* قبيل ابتداء الندوة التي أقامها مرفق ثقافي في لندن٫ حول ماهية الانتماء للوطن ٫ وشروطه الصعبة السهلة ، تجمع رهط من الحاضرين حول احد العائدين مؤخرا من بغداد ٬— ببطاقة سفر لإياب دون عودة ! وقد بدت عليه نعمة ملحوظة — ٫يتجادلون (بحرقة) حول مسؤولية النخبة لما آل إليه حال العراق والعراقيين، من تشرذم وفرقة ونزاع وصراع على المناصب والمغانم. كان العراقي العائد يبتسم بحبور، حين آخذ الحضور- أماكنهم جلس العائد غير بعيد عني، رصدته بفضول وهو يستل محفظة سمينة ٫ ويستخرج منها (الكارد ) يربت عليه ويهمس لزميله : دعك من أضاليل ما يقال٬ هذا هو الوطن!!.
أية فجيعة أن تكون جيوب البعض أوطانهم؟
* في روضة أطفال بعمان٫ ملأ طفل عراقي (خمس سنوات) ورقة الرسم البيضاء بالخطوط السوداء المتعرجة والمتقاطعة والزوايا الحادة ٫ حتى لم يعد للورقة البيضاء آثر .سألته المعلمة بفضول : ما هذا؟ قال متهدج الصوت: هذا الإرهاب٫ وأشار إلى نقطة بيضاء في غياهب الخطوط السوداء المتشابكة : وهذا أبي!!
أخفت المعلمة أساها٫ فهي تدري شيئا عن العائلة المهاجرة ٬وتعرف إن والد الطفل - وهو مهندس- كان قد لقي مصرعه في أحد التفجيرات.
أي سخام سيلقيه الجيل الجديد بوجه الحضارة وابنتها (النغلة) الديموقراطية المستوردة.
* سأل طفل عراقي والده وهما يمران بنفر من المشيعين يحملون جنازة : بابا ٫ إلى أين هم ذاهبون به؟؟
رد الآب بأسى: إلى حيث لا شراب ولا طعام ولا دثار٫ ولا سرير مريح ولا فراش وثير٫ قاطعه الابن ببراءة٬ ضاحكا: لا بد إنهم ذاهبون به إلى بيتنا!!
أية لعنة ستحيق بمن جعل الفقراء لا يفرقون بين الجحور التي يقيمون فيها وبين القبور.
حكايا الأماكن
[post-views]
نشر في: 19 يناير, 2014: 09:01 م