انشغلت الأوساط الإعلامية الرياضية وحتى الجماهيرية في الأيام الماضية بالأداء المفاجئ الذي أظهره أسود الرافدين في مباراتي السعودية وأوزبكستان بعدما أنهوا مشاركتهم في بطولة غرب آسيا الثامنة بخيبة أمل كبيرة كدنا نطوي معها صفحة اللاعبين أنفسهم الذين لم يقدموا ما يؤكد استحقاقهم تمثيل العراق لولا تزامن انطلاق نهائيات أمم آسيا تحت 22 عاماً بعد أربعة أيام واستشعارهم بخطورة موقفهم في التمثيل الدولي مستقبلاً فحدث التغيير الذاتي أولاً وانصهر الجميع بمسؤوليتهم للدفاع عن سمعة اللعبة فكانت النتيجة "رد اعتبار متميّز" لا فضل فيه لسواهم.
وكم سُعدنا بارتقاء المنتخب الأولمبي إلى صدارة المجموعة بالرغم من تباين مستوى المنافسين السعودي والأوزبكي وفارق البنية الجسمانية والخبرة وحسن التعامل مع أوقات المباراة التي مالت لمصلحة لاعبينا بنسبة كبيرة بحكم المشاركات المتوالية لهم في تصفيات كأس العالم منذ عامين ووصولهم إلى وصافة بطولة غرب آسيا السابعة في الكويت ودورة الخليج 21 في المنامة وبلوغهم المركز الرابع في نهائيات مونديال تركيا للشباب بدليل إن مدرب المنتخب السعودي خالد القروني ذكر في تصريح نقله الموقع الرسمي لاتحاد كرة القدم السعودي أنه واجه المنتخب الأول للعراق وليس الأولمبي وكان محقاً في تصريحه هذا في ضوء المشاركات المهمة التي أسهمت في صقل تجارب اللاعبين ذاتهم وتمرّسهم في مجابهة المنتخبات القوية باستثناء العرضين البائسين في الدوحة أمام البحرين وعُمان اللذين لم يُكشف عن أسبابهما الحقيقية حتى الآن بانتظار خروج المدرب المُبعد هادي مطنش عن صمته الذي فرضه حرصاً منه على استقرار المنتخب في مسقط حتى انتهاء البطولة!
وإذا ما تغلغلنا في الشؤون الفنية للمنتخب ، يحسب للكابتن الخلوق أحمد إبراهيم توظيف إمكاناته لتماسك خط الدفاع والانسجام في حالات التغطية والمشاركة في بعض الطلعات الهجومية الفعّالة ثم العودة لغلق المساحات أمام محاولات المتنافسين لبناء الهجمات السريعة ، ما أضفى تنظيماً جيداً في المنطقة الخلفية عانينا من تخلخله كثيراً ، مع ضرورة الانتباه إلى سلبية المدافع وليد سالم في عدم تقنين جهده طوال الشوطين وانقطاع الوصل بينه وبين أمجد كلف ما ترتب على ذلك تصرّف سالم مندفعاً بصورة مبالغة أحياناً للمشاركة في تمويل الكرات إلى المهاجمين ثم رجوعه بسرعة إلى التمركز في منطقته الأمر الذي يستنزف منه طاقة كبيرة تؤثر على لياقته البدنية ويغدو صيداً سهلاً في مرات عدة للنفاذ منه وتشكيل تهديد حقيقي على مرمى الحارس الأمين جلال حسن.
ومن دون شك فأن الكرة العراقية كسبت واحداً من المهاجمين الشباب اللاعب مروان حسين بعدما أكد حضوره اللافت وزياراته المباغتة لشباك المنافس في لحظات تذكرنا بمهاجمين قناصين بارعين ينتهزون اللحظات المناسبة لاستقبال الكرة من أوضاع سليمة نتيجة ذكاء حسين وحُسن قرأته لتحركات خصمه في أنصاف الثواني ، فأصبح تحت الضوء بعدما سجل ثلاثة أهداف حتى الآن قابلة للزيادة إذا ما حافظ على مستواه وكافح آفة الأنانية مبكراً وزاد من تماسك اللعب الجماعي مع زملائه ليضع قدميه بقوة في طريق النجومية مع المنتخب الأول خلفاً للكابتن يونس محمود المعتكف بعيداً وهو مؤشر طبيعي انه لن يكون جاهزاً ولا يصلح لأية مهمة مقبلة إذا إذا كان من يصرّ على دعوته يخادع نفسه ويجامل على حساب الاستحقاق الصعب لمواجهة الصين في مباراة الحياة أو الموت!
حسناً .. قدمت لنا نهائيات أمم آسيا تحت 22 عاماً نصف منتخب الأمل على أن يتم تقوية العمود الفقري للمنتخب بمنح لاعبي الدوري المهاريين حقوقهم الدولية، وهو ما حذرنا منه سابقاً لئلا يعاود أصحاب العلاقات استغلال تسلطهم على شؤون المنتخب الأول لتمويه الجمهور الرياضي بأن ما يتحقق هنا وهناك من نتائج إيجابية تمثل قناعة راسخة وملزمة بعدم الالتفات لعشرات اللاعبين البارزين في دوري الكرة الذين قتلتهم رؤية المدرب الأحادية المحكومة بعاطفته أكثر من موضوعيته بمصير منتخب الأسود!
منتخب نصف الأمل
[post-views]
نشر في: 15 يناير, 2014: 09:01 م