات دكتاتورنا السابق. وطلبنا هذا ان تقدّروا وحسب، رغبتنا في العثور على عراقي "اقل جنوناً" من سلطاننا الحالي، لنجعل منه أميناً ووكيلاً يمنحكم طمأنينة بعدم فعل ما يغضب الكبار او الصغار في تلك الامم التي اتحدت على البر والخير. فهل لكم ان تبلغوا الاخوة الذين تعرفونه وتتشاورون معهم بشأن بغداد ٣ وفلوجة ٤، بأننا موافقون وباصمون بالعشرة على ما طلبوا وشاؤوا، الا ان ان اعتراضنا اليتيم، ينصب على "مختاركم" الذي اصطفيتموه لهذا، ودعمتموه وعززتموه. وليس طلبنا تشكيكاً بحكمة الامم الكبرى والصغرى في الاختيار، حاشاها، لكننا انما نخشى ان تضطرب روابطا بكم بعد حين، نتيجة جنون لا حد له، ربما يعتري صاحبنا بين الحين والاخر، ولا نأمن ان هو رأى كل هذا الدعم المتواصل، ان يعتريه علوّ وكِبَر فيفعل ما يغضبكم ويثيركم، ويعيدنا ثانية خارج "الحظيرة الدولية". ومن سيجرؤ بعدها يا ترى على تجشم عناء اعادتنا الى هذه "الحظيرة" التي لا تنقطع بركتها ولا تنحبس فيوضاتها؟
ان العراقيين لا يرتابون قيد انملة، بأن قراراتكم منذ ١٩٩٠، كانت حريصة على شعبنا بقدر حرصها على شعوبكم الخيّرة النجيبة. وكل ما نطلبه هو ان تتريثوا قليلا، قبل ان يخطئ سلطاننا الحالي، في فهم رسائل الكبار والصغار، ويورطنا ويورطكم ايضاً، فيما يعرض مستقبلنا المشترك الى الخطر العظيم. ولا نملك سوى هذه الرسالة، لنضعها بين ايديكم، كالتماس الى الاخوة المجتمعين ليل نهار، بنيويورك. وما فهم ذلك عليهم بعزيز، ولا ينطوي على اسباب الكلفة والتعجيز، وها انا اختم خطابي بما قاله جدنا هدبة بن الخشرم العذري في باب "أسس المؤاخاة" كما وجدناه في أمالي القالي:
وكن معقلا للحلم واعف عن الخنا
فإنك راءٍ ما حييت وسامع
وأحبب اذا أحببت حباً مقارباً
فإنك لا تدري متى انت نازعُ.
التماس صغير يا معالي بان كي مون
[post-views]
نشر في: 13 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 5
Lahab
السلام عليكم ورحمه الله .اخي الكاتب يجب عليك أولاً أن تستذكراليوم مولد اول من دعى إلى التحام الاءمم ونبذ العنصرية . @
Lahab
السيد صرمد المحترم. أنا في رأي أن نخاطب الامم المتحدة من اجل تقسيم العراق. أنا اعلم سوف ينعتني البعض بعدم الانتماء .ولاكن
ابو سجاد
ماهذا المديح ياخ سرمد متى كانت الامم المتحدة منصفة مع الشعب العراقين منذ بداية الحرب العراقية الايرانية وليومنا هذا هي مع من يخدمها وطموحاتها حتى لو كان دكتاتورا احمق كمختارنا الم تكن تلك الامم مع الطاغية في الثمانينيات في حربه مع ايران وارجوك لاتقل لي هذ
حنا السكران
الحمد لله ان يطالب بتقسيم العراق من اللذين يكتبون ( لاكن)
farid moamad
السرمد أحيي لك جرئتك وما تنحو به وتتمنى لعراق ديمقراطي وانني اشاطرك ذلك لاني من نفس عالم النكبات الصدفة الانقاذ من الحرب والأعتقالات و أني أسألك بالله العظيم وبالوطن التي تؤمن وبالمعتد أن تجيب بصراحة... أعرف تقول لي المالكي دكتاتور منتخب بلا شك ولكن ب