ليس ممكناً على الإطلاق اكتشاف المصلحة الأردنية، في تأييد أفكار وزير الخارجية الأميركي جون كيري، المطروحة لحل القضية الفلسطينية، ما دامت تدور حول اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية، وإقامة عاصمة لفلسطين في جزء من القدس المحتلة، وحل مشكلة اللاجئين وفق رؤية الرئيس السابق كلينتون، وبقاء الكتل الاستيطانية تحت سيطرة إسرائيل، واستئجار المستوطنات الباقية، وسيطرة إسرائيل على المعابر والأجواء، ووجود قوات رباعية أميركية - إسرائيلية - أردنية - فلسطينية على الحدود، وحقها في المطاردة الساخنة في الدولة الفلسطينية، مع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يرفضها لأنه يريد اقتطاع ما شاء من الأرض، ويرفض فتح ملف القدس، ولا يقبل بمشاركة أي جهة له في الأمن، حتى لو كانت أميركا، مثلما يعلن المسؤولون الفلسطينيون رفضها، لكونها تُعطي الشرعية، ليس فقط للرواية التاريخية الصهيونية، ولا لعملية الطرد التي حصلت للفلسطينيين عام 48 فقط، وإنما للاستيطان الحالي، باعتباره عملاً مشروعاً ومُقراً في أرض إسرائيل الكبرى.
كيري كما يروج البعض، كان يسعى للوصول إلى صيغة يمكن أن تأخذ في الاعتبار مصالح الطرفين ومواقفهما، لكنه وقع في فخ نصبه نتنياهو، يتمثل في أن يأخذ بالاعتبار أولاً موضوع أمن إسرائيل، فوافق معتقداً أنه سيؤدي إلى كسر حاجز كبير في المفاوضات، ويتم فتح الطريق أمام مناقشة بقية القضايا، ليتم اكتشاف أن الإسرائيليين يريدون من خلال الأمن تبرير مطامعهم التوسعية، واستخدام الأمن غطاءً لتحقيق هذه المطامع، ما أوصل العملية إلى مرحلة جمودها الراهنة، الناجمة عن التطمينات اللفظية العامة والغامضة والملتبسة، التي يقدمها نتانياهو لكل من يلتقيه، فيما هناك عالمان مختلفان بين الأفكار العامة والغامضة، والموقف على حقيقته أو كما يراه الإسرائيليون، حيث يتم ربط استمرارية الترتيبات الأمنية المُجحفة، بما تقرره إسرائيل من تحسن في الأداء الأمني الفلسطيني، مع تجاوز تطمينات الأميركيين وتأكيداتهم، بأنهم سيكونون حاضرين ومشاركين في عملية تقويم ذلك الأداء، لتقوم إسرائيل بإخلاء بعض المناطق، خصوصاً منطقة الأغوار.
للقدس وما تحويه من مقدسات وضع خاص عند الهاشميين، كما يقولون، وليس مفهوماً قبول عميدهم الملك عبد الله الثاني، بتسوية تُبقيها تحت السيطرة الإسرائيلية وغير مقسمة، وهي وفق مخططهم تمتد من ضواحي رام الله إلى أبواب بيت لحم، وصولاً إلى مشارف الأغوار، والأمر الأكثر أهمية هو موضوع اللاجئين، الذين يدورالحديث حولهم في إطار الخيارات الأربعة الواردة في وثيقة كلينتون، وأبرزها عودة عدد محدود منهم إلى إسرائيل، وفق القانون الإسرائيلي، ما يعني التوطين النهائي للاجئين الفلسطينيين في الأردن، مع إمكانية أن ينضم إليهم اللاجئون في سوريا ولبنان، وربما في مناطق أخرى، وإذا كان هناك من يقبل هذا، فإن الرفض الشعبي عند الشرق أردنيين يتنامى، حتّى عند مسؤولين محسوبين على الجناح اليميني في النظام، مع أقاويل تدور أن هناك من يسعى لقبض أثمان هذا التوطين.
رغم أن الإطار الذي تدور معظم أفكار كيري حوله، لم يتبلور على شكل وثيقة رسمية، كما يقول الفلسطينيون، وأنها مجرد أفكار يدور بشأنها نقاش وحوار، فإن المؤكد أن الأردن يقف على أعتاب مرحلة بالغة الخطورة، تتمثل بتغيير جذري في تركيبته السكانية، مع انخراط جيشه في حماية أمن الدولة العبرية، ما ينذر بانفجار توترات شعبية، لايعلم أحد إلى أين يمكن أن تقود، في ظل المُتغيرات العميقة التي تضرب المنطقة.
خطط كيري والمصالح الأردنية
[post-views]
نشر في: 25 يناير, 2014: 09:01 م