هناك صفات تحمل معنى المدح والذم في آن واحد. من بينها "الشطارة". قد تعني الذكاء او التحايل. اما الفصل بين المعنيين فقد يأتي عن طريق نبرة من يلفظها او السياق الذي قيلت فيه. فالأب العراقي مثلا، يفرح حين يقول له المعلم ان ابنك شاطر. لكنه عندما يشعر بأحد ما يحاول تضليله يرد عليه: لا تتشطر عليّه!
أجاد الإسلاميون بكل البلدان العربية التي تخلصت من الطغاة التقليدين من صدام الى زين العابدين الى مبارك وصولا للقذافي، استخدام لعبة الشطارة في الوصول الى الحكم، ونجحوا. خطفوا الربيع وعينك عينك لفلفوه في بجيوبهم:
يا من تعب يا من شكه يامن على الحاضر لكه
عند الشاطر الإسلامي السلطة غاية. يدعي التقوى وباطنه العن من الطغاة الذين سبقوه. قال المصلاوي عبو المحمد علي في واحد من موالاته:
دنياك هذا وضعها من الأزل ما تو
توهب وتسلب شديد لو احكمت ماتو
مرت على أجيال وفنتهم غدوا ماتوا
واحنا ندوّر بها انس الزمان وراح
ونريد منها الأماني والأمان وراح
كلما اجه العين أذّانا ومات وراح
ألعن يجينا ينسينا الذي ماتوا
وقد تنفع الشطارة صاحبها لكنها، مهما علت او ضُبّطت، لا تبني دولة ولا تعمّر وطنا.
ما ذكرني بشطارة الإسلاميين هو موقف الإخوان بمصر من عملية الاستفتاء الأخيرة على الدستور. أعلنوا انهم يقاطعوه حتى يضيعوا حجمهم الحقيقي على الأرض. معروف في كل بلدان الدنيا انه ليس كل من له الحق في التصويت سيذهب لصناديق الاقتراع. الفكرة، انهم أرادوا الإيحاء ان كل من لم يصوت هو منهم. شطارة. أما اللعبة "الأشطر" فانهم سيضمنون ان نسبة المصوتين بنعم ستتعدى حاجز الـ 90% دون أي تزوير. بالحقيقة لا حاجة للتزوير. ولأن الطغاة علمونا بان فوزهم بالكرسي الدائم للحكم دائما يأتي بالـ 90% فما فوق، فسيستغلونها للطعن بصحة التصويت والادعاء بانه استفتاء صوري.
ما يريح النفس ان الشطارة حيلة، وان الحياة علمتنا أن من يعش بالحيلة يموت بالفقر.
شطارة الإسلاميين
[post-views]
نشر في: 17 يناير, 2014: 09:01 م