تتوسع كل يوم دائرة التحليل الاستراتيجي والمحللين للأحداث في الأنبار .. فمنهم من بشَّرنا بان العملية العسكرية ستستمر لأيام معدودات فقط، وكان صاحب هذا الراي وزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي، والبعض اخبرنا بان داعش تتدرب في مزرعة احمد أبي ريشة، الحديث هذا بتوقيع الشيخ وسام الحردان، فيما آخرون انشغلوا بتوزيع صور ولقطات لأحمد العلواني يرتدي البدلة البرتقالية معتبرين الأمر خطوة كبرى في مرحلة الانتصار على داعش.. وقال محلل بالغ النباهة الستراتيجية: "إن عصابات داعش حصلت على أموال وأسلحة حديثة ومتطورة تتمكن من خلالها من إسقاط العملية السياسية واحتلال بغداد "، وأتمنى ان لايذهب بكم الخيال فتتوهمون ان صاحب هذا الرأي هو صحفي يعمل في وسيلة إعلام مغرضة، تريد النيل من قوة وعزيمة قيادتنا السياسية.. لاياسادة فقائل هذه العبارة هو الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية الذي كان قد بشرنا قبل اشهر معدودات من ان: "الارهاب اندحر في العراق وهو يلفظ أنفاسه الاخيرة ويمكنكم الرجوع الى تصريحه الشهير الذي قال فيه " قضينا على 75% من المخطط الإرهابي " .
لا أحد منا يعرف سبب تغير الموقف الستراتيجي عند السيد الوكيل الأقدم، وربما كان أحد الذين لا يعرفون نوري المالكي نفسه. لكن الأكيد أن لا علاقة لذلك بالخطط الأمنية التي تبشرنا بها كل يوم قيادة عمليات بغداد، ولا بتصريح الفريق رشيد فليح قائد عمليات الانبار الذي قال فيه وبالحرف الواحد ان "داعش انتحرت في الانبار وايامها معدودات".. فلربما نسي السيد الاسدي تفصيلاً بسيطاً جداً وهو يشرح عملية سقوط بغداد بيد داعش، وهو أن القائد العام للقوات المسلحة، قال لنا ان الارهابيين لن يستطيعوا الافلات من قبضة القوات الأمنية .
والان دعونا من تصريحات الخبراء الأمنيين وتعالوا معي لأنقل لكم ماهو اكثر أثارة وتشويق، فقد سمعنا قبل ايام ومن على شاشة الفضائيات من يقول لنا وبكل ثقة ان: "هناك اكثر من نصف مليون إرهابي يتحصنون في العراق جاؤوا من عدة دول لتنفيذ عمليات ارهابية " ..
وأتمنى ايضا ان لايذهب بكم الظن بعيدا وتعتقدون ان القائل هذه المرة هو السيد قاسم عطا الناطق السابق لعمليات بغداد، فالرجل آثر الصمت في الآونة الاخيرة تاركا المجال والأجواء لناطقين ومستشارين اكثر دراية وبراعة، لعل ابرزهم مستشارة رئيس مجلس الوزراء مريم الريس صاحبة احصائية داعش التي لم تستطع حتى اعتى مراكز الاستطلاع والبحوث العالمية من الوصول الى مثل هذا الرقم المخيف، ففي تقرير نشرته "نيويورك تايمز جاء فيه : "إن مسؤولين استخباراتيين غربيين وأميركيين أكدوا أن الوضع في سوريا قد يتطور ليصبح أكبر تهديد إرهابي في العالم، وأشار المسؤولون الى أن المجموعات الإرهابية في سوريا تضم أكثر من 60,000 أجنبي"، وحسب المقال الذي نشر في الصحيفة أوضح مسؤولون متخصصون بمكافحة الإرهاب أن "أعداد المقاتلين الذين يدخلون سوريا أكبر من المقاتلين الذين توجهوا إلى العراق منذ عام 2003، ربما وقع المستشارون الغربيون في الخطأ، فنحن والحمد لله نعيش في ظل سياسيين لا يأتيهم الباطل من خلفهم ولامن أمامهم .
للأسف إن المتابع للشأن العراقي يكتشف إن جيشا جرارا من "المستشارين " لا يزال يتحكم في شؤون الحكومة، بل أن هناك معلومات مؤكدة من أن هؤلاء هم سبب الحرائق التي تندلع يوميا في أروقة السياسة العراقية، وهم سبب التصلب والجلطات التي تصيب شرايين الدولة، ومن يشكك بذلك أحيله إلى تصريحات نخبة منهم يظهرون كل ساعة على شاشات الفضائيات وتتصدر صورهم الصحف ووكالات الأنباء ليؤكدوا لنا أنهم قادة البلاد.
لقد ابتعد مكتب رئيس مجلس الوزراء عن المهنية حين تحولت السياسة عنده إلى حملة تعبئة، فانتحرت أصول الممارسة السياسية وانهارت كل أبجديات الديمقراطية، وتجلى الخلل الأخلاقي في محاولة الكذب الصريح على الناس، وصبغ الوقائع الصماء بألوان شتى من المداهنة والنفاق للسلطة، بالطريقة ذاتها التي كانت حاكمة لأداء الدولة العراقية أيام "قائد النصر والسلام" حين تحول المعارضون إلى خونة وحاملي أجندات خارجية.. مثلما تريد مريم الريس اليوم، ان توهمنا من ان معظم اهالي الانبار هم في الاصل "داعش" وان لم ينتموا.
"داعش" بين الاسدي والريس
[post-views]
نشر في: 24 يناير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عساكم بخير
تلك هي العلة والمصيبة اليوم وامس وغدا ان لم تتغير هذة الوجوه التي تريد تحويل العراق ومؤسساته الثقافية والاعلامية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية اضف الى العسكرية بيد اناس تافهون كانوا ومازالوا
ابو احمد
الاخ الفاضل علي المحترم تحية وتقدير لقلمك النبيل يلقى القبض يوميا في عموم العراق على حوالي 100 أرهابي أي سنويا 36000 الف مضروبا في عشرة سنين يكون الاجمالي العام ثلثمائه وستون الف وهذا أن استمر العدد سيكون كافة العراقيين ارهابيين ؟ أن المبالغه في طرح الاعد