TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > اسماء تعرفها بغداد

اسماء تعرفها بغداد

نشر في: 15 نوفمبر, 2009: 03:48 م

حوار: عادل العرداوي مدخل شخصية بغدادية معروفة لها باع طويل في مجالات البحث والتأليف العلمي والادبي الغزيرة طوال الـ (70) عاما المنصرمة انه العلامة محمد بهجت الاثري.. الذي احتضنته بغداد منذ مصافحة عينيه نور الحياة اول مرة في عام 1904 في محلته القديمة جديد حسن باشا..
هذا الرجل البغدادي الذي لا نضيف الى مكانته او موقعه الادبي والعلمي شيئا جديدا.. لانه غني عن التعريف فقد نشأ مع نشوء بغداد الحديثة ونهل العلم والمعرفة اولا من كتاتيبها الصغيرة.. ومن حلقات الدرس والمناظرة التي كانت تشهدها مجالسها الادبية المعروفة.. تعلم في البدء حفظ القرآن الكريم.. ومن ثم دخل المدارس العثمانية الموجودة آنذاك.. وعاصر بغداد تلك المدينة الصغيرة ذات الازقة الضيقة.. التي تستيقظ مع أذان الصبح وتسكن بعيدا أذان العشاء حيث يلفها ظلام ليل طويل.. ومع تقلب الظروف التي عاصرت بغداد عبر هذه الحقبة المهمة من تاريخها اي منذ بداية القرن ا لعشرين.. كان الاثري معاصرا لاحداث هذه المدينة وتناقضاتها ووثباتها.. الاثري شهد احداثا معروفة مرت ببغداد والعراق.. تقهقر الحكم العثماني.. ودخول قوات الاحتلال البريطاني بقيادة الجنرال "مود" عام 1917 وتأسيس الحكم الوطني عام 1921.. ومساهمته بالتدريس في مدارس العراق الاولى واشغاله للعديد من الوظائف المهمة في التعليم والتفتيش والاوقاف والمجمع العلمي.. واشتغاله في الصحافة ومشاركته في حركة مايس 1941.. وتعرضه للسجن والنفي من جرائها وتوليه بعد ثورة 14 تموز 1958 مديرية الاوقاف العامة في العراق.. وفي الجانب الفكري.. فان للاثري صولات وجولات واضحة.. حيث اغنى المكتبة العربية بعشرات الكتب القيمة في الادب والدين والتاريخ والتراث والتحقيق.. اضافة لمكانته الشعرية.. اذا ما عرفنا ان هذا الرجل شاعر موهوب ذو قريحة جياشة في شتى المجالات. من خلال جلسة الذكريات الطويلة التي عقدناها مع الاثري في بيته ورغم "اعتلال" صحته واعتكافه الفراش.. فقد اغنانا بفيض ذكرياته ذات النكهة التاريخية والطريفة في الوقت نفسه خاصة انه يمتلك ذاكرة مليئة بشتى المواقف والحكايات التي عاشها.. وعاشتها بغداد من خلال تاريخها الماضي والحاضر.. فلا بأس اذن ان نتعرف على صورة بغداد القديمة من استذكارات ووقفات الاثري.. فهي اذن فرصة للجيل الذي لم يعش بغداد القديمة ان يتعرف على ملامح ايام زمان. الاثري ابن الرصافة.. وبالتحديد ابن قلب الرصافة.. حيث ولد في محلة جديد حسن باشا على مقربة من الجسر من المستنصرية العظيمة وشب وترعرع فيها ردحا من الزمن يوم كانت هذه المحلة العريقة.. من اكبر محلات بغداد السكنية في بدايات هذا القرن.. سألته عن الرصافة قبل (70) عاما وابرز ملامحها العمرانية والتخطيطية والاجتماعية انذاك.. فقال:ـ ـ حدود الرصافة اواخر العهد العثماني.. تبدأ من المحل الذي كان يعرف بباب المعظم حيث تقوم بناية وزارة الدفاع الآن.. اذ كان هذا الباب بابا عاليا ضخما ينفذ منه الى ربض المدينة اي اطرافها.. ويمتد منه طريق ينتهي الى الاعظمية وأما وراءها.. هذا من الجهة الشمالية من المدينة.. وينتهي حدها الجنوبي عند اوائل شارع باب الشيخ حاليا ثم تلي ذلك البساتين التي تمتد الى الباب الشرقي وما وراءه الى الكرادة وما الحد الشرقي فهو يبدأ من باب الطلسم عند مقبرة الشيخ عمر السهروردي.. التي كانت تعرف في التاريخ بمقبرة (الوردية) ثم غلب اسم الشيخ عمر على الاسم القديم.. وكان يحيط بالمدينة اي جانب الرصافة سور وخندق.. اما السور فقد اندرس اكثره يومئذ.. وبقى الخندق الذي يمتد من نهر دجلة من شمال وزارة الدفاع الحالية.. وقد دفن هذا الخندق وجعل قسم منه حديقة.. وهي تمتد من جهة جامع الازبك الى قاعة الشعب، وقد قام بهذا الدفن آنذاك امين العاصمة الاسبق السيد نشأت السنوي رحمه الله.. وكان اول البادئين في العهد الملكي بالاصلاحات التي استطاع ان ينهض بها بقدر ما أمدته ميزانية الدولة الضعيفة. عربات "القوج" اما منطقة الرصافة فلم تكن فيها شوارع تذكر.. وانما كانت عبارة عن ازقة ودور ضيقة واهم شوارعها او ازقتها ـ اذا شئت ـ كان (عقد الصخر) .. وكان هذا هو الزقاق الوحيد المفروش بالصخور الناشئة.. وكانت تسير في هذا الشارع بعض عربات (القوج) التي تجرها الخيول اذا مرت به تسمع لها قرقعة عالية.. وكان من الضيق بحيث اذا مرت العربة فيه يضطر المارة الى الالتصاق بالجدران او المحلات على جانبيه.. !! ام بقية الازقة فكلها ترابية وكان الناس في ايام الشتاء يلقون عناء شديدا اذ يضطرون الى الخوض في الوحل. وكان اذا اشتد المطر وتعاظم الوحل يقوم الحمالون بحمل الناس من موضع الى آخر.. لقاء اجرة زهيدة.. وقد بقي هذا الحال قريبا من الثلاثينيات من القرن العشرين حيث شرع في تبليط هذا الشارع. اول شارعين في بغداد وفتح العثمانيون ابان الحرب العالمية الاولى، شارعين اولهما (جادة خليل باشا) وقد سمي من بعد شارع الرشيد ويمتد من باب المعظم الى الباب الشرقي واما الشارع الثاني فهو شارع (عقد الصخر) .. ويمتد من شارع الرشيد عند ساحة الرصافة الى جسر الشهداء الذي كان يقوم على سفن خشبية عائمة على المياه ثم استبدلت بها سفن من حد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram