الحزبي المتقاعد ابو سلام ، لأسباب ذاتية و أخرى موضوعة ، ترك التنظيم وطلق السياسية بالثلاث ، وتفرغ لحياته اليومية الرتيبة ، وخضع لمراقبة شريكة حياته المسؤولة عن تنفيذ وصايا الأطباء وإرشاداتهم بالابتعاد عن إثارة الأعصاب ، بمتابعة الفضائيات وما تبثه من أخبار وتقارير ولقاءات مع أعضاء في مجلس النواب والمحللين السياسيين ، وفي الآونة الأخيرة ، تراجعت صحة الرجل لشعوره بالقلق الشديد على مستقبل البلاد .
ام سلام وفرت كل سبل الراحة لزوجها ، بتشديد إجراءات الرقابة واحتفاظها بريمونت التلفاز وبقرار من الأبناء والأحفاد ، امتلكت صلاحية اختيار قنوات تبث الأغاني والمسلسلات والأفلام الأجنبية ، لتساعد زوجها على تجاوز ازمته الصحية ، لكنه ظل مصرا على الحديث بالشأن السياسي والأمني مع زواره من المعارف والأقارب ، وفشلت محاولات الزوجة في الحد من انشغاله بقضايا تعكر المزاج و تسبب ارتفاع ضغط الدم و"دوخة الراس ولعبان النفس " والحديث فيها لا يجدي نفعا سوى الندم وإتلاف الأعصاب.
" يا رجال اترك سوالفك التعبانة " نداء يومي موجه من الزوجة الى ابي سلام، يتكرر يوميا مئات المرات ، ويحظى بتأييد الأبناء، لقناعتهم بان صحة الأب في تراجع ، وانشغاله بالسياسية سيسرع من خطواته نحو مثواه الأخير ، ولاسيما انه حديثه في بعض الأحيان يكون شبيها بالهذيان متضمنا توجيه الشتائم والسباب لمسؤولين اميركيين سابقين وحاليين واتباعهم من حكام المنطقة ، وبعد فاصل قصير وغفوة تستمر دقائق ، نتيجة تناول المهدئات يعود الى كامل وعيه ، فيما تخفي نظراته أسئلة شائكة تندرج ضمن "السوالف التعبانة" بحسب تعبير الزوجة ، فيؤجل طرحها لحين حلول الفرصة المناسبة .
ابو سلام عندما يكون في وضعه الطبيعي يطرح أسئلة تحتاج الى معجزات للإجابة عليها ، فهو مثلا اقترح تشكيل "حزب الدواعيش" ليضم المسؤولين المتورطين بقضايا فساد ، لانهم استطاعوا التخلص من الملاحقة القضائية ، لامتلاكهم أساليب مبتكرة في التخلص من القضاء بالتسوية او بإغلاق الملف ، ومواهبهم وخبراتهم في الاحتيال، تؤهلهم ليكونوا قادة قوى سياسية تتمتع بتأييد شعبي لاستعدادهم لانفاق ما سرقوه من المال العام لشراء الأصوات وتحقيق أغلبية مريحة في مجلس النواب المقبل ، وبجهود المفسدين يمكن ان يتجاوز العراق أزماته السياسية المستعصية ، لان اللعب سيكون على المكشوف في تقاسم المغانم.
مقترح أبي سلام قاله أثناء تمتعه بكامل قواه العقلية ، وهو يراه افضل خيار في المرحلة الراهنة لرتيب البيت العراقي ، ووضع حد للخلاف المستمر منذ اكثر من عشر سنوات ، ومن سمع المقترح من أفراد الأسرة عده نوعا من هذيان الرجل نتيجة تأثره بأزمته الصحية ، وليس على المريض حرج حين يدعو الى تشكيل "حزب الدواعيش" من دون ان يعلم بان دعوته وحدها كافية لاعتقاله بتهمة أربعة إرهاب ، ولإزالة اللبس المحتمل ، الرجل قصد المفسدين في شعار اطلقه يا دواعيش العراق اتحدوا .
حزب "الدواعيش"
[post-views]
نشر في: 21 يناير, 2014: 09:01 م