اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "جزية" أهالي الأنبار

"جزية" أهالي الأنبار

نشر في: 13 يناير, 2014: 09:01 م

ماذا يجري؟.. قالها صديق وهو يتابع حروب الفيسبوك حول الأحداث في الأنبار، الصديق الذي علّق على ما كتبه عضو مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي في مدونة له على موقع التواصل الاجتماعي، من أننا "لن ندفع جزية اربعة مليارات دولار " وهو يرد على مبادرة عمار الحكيم، طبعا لم يحدد المطلبي من المقصود بـ"اننا" هل المقصود الحكومة ام الشعب وفي كلتا الحالتين قال الصديق لا أعتقد أن من حق المطلبي ان يكون ناطق باسميهما.. ثم اضاف الصديق: منذ اشهر وأنا أعيش مناخاً يعلو الطائفية والقبلية.. والبعض يريد مني أن أصبح بوقا طائفياً.. قلت للصديق ان الطائفي لا يخوض حرباً من أجل أبناء طائفته، لكنه يخوض حرباً بالناس لصالح موقعه في السلطة".
لقد امتلأت صفحات الفيسبوك بشجب الجريمة التي ارتكبت بحق الجنود الأربعة.. وهذا الشجب والتضامن مع عوائلهم أمر جيد ومهم، لأننا جميعا ضد انتهاك حرمة الإنسان.. إلا أن الغريب ان السيد سعد المطلبي ومعه عشرات النواب أصيبوا بـ"البكم والصم" إزاء الاحداث المروعة التي يتعرض لها المدنيون العزل في الانبار، سواء من عصابات القاعدة او من جراء القصف العشوائي الذي راح ضحيته أبرياء كثر.
أليس من حق اهالي الانبار ان يخصص لهم المطلبي وعالية نصيف والصيهود جزءاً من وقتهم لمعرفة، ماذا يحصل لهم؟، أليس من حق "الضحايا" ايا كانت هويتهم الطائفية، أن تلتفت الحكومة لمناقشة الأساليب التي ادت الى تهجيرهم وقتلهم.
ولاننا نعيش هذه الايام أجواء حرب الانتخابات البرلمانية.. ونستمتع بخطب المالكي عن "المواطنة" وننظر "بإعجاب " لقفزات صالح المطلك بين ضفتي الحكومة والمعارضة، وغارقين حتى أذنينا في مهرجان الخطابة الطائفي، وتخطفنا الصحف والفضائيات لنتابع اخبار السياسيين المزيفين، لم تتوقف ضمائرنا لحظة واحدة عند مأساة النازحين من اهالي الانبار ولم يصدر احد منا ولو بيانا صغيرا عن الضحايا من المدنيين، ولم يهتم الجالسون على كرسي القيادة العامة للقوات المسلحة بإصدار بيان أو مجرد تصريح يوضح للناس ماذا جرى، والأخطر من ذلك ان نوابنا الاعزاء لم يغضبوا، والاصعب من ذلك ان المجتمع بأكمله أصيب بحالة من الصمم المزمن ازاء هذه الفواجع، لان الجميع مشغولون "بمنازلة القوة والعزم" التي يخوضها المالكي، والبعض منا ينتظر اللحظة التي يقرر فيها " جيش الشيخ علي حاتم سليمان " ان يقتحم أسوار بغداد.. للاسف نحن شعب اصيب ضميره بداء اللامبالاة، وتجردت أحاسيسنا من فضيلة الشعور بالاسى والالم تجاه معاناة الاخرين، فارتضينا ان نمارس دور المتفرج.
كل يتحدث عن مصلحة كتلته الحزبية وعن استحقاقها، تختلط الشائعات بالتكهنات والتمنيات، وفي هذا الزحام المرعب لا أحد يتحدث عن مصلحة العراق، وينشغل الجميع بكمّ مخيف من الأجندات المتصارعة، وكأننا في حلبة مصارعة، تطالع أقوال السياسيين فتجد الشيء ونقيضه، وفي وسط هذه الصورة العبثية المرتبكة تجد الأحزاب نفسها في حالة معارضة في ما بينها، أحزاب ضد أحزاب، وسياسيون ضد سياسيين.. نُهبت أموال الشعب.. تفشت المحسوبية والرشوة.. الغش أصبح طريقاً للثروة، والتزوير باباً للمناصب الرفيعة، سنوات مرت ولم نسمع أن مسؤولاً قال بصوت عالٍ "سامحوني فقد أخطأت".
اليوم والمواطن العراقي يعيش وسط أكوام الضياع وصحراء القهر والغبن وتحت سماء تتسع باطراد من بطالة وخوف وموت مجاني، ليس أمام الغالبية من سيئي الحظ، سوى الوقوع في ثقب الطائفة، بما يحمله من بلسم كاذب ووهم خادع لجنّة موعودة كبديل عن إفلاس مشاريع الجنة الأرضية، جنة العدالة الاجتماعية والتنمية والتقدم التي وعد بها سياسيون سعوا للاستيلاء على أي شيء وكل شيء.
ما معنى أن يدفعنا دعاة الطائفية، في كل يوم نحو وطن لا يحده سوى اليأس والخراب،؟
ما معنى أن يصرّ ساستنا ومسؤولونا على التمييز بين سكان هذا الوطن على أساس طوائفهم ومعتقداتهم؟.. ما معنى ان يقول سياسي اننا لن ندفع الجزية لاهالي الانبار؟، وكان سكان هذه المحافظة ليسوا بعراقيين.
الكراهية لها دولتها الآن بما فيها من سلطة قرار، وأجهزة تنفيذ، وماكينات تتزاحم فيها خطابات الطائفية والقبلية لتبدو معها خطابات المواطنة مجرد شعارات مضحكة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. نهى عبد الكريم

    صدقت يا أستاذ علي سئمنا الخطاب الطائفي حيثما كنا يتردد صداه حتى هنا في أمريكا أتباع الاحزاب الدينية هنا يصنفون المواطنين العراقيين الى مواطن درجة اولى ومواطن درجة ثالثة وعاشرة كما كان يفعل الديكتاتور السابق وللاسف حينما نحاججهم على مايحصل في العراق عموما

  2. ريم شاكر الاحمدي

    لست مع المالكي أو سعد المطلبي.. لكن محق أي مواطن أن ينشر الجريمة النكراء التي اركتبها العقيد علي ناصر في المخابرات الصدامية شيخ البوفراج الدليمي بإستدراج الجنود الأربعة من أهالي ميسان الذين دفعتهم الغيرة العراقية لإنقاذ إمراة داهمتها الولادة على اساس فا

  3. عبد الرزاق

    ماء تتصف بالموضوعية يا اخ علي حسين وما هذا الحقد على الحكومه العراقيه وكل ما يتعلق بأمرها . نحن نرفض مثلك قتل او خطف او إلحاق الاذئ بالمدنيين مهما كان لونهم ودينهم ومذهبهم واتجاههم الفكري والعقائدي. ولكن هلّا انتصرت للمدنيين الذين سقطوا من جراء التفجيرات

  4. طارق الجبوري

    اخي وصديقي علي المحترم المصالح الحزبية والفئوية هي الغالبة وقد وجدت اطراف العملية السياسية ان افضل وسيلة للحفاظ على ما تحقق لها من امتيازات ومواقع هو هذا الشحن الطائفي ما يؤسف له ان البعض ما زال يربط خطأ بين داعش والقاعدة واهلنا في الانبار في حين انهم يعا

  5. ابو سجاد

    اليس لاهل الانبار حق باموال بلدهم ام كانت التعويضات علينا فقط نحن اهل الطائفة هذه المنحة او الاستحقاق من حق اي عراقي وليس حكرا على فئة معينة ولا منتا من احد واما مبادرة السيد عمار انها مريبة وجاءت في وقت متاخر جدا جدا بعد ما انهار كل شيء وما بقى غير لغةال

  6. تميم عياش البصري

    اخي عبد الرزاق انا معك يجب الوقوف بوجه القتل والدمار في مكان من العراق والذي تحدثت به صحيح تماما لكنك اغفلت النليشيات التابعة لايران مثل الخزعلي والبطاط وحزب الله وحزب جار الله وعبدالله ونحن في البصرة اعرف بها، لماذا لا تستنكرون ما يقوم به سليماني من تصفي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram