TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الدم الشيعي غال علينا ايضا

الدم الشيعي غال علينا ايضا

نشر في: 27 يناير, 2014: 09:01 م

اتلقى كل يوم نحو ١٠٠ رسالة، احداها كانت تقول امس، ان صاحبها ومعه ملايين الشيعة، مرغم على الطائفية، مرة لأنها "اجندة فرضت علينا" وأخرى لأن الذبح اصبح بمستوى لا يطاق، ولن يحله سوى "توازن الرعب". والرسالة تتهمني وامثالي بأننا "شيعة مثاليون حالمون" لأننا ندعو الى حل سياسي، ولأننا نعتقد ان القيادة الحالية للقوات المسلحة، تتخبط.
وقد اعتدت في الرد على هذا ان اسأل: وهل تحسبون انكم واقعيون حين تحملون السلاح تحت لواء زعيم متخبط، وتعتقدون ان تنظيم حفلة الدم في الانبار، سيمنع القاعدة من قتل الشيعة؟ او ان المشكلة ستنتهي حين تحاولون نسيان ان الموضوع الامني والسياسي ادير بخطايا وأخطاء قدمت خدمة جليلة الى القاعدة، التي ستكون مسرورة بإدامة المعركة ألف عام آخر لتقاتل حتى آخر سني وشيعي عراقي؟ وتنسون ان الكثير من المنحازين الى طوائفهم، انما يقودونها الى كارثة عمياء، على سراط اعوج امتلأ بسيناريوهات العقول الاكثر خبثاً ودهاء؟ ولماذا يصح لكم ان تقودوا طوائفكم بهذا التخبط، الذي جربتم كيف يسعر الحرائق ولا ينجح، بينما لا يصح لنا ان ندعو اهلنا الى تجربة سياسة جديدة نزعم انها الاقل كلفة والأصح نهجاً؟
ان مشكلتنا لا تنحصر بالذبح، فشيوع الذبح دليل على مشكلة اكبر هي انعدام السياسة. واذا بقيت السياسة منعدمة فإن عشرة ملايين جندي يطلقون النار، لن ينجحوا في وقف الموت. وما يحصل اليوم سيضاعف انهار الدم. لقد عجز رأس السلطة عن الانخراط في لعبة الاذكياء المحسوبة، وعجز عن رؤية القاعدة وما تعتاش عليه. وحين طالبه جمهوره بوقف الموت، لم يمسك بالقاعدة، فذهب الى "طائفة تنظيم القاعدة" لتحميلهم المسؤولية. والامر ينحط بنا من دولة لديها مسؤولياتها وتدبيرها الحكيم في الحرب على الارهاب كما يفترض، الى عشيرة تعجز عن الامساك بالمجرم، فتأخذ عشيرته (طائفته) رهينة لديها وتعرضها لاشكال الهوان. وهذا ثأر اعمى لا يبني دولة بل يجعلنا في تيه ابدي وسط صراعات القبائل، وسيعرضنا الى مزيد من الموت ويرمينا في حرب اكبر.
لقد اختل توازن الحاكم، منذ ٢٠١٠، فراح يخرب التسويات السياسية، وفتح ابواب البلاد على مصراعيها، امام نمو اشكال التطرف، ثم قطع الخيوط المتبقية مع تركيا والخليج، تحت شعار اننا (حكام الشيعة العراقيين) نكتفي بعلاقة مع اميركا، ولا يهمنا ان نخسر معتدلي السنة العراقيين ومعهم الخليج وتركيا. وهكذا فقد بدأ شن معركة ضد القاعدة، دون اي تنسيق او حوار مع الجوار الاقليمي، ووسط موقف غير صحيح في سوريا، وفي لحظة توجيهه الاتهام للمعارضين السنة العراقيين بالارهاب دون استثناء تقريبا! ومثل هذه المعارك ليس من شأنها ان تكسب، ومثل هذا النهج لم يمكن صدام حسين من السيطرة على شعبه وكسب ولائه.
ومقابل هذا الموقف الذي يزعم الدفاع عن الدم الشيعي، يوجد شيعة يحبون طائفتهم ايضا وتسيل دماؤهم معها، لكنهم يعتقدون ان الحرب على الارهاب "بشرطها وشروطها" وان حقن الدم الشيعي لن يصبح ممكنا اذا لم يحقن الدم العراقي بأسره، واذا لم تبرم صفقة كبرى تجعل السنة يشعرون بأنهم ليسوا مطاردين بأوامر قضائية تثير السخرية، وتطلق حوارا كبيرا لارساء الحد الادنى من الثقة مع تركيا والخليج بموازاة اي تفاهم مع ايران.
لقد جربنا نهج المالكي في مواجهة الارهاب، وفشل وسيظل يفشل، وستبقى مغامراته تعرض الدم الشيعي والسني، الى الهدر. ويمكن لك "عزيزي الطائفي" ان تعيد النظر في طريقة حبك لطائفتك، وتتمنى على رؤوسها ان يرتقوا الى مسؤولياتهم الكبيرة في الشرق الاوسط، كي يوفروا الظروف اللازمة لاعلان حرب الدولة على الارهاب، لا حرب القبيلة (الطائفة) على الطوائف الاخرى. ان المتألم من سيول الدم، يحتاج معركة يمكن ان تُكسب، ومعركة مختار العصر خاسرة، ستظل برسم الفشل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 13

  1. اكرم حبيب

    شكرا سرمد مع احترامي

  2. فلاح حسن

    هذا الكلام بالرغم من واقعيته الا انه لأيخلو من ظلم واضح بان تجعل مايدور واقعا باتجاه سياسة راس الهرم وحده وانت تعلم ان القرارات تؤخذ في مجلس اسمه مجلس الوزراء الذي حرص الجميع وبلا استثناء ان يكون لهم تمثيل فيه على ان يمارس دورا ليس له الحق فيه وهو دور الم

  3. ammar

    قرات مقالتك ولي عليها ملاحظات: 1- ممالاشك فيه ان الشيعة هم من يدفع الثمن والثمن هو الدم الشيعي . 2- السنة بين اثنين اما قاتل واما راضي عن قتل الشيعي وهناك قلة قليلة جدا يكاد لايرون وهم الذين لايرضون عن قتل الشيعي. 3- من خلال تجربتنا مع قتلتنا في اعوام الط

  4. alwan saad

    اتمنى ان يحقق الموضوع النتائج المرجوة من كتابته . اعتقد المشكلة في جهل الشعب ز وحتى بعض الاشخاص الذين نلتقيهم ويدعون الثقافة وادراك المشكلة نجدهم في لحظة ما ينحرفون بفكرهم نحو الجهل . الحقيقة مللنا العيش في هذا المجتمع نحن الذين لم نتعود على هذا الوضع ال

  5. فادي أنس

    شكرا أيها المبدع سرمد الطائي ولكن للتاريخ أقول ياأخي سرمد أن 99% من المجتمع العراقي أصبح العيش بينهم مستحيلا.

  6. رعد الصفار

    شكرا لهذه المقالة

  7. حنا السكران

    بعد المظلومية ل 1400 عام تبدأ الان المظلومية للوجه الاخر , لم تمض الا عشرة اعوام فلا تتعجل انتظر 1390 عاما لنتعادل ونكتشف اننا كنا على خطأ ونجلس سوية نتفاهم ونتعايش في وطن واحد .

  8. صادق حسين

    لا أدري لماذا عادت بيَّ الذاكرة الى العام 1991 وانا اشهد من شاشة العراقيه الفضائيه احد احد كبار الضباط وهو ينادي على قائد طائرة الهليكوبتر ( كل متحرك هو عدو ، أريدك تضرب كل شيء يتحرك ) عادت بي الذاكره الى 1991 وفيلم( تم تسريبه في ذلك الوقت) قصف الناصريه و

  9. سهام داود

    سيظل الدم العراقي شيعي كان او سني ينزف مادامت هذه الحكومة والبرلمان وكل المشاركين في هذه المهزلة والتي اسمها الحكومة العراقية وبيدهم رقاب العباد لاحل قريب الا بزوال هؤلاء.

  10. علي كريم

    اجد الحديث عن الطوائف والاديان امرا مقرفا وسيتسبب في ضرر كبير. مادامت هناك من يختبئ وراء مذهب او دين ومادام هناك من يخاف التصريح برفضه لهذه التقسيمات الكاذبه التي لايمكن ان تصمد امام اي نقاش منطقي ستبقى الطائفيه والمذهبيه سلاحا يستخدمه من يريد ليجمع حوله

  11. نبيل

    يا أخي من شان الله شو الدم الشيعي والدم السنة اذا جينا للدم نفس العشيرة فيها سنة وشيعة هذا دم عراقي عربي كله غالي حرام اللي بتعملوا بنفسكم وباطفالكم ارحموا حالكم يا جماعة زعلانين على صدام لانه دخلكم في حروب وخسرتم ابناء لكم طيب من الاحتلال لحد الان

  12. نبيل

    امثال المالكي هم التربة الخصبة اللتي تعيش بها القاععدة وداعش وغيرها ويبدوا هذا ما يريده المالكي ان يجعل كل السنة العراقين قاعدة

  13. نبيل

    وبعدي هاي القاعدة تأخذ الشرعية من المالكي انها تدافع عن السنة فعل وتنتشر في الوطن العربي بين الشباب وهذا دمار لكل الامة يبدوا ان البعض يريد الانتقام من صدام بعد مماته بالانتقام من الامة العربية وكان الامة هي ملكا لشخص

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram