كثيرة هي سنن صدام التي لم تمت بموته. لا لأنها عصية على الموت، إنما الذين أتوا من بعده يصرون على إحيائها. من أخطر تلك السنن، برأيي، سنة "الحملة الإيمانية" وسنة تحويل الشعر الشعبي الى وقود لدفع أبناء العراق الى الموت الزؤام مقابل ملء جيوب الشعراء بالمال.
لم يقصّر رئيس مجلس محافظة بغداد ومحافظها السابقان (كامل الزيدي وصلاح عبد الرزاق) بتطبيق قوانين حملة صدام الإيمانية "ببسالة" يوم استهدفا نادي اتحاد الأدباء وغيره من الأندية الاجتماعية والثقافية.
وان كانت هجمات الزيدي ورفيقه لم تكن غير متوقعة إذ هناك الكثير ممن على رأس الحكم او في الأحزاب الإسلامية المتنفذة من الطرفين، تبارك ذلك وتتمناه، لكن المفاجئ والمؤلم حقا ان تسعى الحكومة لإحياء كرنفالات قصائد الذبح والدم.
بالنسبة لأبناء جيلي من الشعراء الشعبين وجمهور الشعر الشعبي أيضا لم يخطر ببالنا ان تسهم القصيدة الشعبية في ذبح الملايين من العراقيين وتهلهل لذبحهم الى ان حضر صدام بنفسه مهرجانات الحرب مع إيران، فتحولت الى مهرجانات تطبل للموت وسفك الدماء.
أول مقال كتبته بعد سقوط صدام اقترحت فيه فتح مصحات نفسية لشعراء "القادسية" الشعبيين لمساعدتهم في استرداد عافيتهم الإنسانية ولتنظيف عقولهم من مخلفات القصائد الصاروخية والدموية واللهاث وراء الدنانير.
من يحيي سنة قصائد "القادسية" ومهرجاناتها، تحت أي ذريعة، فأنه كمن يسعى لقتل العراقيين جميعا. الغريب ان وزارة الداخلية، التي يفترض أنها تحمي حياة الناس، أحييت وبكل فخر وتبجح قبل أيام مهرجانا دمويا للشعر الشعبي بنسخة تشبه الى حد بعيد او ربما بشكل ابشع مما كان بزمن صدام.
لم أحضر المهرجان لكني شعرت وكأني فيه حين قرأت ما قاله عنه الروائي شوقي كريم حسن الذي حضره. قال شوقي: "شعرت وانا أنصت الى هؤلاء ان الدم بدأ يسيل داخل القاعة حتى ملأ الأروقة ولطخ الجباه بالحزن. كان شعرا دمويا بامتياز وفوق هذا ومن اجل ان تكتمل الصورة دفعت الداخلية ثمن هذا الإعلان الدموي للشعراء الذين لم يعترض أحد منهم ويقول إنما جئت من اجل وطني لا من اجل دنانير جعلتني اعرف حقيقة ان الزيف قد طال حتى أرواحنا".
ليتني أعرف الى أي خراب تمشي بنا هذه الحكومة يا ناس؟
الداخلية تحيي سنن صدام
[post-views]
نشر في: 24 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
الناصري
(او ربما بشكل ابشع مما كان في زمن صدام ) اتوقع انك قد كفرت بهذه الجمله .. .اي كفرت لان احنا ىالعراقيين ممنوع علينا ان نذكر محاسن امواتنا ....لان ش جاب المالكي على صدام ساعه امان وخاليه من نتانة الطائفيه تسوى امريكا وايران والديموقراطيه المسلفنه من لندن يع
جمال
(ابشع) ما في المقال هو (سنة الحملة الايمانية) هذا التوصيف لا يمكن ان يدل على النظرة المهنية المحايدة التي تساوي بين حملة عمت العراق وشاركت الحكومة بكل وزاراتها والحزب بكل تنظيماته والشعب بكل تكويناته وطوائفه وبين سيارةشرطة اغلقت بارا للعرق والكحول يؤذي بع