احد المنكوبين من العملية السياسية ، وفشل توطيد النظام الديمقراطي في العراق ، وتعبيرا عن خيبة امله من الأداء الحكومي ، وانشغال مجلس النواب بالخلاف العميق بين كتله وابتعاده عن دوره التشريعي والرقابي ، المنكوب استعار اسم "زاير مشتت" ، واخذ عبر شبكة التواصل الاجتماعي ، يستعرض تفاصل نكبة العراقيين في محاولة لحشد الراي العام ليكون عنصر ضغط على المتصدين للمشهد السياسي ليجبرهم على إعادة النظر بمواقفهم ، وتصحيح الأخطاء السابقة ، والاتفاق على صيغة موحدة لخدمة الشعب ، انطلاقا من شعاراتهم وبرامجهم ومزاعمهم .
زاير مشتت ابدى اعتراضه على الاستعانة بالعشائر، مع تقديره واحترامه لدورها الوطني ، لتكون عاملا وأداة في بسط الأمن في المناطق المضطربة ، وحذر في الوقت نفسه من الاعتماد على شخصيات عشائرية عرفت بتذبذب مواقفها لدعم الحكومة ، واستخدام تأييدها وولائها للحصول على مكاسب لبعض المسؤولين من أصحاب القرار .
قراءة الزاير لعلاقة حكام العراق السابقين والحاليين مع شخصيات عشائرية ، أكدت حرص الجهات الرسمية في مراحل متعددة من تاريخ البلاد بوجهاء القوم ونفوذهم ، عندما تتطلب الأحداث دعما اجتماعيا ، وخاصة أثناء اندلاع الحروب ، وفي القضاء على حركات التمرد (التسمية الرسمية للانتفاضات الشعبية) ، ويحتفظ التاريخ العراقي بأسماء، سخرت اتباعها لخدمة الحكام ، مقابل الحصول على نوط الاستحقاق العالي ، ومكرمة سخية من البلاط والقصر الجمهوري .
الاستثناءات حاضرة في قراءة زاير مشتت ، والرجل لايقصد التعميم ولا يرغب في الغاء دور شخصيات عشائرية كانت لها مواقف معروفة معارضة للسلطة ، فتعرضت للملاحقة والاعتقال ، وبغيابها ظهر ما يعرف باسم "شيوخ التسعين" فكلفوا بمهمة تسليم الهاربين من أبناء عشائرهم لأقرب مفرزة انضباطية ، والمهمة الأخرى بث الروح المعنوية بين صفوف اتباعهم لتحمل نتائج العقوبات الاقتصادية ، بشد الحِزِم على البطون ، والتمسك بالصبر والصمود للوصول الى ضفة النصر الناجز بعون الله وعزم القائد .
شيوخ التسعين ازدادت أعدادهم وأدوارهم ، وفي نسخة العراق الديمقراطية فرضوا هيمنتهم على الوزارات ، ويوم أفرزت العملية السياسية وبرعاية أميركية نظام المحاصصة ، تحولت المؤسسات الحكومية وبجهود" بناة الدولة " الى واجهات عشائرية ، فسكرتير الوزير ومدير مكتبه وعناصر حمايته وكبار الموظفين ينتمون الى عشيرة واحدة ، وهذا التوجه يشمل جميع الوزارات باستثناءات قليلة جدا .
أمام زاير مشتت وغيره من دعاة رفض الاستعانة بالعشائر لبناء الدولة مهمة شاقة وصعبة ، لرفضها من قبل المسؤولين وبعض الساسة الحريصين على توطيد علاقاتهم بشخصيات عشائرية لضمان الحصول على المزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة ، فضلا عن ذلك فإن الحكومة شكلت مجالس إسناد عشائرية ، وعينت مستشارين لشؤون العشائر ، لتحقيق مشروع المصالحة ، وفي الاحتفالات العراقية ، يقدم عريف الحفل احد الوجهاء ليلقي كلمة نيابية عن العشائر يجدد فيها المطالبة بالسلاح على اختلاف أنواعه ، من رشاشات خفيفة ومتوسطة وهاونات لإسناد القوات المسلحة ، والاستعداد لخوض منازلة كبرى ضد الدول الداعمة للإرهاب ، وهذه الشعارات سمعها العراقيون قبل عشرات السنين ، وهي بنظرهم "ملخيات" للاستهلاك المحلي.
نكبة زاير مشتت
[post-views]
نشر في: 18 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبو نرجس الرويعي
سلطة العشائر هي نتاج طبيعي وتاريخي للنظام الأقطاعي البائد وقلة الوعي وأنتشار الأمية والجهل والتخلف ...وبعد أضمحلال الأقطاع في العراق ...أخذ شيوخ العشائر يستمدون قوتهم من الأرتباط بالسلطة الحاكمة بأعتبارها مصدر القوة والنفوذ ..وتحت شعار (الياخذ امي يصير عم