اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ليست مباراة بين السُنة والشيعة

ليست مباراة بين السُنة والشيعة

نشر في: 26 يناير, 2014: 09:01 م

بالامس امتلأت صفحات الفيسبوك بشحن طائفي، رافق مباراة العراق والسعودية، البعض اعتقد ان  فوز العراق هو فوز لحكمة المالكي وقدرته على ادارة شؤون البلاد ومنها الرياضة ، ما دفع احدى الصحف الى وضع صورة لرئيس مجلس الوزراء يرتدي  ملابس المدرب حكيم شاكر،  واخرون اعتبروا الفوز على السعودية فوزا على الارهاب باجمعه، فشاهدنا كيف اداروا ظهورهم للمعركة الحقيقية مع الارهاب والفساد ليوهموا الناس، ان معركتهم  هي مع الفريق السعودي حصرا..
للاسف كل هؤلاء شركاء فى جريمة خداع العراقيين، باصطناع معركة غبية يدوسون من خلالها على كل المعاني الوطنية، ويجيشوا الجيوش، لا لشىء إلا لأن البعض اعتبر المباراة معركة لاشاعة جو مقيت من الكراهية .
هكذا يريد البعض تحويل كرة القدم من لعبة جميلة إلى حروب ومعارك طائفية ، صحف وفضائيات حشدت الناس للقتال، وليس للعب مباراة رياضية.. في مقابل معارك الفيسبوك ومروجي الشحن الطائفي.. كنت  انظر الى وجوهمجموعة من الجالسين في احد المقاهي.. شباب وشيوخ ، كان الجميع يتنفسون نفسا واحدا مع تصاعد وتيرة المباراة، وكأنهم في مهمة وطنية يستمعون الى معزوفة  "ياموطني" فتلمع عيونهم بالشجن. حتى يُخيل للناظر اليهم انهم يكتشفون معنى المواطنة للمرة الاولى، او يكتشفون العراق الكبير الذي يريد له زعماء الطوائف ان يظل  تحت ركام الفساد والانتهازية والطائفية المقيتة والمعارك السياسية سيئة السمعة.
تستمع الى تعليقات المتابعين للمباراة  وهم يرددون كلمات التشجيع لأعضاءالمنتخب  بخشوع، فتشعر معهم  ان الجميع يستحضر ذكريات سنوات جميلة وسعيدة من حياته، أو لعلها أشبه بنوبة حنين إلى العراق  كما ينبغي له أن يكون، كبيرا، فتيا، شامخا، مرفوع الجبين ، متدفقا شبابا وحيوية، لايتحسس الضربات التي نالت منه  ، ولا ينشغل بالنظر في المرآة طويلا ذعرا من تجاعيد الزمن وقسوة السنين، وألاعيب صبيان السياسة.
وانا انظر الى هذه الوجوه تمنيت على ساستنا ان يعترفوا ولو متأخرين بإخفاقهم والجلوس في منازلهم، تمنيت لو أن جنرالات الطائفية والمحسوبية وسراق مستقبل وأحلام العراقيين، يستمعون للنصيحة ويغادرون المشهد غير مأسوف عليهم، ففراق بمعروف احسن وربما يغفر لهم ما اقترفوه من ذنوب لاتحصى بحق العراقيين.
واعتقد ومعي ملايين العراقيين إن هناك عشرات الأسباب التي تدعوهم إلىالتفكير في الجلوس في بيوتهم وتجعلهم يحكمون ما تبقى من ضمائرهم ويسألون أنفسهم عن حقيقة الدور الذي لعبوه في خراب هذه البلاد وسيجدون انه أشرف وأكرم لهم لو أنهم تواروا عن الأنظار. وانا انظر الى وجوه المتابعين للمباراة والتي انمحت منها علامات الطائفية والمذهبية.. وجوه تعيد اكتشاف جوهر هذا الشعب، وجدت نفسي أمام مواطنين بسطاء يريدون ان ينفضواعن هذا الوطن غبار الطائفية والمحسوبية والانتهازية،  ولعل  أجمل ما في وجوه المتابعين للمباراة أنها أثبتت أننا شعب لم يتفسخ بعد، رغم سياسة التنكيل والإفساد وشراء الذمم التي مورست خلال السنوات الماضية، شعب لم يفسدرغم محاولات البعض بإفساد مناخ الألفة وزرع قيم الطائفية فيها، وبثالفرقة بين أبنائه، وسياسة التخويف والقتل على الهوية، أدهشتني وأفرحتني هذه الاستعادة المبهجة لأصالة ووطنية الشخصية العراقية في لحظة تصور البعض أن أحزاب الطوائف استطاعت أن تحرق مساحات الفرح والخضرة فيها، أناس بسطاء يتحدثون عن الضمير فنشعر بنبرة الصدق تشرق في ملامح وجههم، لا فرق بين مسلم ومسيحي، بين سُنّي وشيعي، كردي وعربي، الجميع انصهر في بوتقة واحدة اسمها العراق، هذا الشعب قفز فوق أحزابه الكرتونية، وسياسييه المتعجرفين.
من ينظر الى وجوه متابعي المباراة سيكتشف ان كل الدعاوى والادعاءات بأن المناوئين للحكومة يتآمرون على العراق، وانهم ينفذون أجندات خارجية  علىالعراق، مجرد نكتة سخيفة، تلوكها ألسنة صغار الساسة من هنا وهناك، مناجل إعلاء مناخ الطائفية الذي يغوي كل من يجد في نفسه ميول زعامة سهلة ومريحة وكاذبة.
ياجنرالات الطائفية انتم مهزومون حتما.. سيهزمكم عراق واحد يدافع عن نفسه ضد إرهابكم ، ويرفض أبناؤه ان يختبئوا خلف طوائفهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. علي محمد

    شحن طائفي بغيض وإقحام مرفوض للسياسة في مسرح الرياضة الجميل بوصفه فضاء ً لتقريب الشعوب وتعزيز عرى المحبة بينها ولكن للأسف وأنا أرى هذه التعليقات شعرت بالإشمئزار من عملية تصعيد إعلامي طائفي لا فائدة منها ولا مصلحة للعراق فيها للأسف مثل هذا التوجيه من قبل ال

  2. رمزي الحيدر

    الله يسمع من ( حلگك ) ، هل حقاً يأتي يوم يستيقظ فيه الشعب العراقي و يرمي هذه القاذورات في ( البلوعة )

  3. ali modric

    لم يهتم الذين رموا البارحة كل هذا الرمي وكانهم في الجبهة على اين سقطت اطلاقاتهم الغبية المتخلفة متى شعبنا يصل للتحضر في الافراح والمصاءب وفي اتفه الاسباب يرمون وطبهة مرض العالم

  4. جمال

    نعم انتم مهزومون حتما سيهزمكم هذا الحب المتدفق للعراق وللمالكي ولن ينفعكم فه خري كه ريم ولا جوقة السماسرة والقوادين لاعداء العراق

  5. asd7905

    كلام جميل جداً وياليت هؤلاء السفهاء الطائفيين يحذوا حذوك . تحياتي لك . العسيري

  6. ليلاك

    شعب وفرحانين ياعيني ليش هالمقال الطائفي محد رجعنا لي وره غير هيجي مقالات واذا عاللفيس بوك فهاي اراء شخصيه ماتمثل الشعب العراقي الفرحان اللي شفناه عالفضائيات تقبل فائق احترامي وتحياتي لفريق كدر يفرح شعبه ربي لايحرمنا من الفرحه

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram