TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > القصد والاستطراد في اصول معنى بغداد

القصد والاستطراد في اصول معنى بغداد

نشر في: 15 نوفمبر, 2009: 03:59 م

توفيق وهبي المدخل قرأت في مجلة سومر (المجلد الرابع، الجزء الاول، كانون الثاني 1948) مقالا للبحاثة الاستاذ يعقوب سركيس، عنوانه، البصرة هل اصل الكلمة آرامي؟. وقد انتهى المقال بهذه الحاشية: لمعالي الاستاذ يوسف غنيمة رأى ابداه بتحفظ في معنى كلمة (بغداد) وهو انها (بكدادا)
ومفادها: مدينة او دار او بيت الغنم والضأن. (راجع لغة العرب 4- 1926/ 27، 80). فراجعت المجلد الرابع للغة العرب وطالعت فيه رأي صاحب المعالي الاستاذ غنيمة ذلك، وهذا نصه: ولي رأي خاص في معنى اسم بغداد ولقد عنّ لي في تضاعيف بحثي منذ زمن، ولم انشره حتى اليوم، فأذكره بكل تحفظ وتوق، الذي عندي ان اسم بغداد آرامي مبنى ومعنى وهو مؤلف من كلمتين من (ب) المقتضبة من كلمة (بيت) عندهم، وكثيرا ما تقع في اوائل اسماء المدن مثل بعقوبات وباقوفا وبطنايا وباعشيقا وباعذرا وباجرمى وغيرها،، واللفظة الثانية (كدادا) بمعنى غنم او ضأن (راجع ص 91 من معجم دليل الراغبين في لغة الآراميين العمود الثاني الكلمة الثانية المعنى الثاني) فيكون مفاد بكدادا مدينة او دار او بيت الغنم والضأن في اول الامر، ومن المشهور ان الآراميين كانوا فلاحين في هذه الديار يربون المواشي، وبقوا كذلك قرونا عديدة بعد استيلاء العرب المسلمين على العراق، واني افضل هذا الرأي على التأويل الفارسي ولاسيما قد ورد اسم بغداد في الاثار القديمة البابلية قبل احتلال الفرس لهذه الربوع. فأرجو ان تبدوا رأيكم في هذا التأويل لانه اذا وافق العلماء عليه يكون اول من قال به عراقي بغدادي.. ردنا على الاستاذ غنيمة ان اسم (بغداد) ليس بآرامي، فمن الثابت في التاريخ الان الآراميين لم تطأ اقدامهم ارض العراق قبل القرن الثاني عشر قبل الميلاد، على حين وجدت اثار مرقومة تبرهن انه كان على عهد الملك حمورابي مدينة في مملكته مسماة باسم (بكدادا) ثم ان حجرا من حجارة الحدود يعود تاريخه الى عهد الملك الكشي (نازي- مار تاش) قد كتبت فيه كلمة (بكداد) وكان حكمه في النصف الاخير من القرن الرابع عشر (ق. م) وهذا يؤيد ماقدمنا ذكره من ان اسم بغداد ليس بآرامي الاصل. وان فرضنا، فرضا محالا، ان الآراميين كانوا في العراق على عهد الملك حمورابي في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وانهم سموا موضعا جغرافيا بلغتهم الآرامية، فانه لايسع المرء ان يتصور ان كلمة (بيت) كانت قد اختصرت فاصبحت (ب) ومعنى ذلك ان كلمة (بيت كداد) صارت (بكداد) في تلك العصور، فان اختصارا كهذا يتطلب عدة قرون حتى يبلغ تمامه. ونضيف الى ذلك ان هذا الاسم، (بغداد) منذ عرف في التاريخ حتى اليوم قد حافظ على شكله، مع طول تلك الازمنة السحيقة في القدم، كما سنستعرض المراجع التي ذكر فيها على حسب ازمانها. ويحسن بنا هنا ان نقول اننا لم نجد في الكتابات الاشورية- حتى التي يعود تاريخها الى اواخر عصرهم – كلمة (بيت) في اسمائهم الجغرافية متحولة الى (ب) ولذلك لانرى من الصواب اتخاذ اختصار الاسماء المألوف في الازمنة المتأخرة مقياسا لكلمة تعود الى الالف الثاني قبل الميلاد. ردنا على الاستاذ الكرملي وللاستاذ الاب انستاس الكرملي صاحب مجلة لغة العرب تعليق في ذيل مقال الاستاذ غنيمة، ايّد به قوله بدليلين نذكرهما ونردهما عليه، فالاول قوله: وقبل كل شيء على المحقق ان يقصي عنه قول من يذهب الى ان الكلمة فارسية الاصل، اذ كيف تكون كذلك والفرس لم يدخلوا العراق الا في عهد كورش (في المئة الرابعة قبل الميلاد) وبغداد معروفة بهذا الاسم قبل الفرس بمئات السنين.. فاقول لنقض دليله الاول هذا، ان الاستاذ الكرملي لو فكر مليا كما فكرنا وفتش عن الحقائق كما فتشنا، ودقق النظر في رأي الاستاذ غنيمة كما فعلنا، لوصل الى النتيجة الى توصلنا اليها حتما، وحينئذ لايجد لنفسه سبيلا غير ان يعد كلمة (بغداد) بعيدة كل البعد عن ان تكون آرامية الاصل، وبهذه المناسبة اود ان اذكر ان دخول (كورش) في بابل كان في سنة 538 (ق. م) ولم يكن في القرن الرابع قبل الميلاد كما ذكر الاستاذ. والدليل الثاني للكرملي هو قوله: لاجرم ان البلاد السامية السكان لاتسمى الا باسم سامي اي اسم من الاشورية او البابلية او الآرامية او العربية، والحال اننا نعلم ان الآراميين – وهم من اصل سامي كالعرب- قديمو الوجود في ديار العراق، فاذا كان الامر على هذا الوجه فلا بد من ان تكون اللفظة ارمية الوضع، ولهذا نخير رأي صديقنا البحاثة يوسف غنيمة على رأي سواه.. وانا لا اريد اطالة القول في نقض هذا الدليل، فان نظرة عجلى الى الاسماء الجغرافية في العراق توضح لنا تهافته وتكفي في نقضه. عل انني لا ارى بدا من ان آتي ببضعة امثلة في هذا الباب، واني منتخب امثلتي من اسماء اماكن جغرافية قريبة من مدينة (بعقوبا) او على بعد يسير منها، واسم (بعقوبا) كما يرى الاستاذ غنيمة – آرامي الاصل، وفي ذلك دلالة على ان منطقة بعقوبا آرامية، وها هي ذي الاسماء التي اخترتها: خرنابات، معناه (عمارة المجد، او العمارة المجيدة)، (الملحق1) بهرز، معناه (السعيد اليوم، اي السعيد)، (الملحق 2) خريسان، معناه (الشرق) (الملحق 3) مهروت، معناه (النهر الكبير) (الملحق 4) زرباطية، معناه (عمارة آذربات)، (الملحق 5) بلدروز، معناه (نهر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram