TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المالكي في مذكرات غيتس

المالكي في مذكرات غيتس

نشر في: 15 يناير, 2014: 09:01 م

يقول المعلقون في الشأن الدولي ان هناك "هزات ارتدادية" سنظل نسمعها على مدى اسابيع، نتيجة نشر مذكرات روبرت غيتس، وزير الدفاع الاميركي السابق الذي عمل مع بوش وأوباما، وتولى رعاية الانسحاب العسكري من العراق. لكن غيتس يقول اشياء اكثر تعلقاً بالعراق وبنوري المالكي تحديداً، خلال جولته التي بدأها منذ ايام، للترويج لمذكراته، التي يقول خبراء انها ستساعد على فهم اكبر لطريقة صناعة السياسات في المكتب البيضاوي وباقي مؤسسات صنع القرار في الولايات المتحدة، كشهادة كبيرة من داخل العقل الاميركي.
في نيويورك توقف الوزير ليشرح اشياء عديدة يبدو اننا سنستمتع بقراءتها، حول العراق، منها قوله ان نوري المالكي فوت على نفسه وعلى العراقيين، فرصة كبيرة وفرتها اميركا بين ٢٠٠٩ و٢٠١٠، وكان يحسن به ان يتعامل بطريقة تصالحية حينها مع سنة العراق، ليدعم التسويات السياسية والامنية، التي وفرت امنا نسبيا معقولا يومذاك. لكن المالكي حسب غيتس، فعل العكس وراح يبدي عداء حادا للسنة، ووفر مدخلاً لأسوأ ما حصل لاحقا، ولما نعيشه اليوم من انتعاش جديد لتنظيم القاعدة. ومن الجيد ان غيتس لم ينس ان القاعدة "استغلت بشكل بالغ القساوة، عداء المالكي الحاد للسنة" في اشارة الى اجواء الخوف التي خلقها رئيس الوزراء واستثمرتها تنظيمات الموت التي تريد ان تنصب نفسها حامياً لأهل السنة المغضوب عليهم.
غيتس راقب المالكي بدقة وتعامل معه في اكثر اللحظات حراجة، في الانبار وبغداد بشكل خاص، ولمس بيديه ثمار الخطة التصالحية التي رعاها قائد الجيوش ديفيد بترايوس، كما واصل الاشراف على الترتيبات النهائية لسحب القوات، ولصفقات التسليح والتعاون العسكري، وكان متحمسا لدفع مليار دولار سنويا كمساعدات عسكرية لحكومة بغداد. اي انه كان من ابرز الداعمين للمالكي ولمسار التهدئة والاستقرار، الذي كان منصة صعد عليها المالكي سياسيا. لكن وزير دفاع اميركا يعترف بشيء من ذلك الالم الذي ينتابك حين تدرك الاشياء متأخرا، فيقول "لقد صار المالكي اكثر طائفية مما كنا نتوقع"!
الوزير الاميركي يدلي هنا باعتراف نادر معبرا عن شعور اميركي بالخذلان، من قبل نوري المالكي، وهذا ما كنا نعبر عنه طوال شهور، بأن المالكي اصبح بشكل او بآخر، عبئاً على السياسة الاميركية، في ملف سوريا وفي التعامل مع التركة التصالحية لأمثال ديفيد بترايوس. بل ان الدكتور احمد الجلبي يذهب اكثر من ذلك مردداً في اكثر من مناسبة ان الحاج ابي اسراء صار عبئاً حتى على السياسات الايرانية، عبر تطرفه وتسرعه وإهماله الدائم للنصح وريبته الوسواسية حيال الجميع!
والحقيقة التي لابد ان نتذكرها كل يوم ونحن نفكر بمفارقة نوري المالكي التي تدور حولها الاخطاء والخطايا، ان الرجل اصبح اولاً وقبل كل شيء، عبئاً على طائفته، وعلى شيعة العراق، قبل ان ينتشر شرر ارتجالاته الى اي طرف آخر. فأكثر الاموات العراقيين هم شيعة، وأبرز الاصوات التي تحمست لعزله كانت شيعية، وصوت مرجعية النجف ظل يبين دونما كلل، ان الاخطاء الحكومية صارت اخطر على العراقيين، من اي مؤامرة قد يحوكها الخارج.
ولذلك فإن الوقت يبدو مناسباً لغيتس ولشريحة واسعة من المحللين، للتعامل بدقة مع وصف المالكي بأنه مجرد "طائفي"، ذلك لانه خارجٌ اليوم عن مطالب عقلاء الطائفة، الذين يشعرون بأن الحاج يورطهم في معارك مجانية مع معتدلي السنة والاكراد كذلك، ليقوم بمشاغلة فقراء الشيعة، عن كل الفشل في خطط الانفاق والتنمية، للبقاء في كرسيه، مستقويا ب"غوغاء شعبية" على اهل الحل والعقد في الطائفة.
ان المالكي هو نموذج مثالي لأسوأ حالات التشبث بالسلطة مهما بلغ الثمن، وهو لا يمتلك تصورا لمصالح طائفته، التي تنوء بدفع ضريبة خطاياه، بل يفقد توازنه ويختل نفسياً، اكثر مما كان يتوقع السيد غيتس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. فيصل

    يعني اذا راح المالكي يبطلون القاعده والبعث والفكر الذي مارس العنف ضد الشيعه من اليوم الاول وروج بان الشيعه هم من ادخل امريكا للعراق ليس كل ما يقوله الامريكان هو من المسلمات فقبل المالكي كان الوضع اشد وسيظل بعده ولم يكن ذهبيا في زمن صدام الذي يمثل الراي ال

  2. ابو محمد

    هذا المقال هو تحليل لاحد ضيوف قناة الحرة عراق تم بثه قريبا وهو لاحد الخبراء الامريكان الذين استضافتهم قاناة الحرة عراق من واشنطن لا ارى ان للكاتب الحق في ان ينسبه الى نفسه

  3. yass al-basry

    الى متى نبقى في دوامه ؟

  4. نبيل

    بارك الله يك وبامثالك والله والله والله والحسن والحسين نحن العرب لا نتمنى للعراق الا الخير ويعيشوا مع بعض بمحبة وان يرموا الماضي من ورائهم بغض النظر من كان مع ومن كان ضد والتعلم من جنوب افريقيا لون مختلف ديانات مختلفة لغات مختلفة اصول مختلفة افارق

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram