اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لا لردم الأنهار لا لتجريف البساتين

لا لردم الأنهار لا لتجريف البساتين

نشر في: 14 يناير, 2014: 09:01 م

لأن حكومة البصرة المحلية أدخلت قرى وبساتين قضاءي أبي الخصيب وشط العرب جنوبي وجنوبي شرقي البصرة ضمن تخطيطها العمراني ولأن 90% من مساحة قضاء المدينة في شمالها هي أراض محظورة لصالح شركات النفط العالمية وشركة نفط الجنوب وبعد خروج قضاء الفاو نهائياً وناحية السيبة مدمرتين تماماً بعد الحرب مع إيران وتحويلها إلى ممالح مرتفعة عن مستوى الماء جراء صعود المد الملحي كل عام تقريبا لم يبق من المساحات الخضر والأراضي الزراعية في البصرة سوى برية الزبير والرميلة الشمالية والجنوبية وهي برمتها أراض نفطية تعج وتضج بعشرات الشركات الأجنبية المستثمرة فضلاً عن انقطاعها عن مياه شط العرب لبعدها عنه ولعدم وجود شبكة ري متصلة بها. وهكذا خرجت البصرة عن كونها واحدة من أغنى المدن العراقية بالزراعة والمياه إلى برية متصلة ومساكن عشوائية وبذلك أجهزت الحكومة الجديدة على فكرة القرية والبستان وغابات النخيل والكروم والحمضيات التي كانت تعرف بها المدينة منذ وجودها قبل 14 هجرية.
وحتى وقت قريب ظلت مطالبات أهالي القرى الزراعية هناك للحكومة المحلية بضرورة الالتفات لمعاناتهم مع التجريف بساتين النخل وردم الانهار تلاقى آذانا مغلقة دونما إفصاح عن حقيقة وجوهر مسعاها الصامت والمخزي في تحويل قراهم وبساتينهم التي ورثوها عن اجداد أجدادهم إلى مساكن ومحال ومجاري مياه ثقيلة مع تدفق سكاني غير مسبوق ومقصود غيّر من طبيعة القرى الديموغرافية وخرّب وإلى الأبد النسيج الاجتماعي الفريد والمتصل بالسكان الأصليين للمناطق هذه فذهب حكايات موقد الجذوع وقصص الخضراء ام الليف، ذهبت الأُلفة والمودة والمحبة والعلاقة النهرية وأساطير المهيلات المحملة بأطنان التمر وتفسخ خشب الأبلام التي ظلت راسية على الضفاف الخضر منذ علي بن محمد وسليمان بن جامع وهُجرت جواخين التمر التي كانت سلة العالم من العسل والدبس وانتهى عصر الناس الذهبي وكأن لا امس لهذه الحياة التي جاهد اولئك المساكين الأغنياء على ديمومتها لكن يداً قذرة ،غير امينة تسلطت على مقاليد الحكم فأهلكت كل شيء.
يدرج عضو في حكومة البصرة المحلية أعذاراً غاية في السذاجة وعدم المسؤولية فيقول بأن الأراضي الزراعية بما فيها غابات النخيل في البصرة منكوبة وملوثة ولا تصلح للزراعة بعد، لذا ادخلتها الحكومة ضمن التخطيط العمراني وستتحول تدريجياً إلى جزءٍ من المدينة، فيما يقول عضو آخر بان البساتين حلت لنا أزمة السكن التي كانت تعاني منها الحكومة وحين سأله أحد الفلاحين عن مآل الزراعة في البصرة قال نستحدث أراضي زراعية جديدة . يا لعبقرية المسؤولين العراقيين البصريين!! يجرّف ما كان من الأرض عامراً مزروعاً منتجاً قريبا من الماء ثم يستحدث ما لن يجده ، أين ترى يجد العبقري هذا الفضلة من الأرض غير النفطية ،القريبة من الماء لكي يستصلح ويغرس ويسقي؟
على مدى قرون من الزمن، ومنذ أن وُجدَ الإنسان على الأرض يتولى أمر الزراعة والتجارة والمصالح المتعددة من هم من اهل الدراية والمعرفة، ومنذ أن غرس عبدالله بن أبي بكرة في عهد الوالي عتبة بن غزوان فسيله الأول بافتراض عدم وجود البصرة قبل 14 للهجرة وهو عام الفتح العربي للمدينة وحتى قانون التعْبات الذي سنّه المغفور له محمد أمين عالي باش أعيان العباسي توفي في 29 مايس 1928 وأمر الزراعة في البلدة لأولي الخبرة والدراية والحرص وبفضلهم وعنايتهم كانت البصرة واحدة من جنان الدنيا، لقد عمّر هؤلاء التقاة، الثقاة، البررة الأراضي والنفوس وبأرواحهم التي لم تعرف الغدر والخسة والنذالة كانت (الدنيا بصرة) كما كان يسمّي الدنيا سكان الخليج، أليس معيباً ان تغزو أسواق البصرة اليوم تمور السعودية وإيران وتونس، الا يخجل حكامنا من ذلك ؟ ألا نجد بينهم من هو بصريٌّ أصيلٌ بمعنى الكلمة يقف الوقفة تلو الوقفة كالتي وقفها في سبيل قومه وناسه النائب عن التحالف المسيحي خالص ايشوع اسطيفو الذي انفق أكثر من سنة ونصف السنة من عمر وجوده في البرلمان وهو يجاهد ويناضل من اجل قومه في سهل نينوى حتى تكلل جهده بالنجاح بإصدار المحكمة الاتحادية قرارها الخاص بتفسير المادة 23-ثالثا/ب والخاص بحضر التملك لأغراض التغيير السكاني .
سنعود للقرار في مادة لاحقة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

المتفرجون أعلاه

جينز وقبعة وخطاب تحريضي

تأميم ساحة التحرير

زوجة أحمد القبانجي

الخارج ضد "اصلاحات دارون"

العمودالثامن: جمهورية بالاسم فقط

 علي حسين ماذا سيقول نوابنا وذكرى قيام الجمهورية العراقية ستصادف بعد أيام؟.. هل سيقولون للناس إننا بصدد مغادرة عصر الجمهوريات وإقامة الكانتونات الطائفية؟ ، بالتأكيد سيخرج خطباء السياسة ليقولوا للناس إنهم متأثرون لما...
علي حسين

قناديل: لعبةُ ميكانو أم توصيف قومي؟

 لطفية الدليمي أحياناً كثيرة يفكّرُ المرء في مغادرة عوالم التواصل الاجتماعي، أو في الاقل تحجيم زيارته لها وجعلها تقتصر على أيام معدودات في الشهر؛ لكنّ إغراءً بوجود منشورات ثرية يدفعه لتأجيل مغادرته. لديّ...
لطفية الدليمي

قناطر: بين خطابين قاتلين

طالب عبد العزيز سيكون العربُ متقدمين على كثير من شعوب الأرض بمعرفتهم، وإحاطتهم بما هم عليه، وما سيكونوا فيه في خطبة حكيمهم وخطيبهم الأكبر قس بن ساعدة الإيادي(حوالي 600 ميلادية، 23 سنة قبل الهجرة)...
طالب عبد العزيز

كيف يمكن انقاذ العراق من أزمته البيئية-المناخية الخانقة؟

خالد سليمان نحن لا زلنا في بداية فصل الصيف، انما "قهر الشمس الهابط"* يجبر السكان في الكثير من البلدان العربية، العراق ودول الخليج تحديداً، على البقاء بين جدران بيوتهم طوال النهار. في مدن مثل...
خالد سليمان
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram