إذا كنت ممن تستهويه أخبار السياسة العراقية، فأتمنى أن تقرأ هذا الخبر الحزين.. فقد قرر سكرتير حزب الحميرفي العراق، عن حل حزبه بعد 35 عاما من النضال من اجل حقوق الحمير، عازيا أسباب قراره إلى "النظرة الدونية" من قبل المجتمع إلى هذا النضال، واعلن سكرتير الحزب عمر كلول في تصريح لوسائل الإعلام عن "فشل كل خبراء العالم لترسخ ثقافة احترام الحمير لدى الكرد".
ولفت كلول إلى أنه "عوضاً عن احترام هذ النضال، سخروا من عملنا واستهزأوا بنضالنا، لهذا قررت حل الحزب ولكن احترامي للحمير سيستمر"..
ماذا ستقول أيها المواطن المغلوب على أمره وأنت ترى البعض يثأر لكرامة الحمير، فيما كرامتك ومستقبل أبنائك رهينة بيد مجموعة من المغامرين والفاشلين.. كنت تعتقد ايها المواطن ان اصحاب دكاكين السياسة سينظرون إليك باعتبارك أخاً وشريكاً في الوطن والمصير، وليس تابعا أو عدوا أو مجرد "ذخر" يلجأون إليه في يوم الانتخابات " الاسود "،ولكن شاءت إرادة الله أن تصبح "مواطنا" في بلد يعتقد امراء الطوائف فيه أن التقدم يعني الحصول على مزيد من المكاسب والمنافع الشخصية.. يفهمون السياسة على أنها فن الخداع، والاحتفاء بالأكاذيب، والتهالك على الغنائم، قتله وسراق يجعلون الخطأ صحيحاً، والحق جريمة، يعدون ولا يفون، يبنون لك قصورا من الرمال، لا يكترثون لحق، ولا يلتمسون لحقيقة، السياسة في عرفهم سعي محموم وراء الأطماع وتعاون مع الإثم وتحالف ضد الصدق، ثروتهم الضلالة، وشعارهم: "الناس رعايا لا مواطنين"
فشل حزب الحمير في ان يجد لاعضائه مكانة لائقة في مجتمع البشر، فيما تصر احزاب " الاوادم " على السير فينا الى مجتمع الغابة وثقافة القطيع .
والان هل تريد ان تسأل: هل كثير علينا نحن "الأوادم" ان يخرج علينا احد رؤساء الاحزاب ليقول اننا فشلنا في ترسيخ ثقافة المواطنة والتعايش بين ابناء الشعب الواحد؟ وهل من حقنا أن نعرف هل نحن رهينة أمزجة بعض الذين يتخذون من السياسة مهنة للتربح والتجارة.. هل نستطيع ان نسأل ما هي المسافة التي قطعتها احزاب "الاوادم"؟ ما هي نسب النمو والتطوّر والتقدم ومستويات الدخل؟ كم هو عدد المستشفيات والمدارس التي بنيت ؟ هل تم تاسيس نظام للضمان الاجتماعي والصحي والتعليم،؟ وهل هناك احصاء حقيقي لنسبة البطالة، وماهي المشاريع التي اعتمدتها حكومة البشر لتنمية قدرات هذا البلد الغني؟ والأهم مامقدار الامن والاستقرار الذي تحقق؟
لا يحق لي الكتابة عن حزب الحمير، لأنني لست من المتابعين لنشاطاته، رغم اعجابي الشديد بكتاب صاحب نوبل الاسباني خوان خمينيث "انا وحماري" ومتابعتي لحوارات توفيق الحكيم مع حماره المدلل، إلا انني هذه الايام مشغول بمتابعة احزاب السلطة في صراعها من اجل الحصول على اكبر قطعة من الكعكة العراقية، فقد كنت اتوهم ان الساسة سيسعون إلى بناء مؤسسات حديثة، وسيبدعون في الإعمار وإدارة شؤون البلاد أكثر من إبداعهم في فنون السرقة واللعب على الحبال.
يفشل حزب الحمير، فيما تصر احزابنا كل يوم على تذكيرنا ان الديموقراطية هي ان تقول للمسؤول نعم مرة واثنتين وخمساً، فشعار القناعة كنز لايفنى لايشمل هذا الشعب، فالذي يفنى هم الناس البسطاء الذين يبحثون عن الامن والامان.. لقد اظهرت تجارب الدول المتحضرة كيف يمكن اقامة العمران الذي طالما نادى به ابن خلدون، من دون خطاب سياسي واحد. بل حتى من دون ملايين البراميل من النفط، فقط باحترام "آدمية" المواطن.
ايها العراقي وانت تقرأ البرامج الانتخابية لأحزابنا العتيدة عليك الا تلتفت الى مشكلة حزب الحمير، فاحزاب الاوادم لم تفقد سحرها بعد، فالذين يحبون المبارزات ومعارك المصير، يجدونها الآن في الساحة السياسية العراقية، لم يعد هناك شيء غريب في هذه البلاد، فبفضل احزاب "الاوادم" اصبحنا نسير عكس مسار الأمم.
ولماذا حزب الحمير فقط؟!
[post-views]
نشر في: 18 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبو سعد
نحن لانحترم الوطن حتى نتحدث عن دولة المواطنه وكذلك قادة المشهد السياسي لم يتمكنوا الارتقاء بالهويه الوطنيه والسبب بسيط لان دولة المواطنه بحاجه الى مظله قانونيه يلتزم بها الجميع من القمه للقاعده والساده القاده مظلتهم دستور مختل وتعاملوا مع الفعل القذر بردة