قبل مئة وواحد وعشرين عاما قام المبشر انطوني نوريس كروفز بزيارة الى بغداد، استغرق الطريق اليها من انكلترا الى بغداد اربعة اشهر قطع فيها 1400 ميل.. ونظرا، لطرافة المعلومات التي وردت في كتابه عن بغداد واهل بغداد في تلك الفترة الحالكة،
حيث الجهل والفيضان والمجاعة ومرض الطاعون، كما اقتبست صورة رسمت باليد لاحد معالم بغداد، فقد رأيت ترجمة القسم الخاص ببغداد. غادرت البعثة التبشيرية الانكليزية انكلترا والتي يرأسها المبشر انطوني نوريس كروفز في طريقها الى بغداد في البداية استقلت يختا يعود الى شخص اسمه باجيت حيث سيوصلهم الى مدينة بطرس بيرج لينين كراد ثم يبيع اليخت في بورت سموث وكان يصحب معه ولديه مع شاب ايرلندي يدعى باثي، جون كيتو وهو صبي اصم ابن احد المبشرين الفقراء، والذي صار صديقا لكروفز وبعدها اصبح المؤلف المشهور لكتاب الانجيل المصور لكوتو، وكانت معهم لميديا كروفز شقيقة انتوني ثم الانسة تيالور والسيدة تايلور زوجة المقيم البريطاني في بغداد. كان هذا في 12 حزيران 1929 وبدأ اليخت رحلته من كرفزنت الى روسيا وقد بدأ المستقبل مشرقا، وقد سلموا امرهم الى الباري تعالى في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر والتي استغرقت من سانت بطرس بيرج لبغداد اربعة اشهر لقد عاد الى انكلترا كل من بارنيل وباجيت والانسة كروفز وبقي 8 اشخاص ليكملوا الرحلة.. وكان الطريق لايصدق امام الصدمات والمشكلة الاخرى هو ركوب الخيول من دون اسرجة مما يسبب الكثير من الازعاج ووسائل الاقامة معدومة وغير مريحة ولعدة ليال كان المسافرون يتدثرون بثيابهم. ولذلك لحمايتهم من لسع البعوض وكنا نحصل على ماء الشرب من مياه الامطار، وهنالك خطر اللصوص، ومشاكل الطعام والمحافظة على الخيول من السرقة مما قد يعطل سحب العربة كل ذلك مجتمعا سبب التوقف عن مواصلة السفر، ولكن انتوني كروفز صمد بوجه هذه العقبات جميعها لغاية وصوله نهاية الرحلة وحينها شكر الرب على حمايته من رحلته الطويلة هذه والتي قطع فيها 1400 ميل. وقد وصل الى بغداد بتاريخ 6/ كانون الاول 1829م وكان اكثر ما يزعجه هو حرها الشديد الذي لايطاق، وفي الوقت نفسه اخذ يتعلم التكلم باللغة العربية، ثم شرع في تأسيس مدرسة للاولاد كذلك شرع في تأسيس مستوصف لمعالجة الاسنان مجانا، ومعالجة امراض التراخوما التي كانت متفشية ووصف النظارات الطبية وكانت الحالات المرضية تزداد حتى ظهر على السطح مرض الطاعون والفيضان والمجاعة والمرض والحرب الاهلية او السرقات، والمحرومون من الزوجات والاولاد.. والمئات من المشردين من الاطفال والمعوزين. وفي وسط هذه الاجواء مجتمعة، استطاع كروفز ان يستمر في ادارة المدرسة للاولاد وسط عزيمة لاتكل في جو مملوء بالمخاطر والالام حيث معظم الرجال مضمورين وقد وجد كروفزان يتوجه الى الله لطلب الرحمة بعد ان هلك كل شيء على الارض وشعر ان ذلك غير ممكن العمل مع هذا العدد القليل الباقي على الارض وان ينفذ رسالته التبشيرية التي تلاقي الكثير من العقبات والصعاب، واستعان بالله لكي يعطيه ما يحتاج اليه لهؤلاء في المدرسة من معلمين وعاملين وهكذا قضى قرابة اربع سنين في بغداد وكأنها قصة ملحمية بطولية طويلة، ولكن ذلك لم يعق الجمعية التبشيرية في تقديم خدمة الله، ونحن لانملك شيئا غير الايمان بالله، وكنت قد اعتمدت على اثنين من الانبياء الاول النبي ايليا ونوح في المواعظ التبشيرية التي كنت القيها في الايام الاولى، على الرغم من الازدراء الظاهر ضد البعثة التبشيرية. وقد تعلم دروسا من هذه الملابسات وغيرها من تلك التي لا تخطر على بال، وبالممارسة استطاع ان ينفذ مخططه باحكام من اجل تطبيق رسالته الخدمية. وفيما بعد رشح للعمل في البعثة التبشيرية في الهند وكان هذا الترشيح قد تم في بغداد من قبل الكولونيل فيما بعد الجنرال السر، ارثركوتن والذي كانت الهند بحاجة الى خدماته. وهكذا كان ان قام بزيارة الهند عام 1833 وعمل في عدة اماكن هناك وذلك بعد ان ترك ابنه وبقية اعضاء البعثة التبشيرية في بغداد وهكذا اغلق على هذا الفصل والذي امتد عشرين عاما وخدماته كانت مكرسة للهند. جريدة ا لمنار ـ 1966 ترجمة حازم باك
انطباعات رحالة ومبشر عن بغداد عام 1829 م
نشر في: 15 نوفمبر, 2009: 03:54 م