ذكرت مرة عازف الكمان الإسباني بابلو دي ساراساته 1844-1908، وقلت إن هذا العازف الماهر الذي كان بين أشهر عازفي الكمان وقتها، هو من كان وراء تأليف عدد من الموسيقيين الفرنسيين الكثير من الأعمال ذات المواضيع الإسبانية. وذكرت أهمها وأشهرها، أوبرا كارمن لبي
ذكرت مرة عازف الكمان الإسباني بابلو دي ساراساته 1844-1908، وقلت إن هذا العازف الماهر الذي كان بين أشهر عازفي الكمان وقتها، هو من كان وراء تأليف عدد من الموسيقيين الفرنسيين الكثير من الأعمال ذات المواضيع الإسبانية. وذكرت أهمها وأشهرها، أوبرا كارمن لبيزيه، فموضوعها إسباني وهناك تأثير واضح للموسيقى الإسبانية التي تلقفها الفرنسيون بشغف ارتباطاً بدي ساراسته. العمل الشهير الآخر هو السيمفونية الإسبانية لأدوارد لالو 1823-1892، وقد استعمل فيها الكمان المنفرد. لكن التأثير كان أبعد من الاهتمام بالموسيقى الإسبانية، فقد كانت براعة عزف بابلو دي ساراساته وشخصيته ما حفز هؤلاء الموسيقيين على كتابة أجمل الأعمال له ليقدمها.
واليوم أسوق مثالاً جديداً على هذا التأثير، وهو عمل كامي سينت – سانس 1835-1921 المعنون "مقدمة وروندو كابريتشيوزو" في لا الصغير (عمل رقم 28) للكمان والأوركسترا الذي كتبه في العام 1863. والعمل كتب ليقدمه بابلو دي ساراساته ، ويستغرق أداؤه قرابة تسع دقائق. تبدأ هذه المقطوعة الساحرة بمقدمة للكمان بمصاحبة خجولة من الاوركسترا، ثم يبدأ قسم الروندو وهو شكل موسيقي تقليدي يعتمد تكرار الموضوع ثلاث مرات على الأقل (بصيغة أ ب أ ج أ). لكن وصف الروندو بصفة كابريتشيوزو يدل على حرية أكبر في البناء الموسيقي، لأن الكابريتشيو (أو كابريس، ويعني نزوة) في الموسيقى هو شكل حر نشط الإيقاع.
حاز هذا العمل نجاحاً كبيراً ويعد بين أشهر أعمال هذا المؤلف الفرنسي الكبير الذي لا نزال نستمتع بأعماله الجميلة المتميزة حتى اليوم.